Saturday, April 27, 2013

مع الحديث الشريف: القمار

مع الحديث الشريف: القمار

نحييكُم جميعا أيها الأحبةُ في كلِ مكانٍ، في حلْقةٍ جديدةٍ من برنامِجكُم "مع الحديثِ الشريفِ" ونبدأُ بخيرِ تحيةٍ، فالسلامُ عليكُم ورحمةُ اللهِ وبركاتُهُ
من قالَ لصاحِبِهِ تعالَ اقامِرُكَ
روى البخاريَ في صحيحِهِ قالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ( مَنْ حَلَفَ فَقَالَ فِي حَلِفِهِ وَاللَّاتِ وَالْعُزَّى فَلْيَقُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَمَنْ قَالَ لِصَاحِبِهِ تَعَالَ أُقَامِرْكَ فَلْيَتَصَدَّقْ).
جاء في حاشية كتاب نيل الاوطار للشوكاني:
قوله:( فَلْيَقُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ) في الأمرِ لِمن حلِفَ باللاتِ والعزى أن يتكلمَ بكلمةِ الشهادةِ دليلٌ على أنهُ قد كفرَ بذلكَ.
قوله: ( فليتصدَقْ ) فيه دليلٌ على المنعِ من المقامرةِ, لأن الصدقةَ المأمورِ بها كفارةٌ عن الذنبِ, قالَ في القاموسِ: وقامرَهُ مقامرةً وَقِمَارًا فَقَمَرَهُ كَنَصَرَهُ وَتَقَمَّرَهُ رَاهِنُهُ فَغَلَبَهُ وَهُوَ التَّقَامُرُ ا.هـ , فالمرادُ بالقمارِ المذكورِ هنا الميسرُ ونحوَهُ مما كانت تفعلُهُ العربُ, وهو المرادُ بقولِ اللهِ تعالى : ((إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ)). وَكُلُّ مَا لَا يَخْلُو اللَّاعِبُ فِيهِ مِنْ غَنَمٍ أَوْ غُرْمٍ فَهُوَ مَيْسِرٌ, وَقَدْ صَرَّحَ الْقُرْآنُ بِوُجُوبِ اجْتِنَابِهِ, قال الله تعالى: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)).
كما نرى فإن آياتِ تحريمِ القمارِ أيِ الميسرِ قد أكدَتْ على هذا التحريمِ بعدةِ وجوهٍ منها:
تَصدرُ الجملةِ بأداةِ التوكيدِ إنَّ .... إنَّما الخمرُ والميسرُ ...
قرنتها بعبادةِ الأصنامِ إذ وصفَها بوصفٍ وصفَ به الأوثانَ وهو الرجسُ قالَ تعالى: ((فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَان)).
أنه تعالى جعلَها من عملِ الشيطانِ .... والشيطانُ لا يأتي منهُ إلا الشرُ.
إنه أمرَ باجتنابِها .... وجعلَ الاجتنابَ من الفلاحِ ..... فإذا كان الاجتنابُ فلاحاً فإن الارتكابَ خيبةً وخسرانا.
ذكرَ ما يُنتِج عنها من الوبالِ... ا- وهو وقوعُ التعادي والتباغضِ من أصحابِ الخمرِ والميسرِ.
ما يؤديانِ إليه من الصدِ عن ذكرِ اللهِ وعدمِ مراعاةِ أوقاتِ الصلاةِ.
وأخيراً ختامُ الآيات بعبارة من أبلغ عبارات النهي وهي قوله تعالى : ((فهل أنتم منتهون )) ..... فكأنه يقول: قد تلي عليكم ما فيها من أنواع الصوارف والموانع فهل أنتم بعدها منتهون؟
إن القمار اليوم لم يعد يقتصر على تعال أقامرك بلعب الورق أو النرد كما لا يقتصر على اطلاق الحمام وانتظار أإلى الشرق توجه أم إلى الغرب .....أو سحب سهم أفعل أو لا تفعل ..... بل لقد طور أعداء الله وتابعهم سفهاء الأمة وغافلوها طوروا أساليب القمار وأدخلوا عليها من صور الإغراء والخداع ما جعل الكثيرين يقبلون عليها دون وعي أو إدراك ....أو بفتوى غير شرعية تبيح تلك المعاملات أو الألعاب ... فاليوم أصبحت المراهنات تقام على صراع الديكة وسباق الكلاب والذئاب والنوق والنعام فضلا عن سباق الخيل, والمراهنات على لعبة البلياردو... ومباريات كرة القدم وكرة السلة وأمثالها من الألعاب الرياضية التي لم تعد وسيلة للتسلية والمتعة البريئة بل وسيلة للكسب السريع بغض النظر عن حل هذا الكسب أو حرمته.
