Friday, April 28, 2017

الجواب على تصرف بريطانيا بعدم اعتذارها عن وعد بلفور!

الجواب على تصرف بريطانيا بعدم اعتذارها عن وعد بلفور!

الخبر: طالب رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في شهر أيلول من العام الماضي في اجتماعات الأمم المتحدة، طالب بريطانيا بتقديم اعتذار عن وعد بلفور عام 1917 الذي وعدت فيه بإقامة وطن لليهود في فلسطين، وقد مهدت لإقامة كيان سياسي لليهود باسم (دولة إسرائيل). إلا أن بريطانيا رفضت الاعتذار، بل وأكدت دعمها لكيان يهود مرة أخرى. فقد صرح السفير الفلسطيني لدى بريطانيا مانويل حساسيان لراديو صوت فلسطين يوم 2017/4/25: "طلبنا من الحكومة البريطانية أن تعطينا إجابة على هذا الموضوع، استطعنا أن نحصل على إجابة بعد ثلاثة أيام أن الاعتذار مرفوض". وأضاف "بمعنى أن جلالة الملكة وحكومة بريطانيا لن تعتذر للشعب الفلسطيني وأن احتفالية مئوية وعد بلفور ستجري في موعدها". وأكد ناطق باسم الخارجية البريطانية أنه "لن يتم تقديم اعتذار" ووصف "وعد بلفور بأنه تاريخي" ودعت رئيسة وزراء بريطانيا تيرزا ماي رئيس وزراء كيان يهود نتنياهو إلى حضور الاحتفالات بذكرى مرور 100 عام على وعد بلفور في تشرين الثاني المقبل.
التعليق:
بعد كل هذا وذاك، هل يوجد شك في عداوة بريطانيا لأهل فلسطين خاصة وللمسلمين عامة؟! فهي تصر مع سبق الإصرار على جريمتها في سَوْق اليهود زُمَراً إلى فلسطين وحشرهم فيها وتمكينهم من إقامة دولة لهم، ودعمها لهم بالمال والسلاح وفي المحافل الدولية، بل إن بريطانيا تتمادى في الافتخار بجريمتها بأنها ستجري الاحتفالات المئوية بهذه الذكرى المشؤومة وتدعو رئيس وزراء كيان يهود للاحتفال بها!
وهل يجوز ممن يدّعي تمثيل أهل فلسطين أن يطالب بالاعتذار عن هذه الجريمة النكراء التي ارتكبتها بريطانيا والتي أذاقت بها الويلات لأهل فلسطين وللمنطقة؟ وعندما رفضت بريطانيا الاعتذار فلماذا الإصرار على إدامة الصداقة والعلاقات معها؟ وأضعف الإيمان هو قطعها وتأليب الرأي العام عليها وحشد كل القوى ضدها!
ولكن أكثر ما سيفعله هؤلاء القوم الذين يدّعون تمثيل فلسطين وشعبها أن يرفعوا دعوى قانونية!! فقال سفيرهم حساسيان: "إذا لم تعتذر بريطانيا وتلغي الاحتفالات وتعترف بدولة فلسطين فإن الفلسطينيين سيمضون قدما في مساعيهم إلى إقامة دعوى قانونية". وقال "هذا هو الشرط الوحيد من خلاله نستطيع أن نغلق هذا الملف نهائيا"، وكأنه يقول إذا تحقق هذا الشرط نعفو عن بريطانيا وجريمتها تجاه أهل فلسطين والمسلمين عامة! فإن هو وسلطته أغلق الملف فهل يظنون أن أهل فلسطين والمسلمين كافة سيغلقون هذا الملف ويعفون عن بريطانيا؟! كلا بل سيعدّون لها العدة لمواجهتها وهي ما زالت تتآمر عليهم في كل مكان وتعتدي عليهم في سوريا والعراق ضمن الحلف الصليبي الدولي بقيادة أمريكا، وقد شاركتها في جريمة احتلالها لأفغانستان والعراق وتدمير البلدين وقتل أعداد لا تحصى من شبان وشيبة المسلمين ونسائهم وأطفالهم.
