Thursday, May 21, 2020

رسائل رمضانية الرسالة السابعة والعشرون

رسائل رمضانية الرسالة السابعة والعشرون

أفضل العبادات أداء الفرائض
الحَمدُ للهِ الذي فَتحَ أبوَابَ الجِنَانِ لِعبَادِهِ الصَّائمينْ، وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلى أشرَفِ الأنبيَاءِ وَالمُرسَلينْ، المَبعُوثِ رَحْمَةً لِلعَالمينْ، وَآلهِ وَصَحبهِ الطيِّبينَ الطَّاهرينْ، وَمَنْ تبِعَهُ وَسَارَ عَلى دَربهِ وَاهتدَى بهَديهِ وَاستَنَّ بسُنَّتهِ، وَدَعَا بدَعوَتهِ إلى يَومِ الدِّينْ.
أحبتنا الكرام: السلامُ عليكم ورحمةُ اللهِ وبركاتُه، وبعد: إليكم الرسالة السابعة والعشرين من "الرسائل الرمضانية من هدي القرآن والسنة النبوية"، وهي بعنوان: "أفضل العبادات أداء الفرائض".
إخوةَ الإيمانِ: أيها الصائمون:
مما لا شك فيه أن شهر رمضان شهر فرض الله علينا فيه الصيام، وندب إلينا القيام، وجعل أجر الفرض بسبعين، وأجر النافلة كالفرض، وفيه ليلة هي خيرٌ من ألف شهر. ولكن الاقتصار على هذه الأمور لا يكفي فقد جاء في الحديث القدسي الذي رواه صلى الله عليه وسلم عن ربه: «ما تقرب إلى عبدي بشيء أحب مما افترضته عليه». ولنستذكر أقوال بعض صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه المسألة: فهذا سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: أفضل الأعمال أداءُ ما افترض الله، والورعُ عما حرم الله، وصدق النية فيما عند الله تعالى. وهذا سيدنا عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه يقول في خطبته: أفضل العبادات أداء الفرائض واجتناب المحارم.
ولا ننسى وصية سيدنا أبي بكر لسيدنا عمر رضي الله عنهما لما حضر أبا بكر الصديق الموت دعا عمر فقال له: "اتق الله يا عمر، واعلم أنَّ لله عملاً بالنهار لا يقبله بالليل، وعملاً بالليل لا يقبله بالنهار، وأنه لا يقبل نافلة حتى تؤدى فريضته". إن شهر رمضان شهر خيرٍ وبركات، يجب علينا أن نتذكر فيه كيف نؤدي الحقوق وكيف نرضي الله الذي لا إله إلا هو؟ فهل يرضى ربنا بالصيام فقط؟ هل يرضى ربنا بالصلاة فقط؟ هل يرضى الله بالزكاة فقط؟ ما الذي يرضي الله تعالى عنا؟ الله تعالى لا يرضيه أن نصوم ونقوم ونصلي ونزكي ونحج ونترك باقي أحكام الإسلام معطلة! الله تعالى يغضبه أيُّ تفريط وأيُّ تقصير مهما كان صغيراً أو كبيراً! الله تعالى يغضب للذين يُذبحون من المسلمين على أيدي الكافرين! الله تعالى يغضب لصرخات الأرامل هنا، ولبكاء المشرّدين هناك! الله تعالى يغضب للأطفال الذين يموتون من قلة الغذاء والدواء! الله تعالى يغضب إن وجد مظلوم على وجه الأرض! الله تعالى يغضب عندما يُنتهك عرض امرأة مسلمةٍ في أقصى الأرض! الله تعالى يغضب عندما يساء لرسولنا وقائدنا وحبيبنا محمد عليه السلام! الله تعالى يغضب عندما يساء لقرآننا العظيم! الله تعالى يغضب عندما يرى السكوت على الباطل! الله تعالى لا يرضى منا القيام بالعبادات فقط، فلا بد لنا أن نكمل العمل حتى نهايته، وتحقيق غايته، أي أن نُتمَّه كما أمر الله، ولا يتمّ العمل إلَّا بإقامة دولة الخلافة، إلَّا بالإتيان بأمير المؤمنين، لكي يحق الحق ويبطل الباطل!
الصلاة والصوم والزكاة والحج والجهاد وكل أحكام الإسلام مرتبط تنفيذها أي مرتبط وجودها مطبقة في حياة المسلمين مرتبط ارتباطا شرطيا بوجود الدولة الإسلامية وبوجود خليفة المسلمين. فالصلاة ليست أداء فقط، وليس دعوة لها فقط بل هذه وتلك وفوقها ومعها محاسبة تارك الصلاة، وكذلك باقي الأحكام. فمن يحاسب تارك الصلاة ويقيم عليه الحد سواء كفراً أم حداً، أليس خليفة المسلمين؟ ومن يحاسب تارك الزكاة أليس خليفة المسلمين؟ ولنا في أبي بكر رضي الله عنه عبرة عندما قاتل المرتدين وقال قولته المشهورة: "والله لو منعوني عقال بعير كانوا يؤدونه لرسول الله لقاتلتهم عليه". أليست القاعدة الشرعية المتفق عليها تقول: إنَّ ما لا يتم الواجب إلَّا به فهو واجب؟
اللهُمَّ أقـِرَّ أعْيُنَنَا بـِقيَامِ دَولةِ الخِلافَة، وَاجْعلْنـَا مِنْ جُنُودِهَا الأوفِياء المُخلِصينْ.
وَالسَّلامُ عَليكـُم وَرَحمَةُ اللهِ وَبَرَكاتهُ.
  28 من رمــضان المبارك 1441هـ   الموافق   الخميس, 21 أيار/مايو 2020مـ

No comments:

Post a Comment