وأما عن المسابقات التي تبث عبر التلفزيونات والإذاعات والهواتف المحمولة وسائر وسائل الاعلام .... فحدث ولا حرج .... ونحن لا نقصد بالطبع عموم المسابقات بل تلك التي يكون سعر الاتصال فيها أعلى من سعر المكالمة العادية أو الرسالة النصية العادية ..... وهكذا فإن من لا ينجح في المسابقة يكون قد خسر ثمن المكالمة أو الرسالة في حين أن الفائز قد ربح ذلك المال الذي دفعه الخاسرون .... فالجائزة عادة تُجمع من ثمن المكالمات أو الرسائل النصية المرسلة .... ولتشجيع الناس على المشاركة في مثل هذه المسابقات الرخيصة يكون السؤال أو الأحجية سهلاً لدرجة تثير السخرية بل الاشمئزاز ..... فأين المتعة أو التسلية وأين الإضافة العلمية أو الثقافية من مثل تلك المسابقات .... اللهم إلا إغراء الناس ليكثر عدد الاتصالات ويتم تغطية ثمن الجائزة بل وفوق الجائزة من جيوب المتصلين للوقوع في معصية الله وارتكاب جريمة القمار وهم لا يشعرون أن ما يشاركون فيه هو القمار بعينه.
وهناك بيع المغلفات المغلقة دون إظهار ما بداخلها ...... بسعر واحد مع اختلاف الأشياء الموجودة داخل المغلفات في النوع والعدد والقيمة ..... وهو من بيع الغرر الذي ينطبق عليه معنى القمار .... لكن الناس يتعاملون به خاصة وأن الفئة المستهدفة غالباً ما تكون هي الأطفال ..... الذين تغريهم المفاجآت ويسعدهم الحظ السعيد ..... لكن أين تقوى الله من قبل التاجر ..... والرعاية من قبل الأهل في غرس المفاهيم الصحيحة لدى أبنائهم وليس السكوت على إقدامهم على هذه المعاملات المشبوهة بحجة أنهم صغار غير مكلفين. وأينَ الحكوماتُ والأنظمةُ ووزاراتُ الأوقافِ والهيئاتُ الشرعيةُ عن كلِّ هذا؟
وهناك أوراق اليانصيب بكل أنواعها ودوافعها .... فالجائزة التي يحصل عليها الفائز في اليانصيب هي من أموال المشتركين الذين اشتروا أوراقاً ودفعوا ثمنها ولم يحصلوا على أي مقابل .... فهي في النهاية أموال كسبها الفائز على حساب الخاسر فإن لم يكن هذا هو القمار فما هو إذن ......
وإن هناك من أنواع وأشكال القمار الأخرى الكثير لكننا لسنا في معرض سرد ها جميعاً بقدر ما نريد لفت النظر إلى واقع القمار وحقيقته وشدة إثم من يقترفه حتى يحرص المسلمون على فهم واقع كل ما هو مستحدث يصلنا من الغرب أو يبدعه التجار الرأسماليون من أبناء الأمة الذين لا يهمهم سوى تحقيق المرابح واستغلال الفرص لخداع الناس وسرقة أموالهم أمام أعينهم وهم لا يشعرون ثم التحذير من غضب الله وسخطه لكل من يستهين بهذه المعاملات ولا يجد غضاضة في التعامل بها خاصة ونحن في عصر النظم الرأسمالية المادية التي لا يهمها سوى كسب المال وتكديسه دون النظر من أين أتى أو إلى أين يذهب ...... إن المال الذي يكسبه الفرد من القمار هو مال محرم لأن كسبه كان بطريقة حرمها الشرع.
ومع تحريم الاسلام للقمار .......فإن الدول الرأسمالية الغربية منها والشرقية بل ودول العالم الاسلامي ... تشجع هذه المعاملات بل تقنن هذا القمار فتضع له القوانين لتنظيمه وإدارته تحت مسميات متنوعة ....اليانصيب الوطني ......اليانصيب الخيري ..... وغيرها من التسميات اللامعة لتغطية واقع هذه المعاملة المحرمة .... والهدف زيادة الدخل الأهلي كما يزعمون.
....والأدهى أن بعض المحسوبين على العلماء أباحوا اليانصيب بدعوى أنه ليس من القمار لأنه لا يأتي بالمغالبة وإنما بالقرعة وبعضهم أباح اليانصيب الخيري كما أسموه.... أي الذي يذهب ريعه إلى تمويل مشاريع خيرية متجاهلين أن الله طيب لا يقبل إلا الطيب من المال والأعمال .... ومتناسين أن تغطية نفقات هذه المشاريع الخيرية هي في الاسلام من واجبات الدولة بكل بساطة .... فالدولة مسؤولة عن كفالة اليتيم إن لم يكفله أحد المسلمين .... وهي التي توفر المؤسسات التي تعتني بالمرضى وذوي الاحتياجات الخاصة بقدر طاقتها لكنها أبداً لا تبيح الحرام من أجل القيام بمثل هذه المسؤوليات حتى لو كانت فرضاً ... بل تلجأ للحلول الشرعية .... فالإسلام فيه الحلول لكل ما يمكن أن يحدث من مشكلات .... فعجل اللهم لنا بدولة الإسلام لنرى كيف تعالج مشاكل الناس على اختلاف أنواعها اقتصادية أو سياسية أو اجتماعية .... فالله تعالى يقول : " الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ".
احبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
 16 من جمادى الثانية 1434 الموافق 2013/04/26م

