Tuesday, October 22, 2013

الديون الخارجية ارتهان للغرب

الديون الخارجية ارتهان للغرب

قال وزير المالية السوداني علي محمود، إن السودان خطى خطوات واسعة نحو إعفاء ديونه الخارجية، خاصة بعد أن قدم تصوره كاملاً بكيفية علاج الديون الخارجية، بعد أن استوفى كافة الشروط الخاصة بإيفاء مستحقات الديون.
ووصف وزير المالية المؤشرات التي حظي بها السودان من الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وصندوق النقد فيما يتعلق بإعفاء ديونه الخارجية بالإيجابية.
واعتبر علي محمود في تصريحات أن وجود الوسيط الأفريقي أمبيكي بجانب وجود حكومة جنوب السودان، كان له الدور الأكبر في المطالبة بإعفاء ديون السودان الخارجية، وقال إن المباحثات التي أجراها مع وزير مالية الجنوب تتعلق بكيفية الإسراع في حل ديون السودان واتفاقهما على تسريع خطى اللجنة في هذا الجانب.
ونوه الوزير إلى أن الاجتماع الذي تم بخصوص ديون السودان الخارجية سادته روح التفاؤل نسبة للإشارات الإيجابية التي تمت من قبل الدول الدائنة، وأشار إلى أن السودان يعول كثيراً على الاجتماعات اللاحقة نظراً لما تم في الاجتماع السنوي لمجموعة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، والتي تناولت بحث ديون السودان التي بلغت 42 مليار دولار (شبكة الشروق).
إن الديون الخارجية التي هي محصلة سياسات اقتصادية فاشلة يجب الاعتراف بفشلها، فكيف يستدين بلد غني بموارده الذاتية؟!، الجواب نتيجة لفشل سياساته وسياسة الذين عجزوا عن تسيير أمور الناس إلا استنادا إلى قروض من الأعداء، مشروطة بإملاءات وارتهانات كارثية، تجعل البلاد والعباد في قبضة دول الغرب الرأسمالية، تملي على حكامها ما يخدم مصالحها، بغض النظر عما تجره من ويلات على بلادنا، وما انفصال الجنوب عنا ببعيد، تلك الكارثة التي قادت السودان إلى أزمات متلاحقة؛ اقتصادية وسياسية وحروب وفقر... والقائمة تطول.
ولا نجافي الصواب إذا قلنا إن الديون من أعداء المسلمين تضاهي المقاتلات الحربية التى تنشرها حضارة الغرب في بلاد المسلمين، وتصب حممها على رؤوسهم. هذه الديون كلما عجزت هذه الدويلات عن السداد تتضخم المبالغ بصورة فلكية، وتصبح مشكلة لا يتصور لها الحكام القائمون حلاً، إلا بالاستجداء والارتهان للدول الدائنة.
وكما هو معلوم فإن ديون السودان الخارجية لا تتحمل حكومة الخرطوم وحدها فاتورة سدادها، فدولة الجنوب لديها نصيب من هذه الديون. هذا ما أكدته جولة المفاوضات الأخيرة التي عقدت في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، والتي أسفرت عن توقيع الدولتين للمصفوفة الاقتصادية، حيث ناقشت المصفوفة في بعض بنودها مسألة معالجة قضايا الديون الخارجية، فاتفق الطرفان على العمل على تنفيذ اتفاقيات التعاون المشترك، والتي تشمل الترتيبات الأمنية، النفط، التجارة، البنوك والمصارف، الديون الخارجية.
وأكدت المصفوفة أن شطري السودان سيعملان على بحث إعفاء الديون الخارجية مع الجهات المانحة خلال عامين، وفي حال لم يتم ذلك، فسيكون الخيار الوحيد أن يتم تقسيم الديون بين البلدين حسب المعايير الاقتصادية المعروفة.
بالرغم أن الدين الخارجي كان هو أحد البنود العالقة بين دولتي السودان وجنوب السودان وهذا ما يفسر تدخل دولة جنوب السودان في إعفاء ديون السودان، يرى بعض المراقبين أن مسألة إعفاء ديون السودان الخارجية ارتبطت بتجاذبات سياسية ما بين واشنطن والخرطوم، حيث إن واشنطن تربط منح الدعم وإعفاء الديون بشروط قاسية، وغير موضوعية؛ تشمل تنفيذ بنود عالقة في اتفاق نيفاشا من جهة، ومعالجة الأوضاع في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق ودارفور من جهة أخرى، وبالرغم من أن الانفصال قد تم إلا أن وعود المانحين لم يتم الوفاء بها..
وحسب وجهة نظر بعض المراقبين فإن عدم استجابة الدائنين لإعفاء الدين هو أن السودان لم يستوف شروط الإعفاء التى حددتها مبادرة الهيبك (الدول المدينة) التي تحدد مجموعة شروط لشطب الديون، أهمها تحسين سجل حقوق الإنسان ومساواة المرأة بالرجل، وتبني برنامج اقتصادي بالاتفاق مع صندوق النقد الدولي فيما يعرف بالتكيف الهيكلي الذي من نتائجه الإجراءات التقشفية، ومنها رفع الدعم عن المحروقات، وغيرها من أوامر صندوق النقد الدولي.
ولمحاولة طرق كل الأبواب قامت الدبلوماسية السودانية بالبحث عن حل لأزمة الديون هذه في العواصم الأوربية بعد أن يئست من الاستجابة الأمريكية، ويرى بعض المراقبين أن هذا الأمر أكدته جولة وزير الخارجية ووزير الدولة برئاسة الجمهورية، من خلال زيارتهما الأخيرة إلى دول أوروبية حيث أشارا إلى أن بعض الدول الغربية قد أبدت تفهما لحل قضية ديون السودان.
ولنا أن نسأل فيمَ أنفقت هذه الديون؟ وماذا جنينا من كل هذه القروض الربوية؟ وأين التنمية المزعومة؟ أين المشروعات التي استُدينت لأجلها كل هذه الأموال؟ أين الرخاء الموعود؟ أين رغد العيش الذي يَمُنّون به علينا؛ فهل أصبحنا كباسط كفّيه إلى الماء ليبلغ فاه وما هو ببالغه؟ ماذا جنينا من هذه القروض التي تمحق البركة وتوجب غضب الجبار، قال تعالى:
((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ)).
جنينا غضب رب العالمين وحربًا من الله ورسوله، جنينا فشلاً اقتصاديًّا بسبب "روشتّة" صندوق النقد الدولي؛ هذا الصندوق الذي لا يرقب فينا إلا ولا ذمة قال تعالى:
((كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلا ذِمَّة)).