هذه مواقف متخاذلة ممن يدّعون كذبا وزورا أنهم يمثلون فلسطين وأهلها، فهؤلاء لا يمثلون فلسطين وشعبها الذي رفض تلك المشاريع الاستعمارية وصمد وصبر وقاوم وما زال يقاوم رغم المؤامرات عليه من قبل الدول الكبرى على رأسها أمريكا وبريطانيا ومعهما جميع دول المنطقة العميلة، والأدهى والأمر أن يجري التآمر عليهم من قبل من يدّعي تمثيلهم، وقد حمل السلاح مدّعيا الكفاح المسلح لتحرير فلسطين فينتهي به المطاف إلى أن يعترف بكيان يهود ويقرّه على اغتصابه للجزء الأكبر من فلسطين، حوالي 80%، ومن ثم يرضى أن يكون حارسا أمينا ليهود مطالبا بإقامة دولة له على جزء يسير من فلسطين حسب المشروع الأمريكي والذي تبنته بريطانيا أيضا، حيث أضاف الناطق باسم الخارجية البريطانية قائلا: "نواصل دعم مبدأ وجود وطن يهودي ودولة (إسرائيل) الحديثة تماما مثلما نؤيد الهدف الحاسم المتعلق بإقامة دولة فلسطينية قابلة للنمو وذات سيادة". فهل يختلف موقف بريطانيا الغادرة في هذا الموضوع عن موقف السلطة الفلسطينية التي تطالب هي الأخرى بإقامة هذه الدولة؟! فهل قضيتهم فقط تقديم اعتذار وعدم القيام بالاحتفالات؟! ما أدنى مستوى تخاذلهم وتهافتهم على التخاذل والخيانة!
وهذه ليست الجريمة الوحيدة لبريطانيا في حق أهل فلسطين والمسلمين عامة؛ بل هناك جريمة كبرى ألا وهي إسقاطها للخلافة وإبعاد الإسلام عن الحكم وتمزيق الأمة الإسلامية بالعصبيات التي شجعتها من قومية ووطنية ومذهبية وتقسيم رقعة الدولة الإسلامية إلى دويلات في معاهدة سايكس بيكو ومعاهدة لوزان. وقد صدق العالم الجليل أمير حزب التحرير السابق عبد القديم زلوم رحمة الله عليه عندما قال في كتابه القيّم "كيف هدمت الخلافة": "هكذا تم هدم الخلافة وتم تدميرها تدميرا تاما وتدمير الإسلام كدستور دولة وتشريع أمة ونظام حياة على أيدي الإنجليز باستخدامهم عميلهم وأجيرهم الخائن مصطفى كمال. ولذلك فإن المخلصين الواعين حين يقولون: إن الإنجليز رأس الكفر بين الدول الكافرة كلها يعنون ما تعنيه هذه الكلمة بكل معنى من معانيها، فهم رأس الكفر حقيقة، وهم أعدى أعداء الإسلام على الإطلاق، ويجب على المسلمين أن يرضعوا أولادهم مع اللبن بغض الإنجليز، والانتقام منهم".
كلمات خطتها أيدٍ طاهرة ذات عقول نيرة لمن ترأس حزبا عظيما يجمع رجالا أنقياء أتقياء إن شاء الله ولا نزكي على الله أحدا، هم أصحاب مواقف بطولية عظيمة، وأصحاب وعي سياسي راقٍ، فهم أهل لقيادة الأمة والنهوض بها. نسأل الله أن يفتح على أيديهم ويجعلهم يأخذون بزمام الأمور فيقودوا الأمة خير قيادة نحو التحرير والنهضة والسؤدد.
وعودا على بدء نقول إن الجواب على تصرف بريطانيا، بجانب قطع العلاقات معها وتأليب الرأي العام عليها وحشد كل القوى ضدها واتخاذها أعدى الأعداء، هو إلغاء السلطة الفلسطينية التي أيدت بريطانيا العدو إقامتها! والتخلي عن المطالبة بإقامة دولة فلسطينية وهو مطلب العدو البريطاني كما هو مطلب العدو الأمريكي! واعتذار منظمة التحرير الفلسطينية للشعب الفلسطيني عن خيانتها لشعب فلسطين باعترافها بكيان يهود وإقراره باغتصابه لأكثرية أراضي فلسطين وتخليها عن حراسته، وقطع ارتباطاتها بأمريكا وبيهود، ومن ثم تخليها عن منهجها العلماني، ورجوعها إلى الحق باتباعها النهج الإسلامي الصحيح، ومساندتها لحزب التحرير الذي يعمل على إقامة دولة الخلافة الراشدة التي ستعلن الجهاد لتحرير فلسطين وتحقق بشرى رسول الله ﷺبالقضاء على كيان يهود وتحرير القدس وجعلها عاصمة لتلك الخلافة الراشدة على منهاج النبوة بإذن الله.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أسعد منصور
1 من شـعبان 1438هـ   الموافق   الجمعة, 28 نيسان/ابريل 2017مـ 

No comments:

Post a Comment