Sunday, April 26, 2020

تأملات قرآنية (1)

تأملات قرآنية (1)
الكعبة المشرفة قبلة المسلمين

إخواننا الكرام، أخواتنا الكريمات:
أيها المؤمنون والمؤمنات: الصائمون والصائمات:
مستمعينا الكرام مستمعي إذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
نحييكم بأطيب تحية: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمد لله القائل في محكم كتابه وهو أصدق القائلين: (كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ) والصلاة والسلام على رسول الله القائل: "إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواما ويضع به آخرين". ثم أما بعد: فتعالوا معنا أحبتنا الكرام، وهلم بنا نحن وإياكم نتجه إلى مائدة القرآن الكريم نتأمل ونتدبر آياته جل وعلا عسى أن ينفعنا ويرفعنا بما فيه من الذكر الحكيم إلى أعلى الدرجات في جنات النعيم، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
ومع الآية الرابعة والأربعين بعد المائة من سورة البقرة. يقول الله تعالى: ﴿قَدْ نَرَىٰ تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَمَا اللَّـهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ﴾. (البقرة ١٤٤)
معاشر المؤمنين والمؤمنات:
الكعبة المشرفة بيت الله الحرام في مكة المكرمة التي رفع قواعدها سيدنا إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما وعلى نبينا أفضل الصلاة وأزكى السلام، هي أول بيت وضع للناس على وجه الأرض؛ ليعبدوا الله فيه، والمسجد الحرام هو قبلة المسلمين في صلاتهم، وإليه يحجون. وقد سمى بالمسجد الحرام لحرمة القتال فيه منذ دخول النبي الكريم صلى الله عليه وسلم إلى مكة المكرمة فاتحًا منتصرًا بعد أن أقام دولة الإسلام الأولى في المدينة المنورة. قال تعالى: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ}.. [آل عمران : 96].
وقد علم الله تبارك وتعالى رغبة نبينا محمد في التوجه إلى الكعبة أثناء صلاته، فقال مخاطبا نبيه صلى الله عليه وسلم: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ} أي: كثرة تردده في جميع جهاته، شوقا وانتظارا لنزول الوحي باستقبال الكعبة، وقال: {وَجْهِكَ} ولم يقل: "بصرك" لزيادة اهتمامه، ولأن تقليب الوجه مستلزم لتقليب البصر.{فَلَنُوَلِّيَنَّكَ} أي: نوجهك لولايتنا إياك، {قِبْلَةً تَرْضَاهَا} أي: تحبها، وهي الكعبة، وفي هذا بيان لفضله وشرفه صلى الله عليه وسلم، حيث إن الله تعالى يسارع في رضاه، ثم صرح له باستقبالها فقال: {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} والوجه: ما أقبل من بدن الإنسان، {وَحَيْثُمَا كُنْتُمْ} أي: من بر وبحر، وشرق وغرب، جنوب وشمال. {فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} أي: جهته. ففيها اشتراط استقبال الكعبة، للصلوات كلها، فرضها، ونفلها، وأنه إن أمكن استقبال عينها، وإلا فيكفي شطرها وجهتها، وأن الالتفات بالبدن، مبطل للصلاة، ولما ذكر تعالى فيما تقدم، المعترضين على ذلك من أهل الكتاب وغيرهم، وذكر جوابهم، ذكر هنا، أن أهل الكتاب والعلم منهم، يعلمون أنك في ذلك على حق وأمر، لما يجدونه في كتبهم، فيعترضون عنادا وبغيا، فإذا كانوا يعلمون بخطئهم فلا تبالوا بذلك، فإن الإنسان إنما يغمه اعتراض من اعترض عليه، إذا كان الأمر مشتبها، وكان ممكنا أن يكون معه صواب.
فأما إذا تيقن أن الصواب والحق مع المعترض عليه، وأن المعترض معاند، عارف ببطلان قوله، فإنه لا محل للمبالاة، بل ينتظر بالمعترض العقوبة الدنيوية والأخروية، فلهذا قال تعالى: {وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ} بل يحفظ عليهم أعمالهم، ويجازيهم عليها، وفيها وعيد للمعترضين، وتسلية للمؤمنين.
معاشر المؤمنين والمؤمنات: ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة:
اللهم اجعل شهر القرآن الكريم هذا، شهر عز ونصر وتمكين للإسلام والمسلمين بقيام دولة الخلافة الثانية على منهاج النبوة، واجعلنا اللهمَّ ممَّن يتدبرون آياتك، فيأتمرون بأمرك، وينتهون عن نهيك: يستمعون القول فيتبعون أحسنه، ويقدرونك حق قدرك، ترضى عنهم، ويرضون عنك، واجعلنا اللهم ممن تقبلت منهم الصلاة والصيام، والدعاء والسجود والقيام، ومن عتقائك في هذا الشهر الكريم من النار، وأدخلنا الجنة مع الأبرار، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

No comments:

Post a Comment