إن الغرب؛ أمريكا وأوروبا وأذرعها الاقتصادية، ودويلة جنوب السودان، ومبعوث الآلية الأفريقية، لم يكونوا يوما أصدقاء، كل هؤلاء هم أعداء، ولا تهمهم مصلحة لأهل السودان، ويكفينا خططٌ استعمارية تدس السم في الدسم.
فبلادنا مواردها غنية عن التعريف ولكن نظام الحكم فيه يسير على غير هدى من رب العالمين، فهي تتبع في سياساتها للغرب، تستجديه في كل حين، ولا تجد عوناً مع قدرتها على الانعتاق! لأنها أصلا لا تفكر في الانعتاق إلا مجرد شعارات (يا مريكا اختينا قمحنا كتير بكفينا وما دايرين دقيق فينا).
أما الناحية العملية فتقول غير ذلك، مشاريع غير ذات جدوى تماماً كما ذكر جون بيركنز في كتابه اعترافات قرصان اقتصادي (إن القروض للدول النامية هي تدمير للاقتصاد وتنتج مشاريع غير ذات جدوى).
إن هذه القروض الربوية، ما هي إلا أداة من أدوات الاستعمار الجديد، والتي تتمكن من خلالها الدول الكبرى من بسط سيطرتها الاقتصادية ومن ثم السياسية على بلادنا فنصبح في بلادنا غرباء نعانى الفقر والجهل والتخلف، بينما تنعم الدول الاستعمارية بثرواتنا، ويكفي أن نتذكر أن الغرب قائم على فكرة النفعية التي لا تفارقه في صغيرة ولا كبيرة حتى نعرف أنه من المستحيل أن تكون هذه الفكرة إلا لمصلحته والتي تتنافى مع مصلحة غيره ومنهم المسلمين.
فحري بالمسلمين أن يحاربوا هذه الفكرة بكل ما أوتوا من قوة، وأن يرفضوا تطبيق المبدأ الرأسمالي عليهم، والذي يشكل أساساً لكل هذه التصرفات والسياسات غير المسؤولة، والفاقدة لحس الرعاية، التى أوجبها الله سبحانه على الدولة بوصفها دولة، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «فَالْإِمَامُ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ»، وقوله صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ وَالٍ يَلِي رَعِيَّةً مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَيَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لَهُمْ إِلَّا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ»، وأن السعي إلى تطبيق المبدأ الإسلامي لهو المخلص الوحيد من كل ما نحن فيه من فقر وضنك، وتسلط للكافر المستعمر علينا، وذلك بالعمل الجاد لتغيير الأنظمة القائمة في بلاد المسلمين بطريقة شرعية وتوحيدهم في كيان سياسي واحد هو الخلافة الراشدة، فوحدة المسلمين هي سر قوتهم، وضمان عيشهم، وخلاصهم من الارتهان لسياسات الغرب الخادعة التي أهلكت الحرث والنسل.
كتبته للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أم أواب غادة عبد الجبار
18 من ذي الحجة 1434
الموافق 2013/10/23م

No comments:

Post a Comment