Sunday, October 20, 2013

مع الحديث الشريف: " باب لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل فيتمنى أن يكون مكان الميت من البلاء"

مع الحديث الشريف: " باب لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل فيتمنى أن يكون مكان الميت من البلاء"

نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
جاء في صحيح الإمام مسلم في شرح النووي "بتصرف" في " باب لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل فيتمنى أن يكون مكان الميت من البلاء".
حدثنا نصر بن علي الجهضمي حدثنا بشر يعني ابن المفضل ح وحدثنا علي بن حجر السعدي حدثنا إسماعيل يعني ابن علية، كلاهما عن سعيد بن يزيد عن أبي نضرة عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من خلفائكم خليفة يحثو المال حثيا لا يعده عددا". وفي رواية ابن حجر يحثي المال.
قوله صلى الله عليه وسلم: " يكون في آخر أمتي خليفة يحثي المال حثيا. ولا يعده عددا " وفي رواية " يحثو المال حثيا " قال أهل اللغة: يقال: حيث أحثي حثيا، وحثوث أحثو حثوا، لغتان، وقد جاءت اللغتان في هذا الحديث، وجاء مصدر الثانية على فعل الأولى، وهو جائز من باب قوله تعالى: والله أنبتكم من الأرض نباتا والحثو هو الحفن باليدين، وهذا الحثو الذي يفعله هذا الخليفة يكون لكثرة الأموال والغنائم والفتوحات مع سخاء نفسه.
أيها الأحبة الكرام:
مع أن الواقع لا يقبل المقارنة بين حكام الأمس وحكام اليوم، بين حكام رضعوا الخسة والذل فأصبحوا عاجزين، وبين حكام حلَّقت أسماؤهم وأفعالهم في سماء المجد والعلياء، بين حكام قاموا لله قانتين وحكام قاموا للشيطان راضخين طائعين، مع ذلك البون الشاسع إلا أن العقل يرفض إلا أن يعقد هذه المقارنة، بين هؤلاء وأولئك.
فقد أصبحت المعاني مقلوبة تماما في هذا الزمان، فحكام المسلمين يحثون الأموال من شعوبهم حثوا، يفتحون أكفهم وجيوبهم وينهبون أموالهم تحت أسماء سموها هم وآباؤهم ما أنزل الله بها من سلطان، مثل الضرائب والغرامات والمخالفات والضمانات وغيرها. ووضعوا أيديهم على نفطهم وممتلكاتهم العامة والخاصة، ما جعل المسلمين يعيشون حياة الفقر والبؤس والحرمان، وهاكم صورة واحدة فقط من صور البؤس والقهر والضياع، ننقلها لكم -أيها المسلمون- من بلاد المغرب العربي، فقد نشرت جريدة المساء في عددها الصادر يوم الأربعاء في الثامن من مايو لعام ألفين وسبعة خبرا مفاده أن أسرة من خمسة أفراد تعيش في مرحاض عمومي بمدينة سلا، تحصل على قوت يومها من مساعدات بعض المحسنين ومما تبقى من فضلات الخضر والفواكه في القمامة قرب السوق المجاور للمرحاض، والمصيبة الأكبر والأقذر أن تحدد وزارة الداخلية هناك مكان إقامة العائلة، على البطاقة الشخصية للأم والأب في "مرحاض سيدي أحمد حجي" وهذا العنوان يرد في مختلف الوثائق الرسمية للأسرة، وفي مختلف الرسائل التي تصلها بما في ذلك الرسائل المدرسية. أي مصيبة هذه التي لحقت بالأمة فوصلت إلى هذا السقوط؟ أيعقل أن يستخف الحكام بها إلى هذا الحد؟ أعلمتم الآن - أيها المسلمون- لماذا اندلعت الثورات؟
أيها المسلمون: ألا تفرقون بين اللص والحاكم، بين المقاتل والمقاول؟ ألم تعلموا أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- خشي أن يسأله ربه عن بغلة وقعت على ضفاف الفرات وأن يقول له لماذا لم تعبد لها الطريق يا عمر؟؟
هكذا نفرق إذن بين الحدائق والمزابل، وهكذا عاشت الأمة بين حكام عرفوا الله فعاشت الدنيا كلها خير هذه المعرفة، وبين حكام عصوه فعاشت شر هذه المعصية.
اللهمَّ عاجلنا بخلافة تلم فيها شعث المسلمين، ترفع عنهم ما هم فيه من البلاء، اللهمَّ أنرْ الأرض بنور وجهك الكريم. اللهمَّ آمين آمين.
أحبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كتبه للإذاعة: أبو مريم
16 من ذي الحجة 1434
الموافق 2013/10/21م

No comments:

Post a Comment