نفائس الثمرات: دعاء معاذ حين حضرته الوفاة
نادى الصحابي الجليل معاذ بن جبل، حين حضرته الوفاة، وجاءت ساعة الاحتضار، ربه قائلا: "يا رب إنني كنت أخافك, وأنا اليوم أرجوك، اللهم إنك تعلم أنني ما كنت أحب الدنيا لجري الأنهار, ولا لغرس الأشجار، وإنما لظمأ الهواجر, و مكابدة الساعات, ومزاحمة العلماء بالركب عند حلق العلم". ثم فاضت روحه بعد أن قال: لا إله إلا الله
 اللهم ارزقنا فكرهم وعزمهم
وَصَلِّ اللَّهُمَّ عَلَىْ سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ وَعَلَىْ آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ وَالسَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ
 17 من جمادى الثانية 1434 الموافق 2013/04/27م

نفائس الثمرات: حقيقٌ على مَن عَرَفَ أن الموتَ موردُهُ
قال الحسن البصري رحمه الله: حقيقٌ على مَن عَرَفَ أن الموتَ موردُهُ، والقيامةَ موعدُهُ، والوقوفَ بين يدي الجبارِ، مشهدُهُ، أن تطولَ في الدنيا حسرتُهُ، وفي العمل الصالح رغبتُهُ.
آداب الحسن البصري وزهده ومواعظه لأبي الفرج ابن الجوزي
 وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
 16 من جمادى الثانية 1434 الموافق 2013/04/26م

نَفائِسُ الثَّمَراتِ: أيها الرجال رفقاً بالقوارير
ضاق رجل ذرعاُ بزوجته، لأنها ترفع صوتها عليه
فـذهب يشكوها إلى أمير المؤمنين (عـمـر بن الخـطـاب) وعندما وصل وهمَّ بِطَرْقِ الباب سَمِعَ صَوْتَ زَوْجَةِ عُمَر يَعْلو عَلى صَوْتِهِ! فرَجعَ يَجُرُّ أَذيالَ الخيبةِ
فَفتحَ عمرُ البابَ وقالَ لَه: أَمَا جِئتَ لِيْ ؟!
قال: نعم، جئتُ أشْتَكِيْ صوتَ زَوجتي، فَوَجَدتُّ عندك مثل ما عندي !!
فردَّ عمر: غسلتْ ثيابي، وَبسطتْ منامي، وَربّت أولادي، وَنظفت بيتي.
وَلم يأمرها الله بذلك، بل تفعله طواعيةً
أفلا أتحمَّلُها إِنْ رَفعتْ صَوْتَها عليَّ...؟!
وَصَلِّ اللَّهُمَّ عَلَىْ سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ وَعَلَىْ آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ وَالسَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ
 15 من جمادى الثانية 1434 الموافق 2013/04/25م

No comments:

Post a Comment