Friday, December 26, 2014

رد على مقال (دعوهم للأيام يموتوا)!!: ج2



رد على مقال (دعوهم للأيام يموتوا)!!: ج2

كتبت إحسان الفقيه مقالا تفتري فيه على حزب التحرير، جاء فيه "جهل الحزب الفاضح في علوم الشريعة وفتاويه الشاذة أثارت حفيظة العلماء، الذين حذروا من جهلهم وتطفُّلهم على العلم الشرعي.
فقد ذكر (الشيخ جواد النتشة) في كتابه عن الحزب عددا من فتاويهم الموثقة والمؤرخة ومن منشورات الحزب ومنها: (عدم وجوب الإيمان بعذاب القبر، وجواز النظر لعورات المحارم، وجواز مشاهدة الصور والأفلام الإباحية، وجواز تقبيل الأجنبية ولمسها دون شهوة)".
كثر كذب الحاقدين على حزب التحرير وافتراءاتهم، وكان الناس يصدقون هذه الافتراءات لأن كتب الحزب كانت ممنوعة من التداول ولا يصل لها إلا النزر القليل من الناس، أما الآن فقد منّ الله على الحزب بنعمة الإنترنت التي مكنته من إنشاء مواقع خاصة به يعرض فيها للناس كتبه وآراءه، مما سهل كشف كذب الكاذبين وافتراء المفترين.
وإليكم الرد على الافتراءات التي ذكرتها الكاتبة من كتب الحزب:
فتوى تقبيل المرأة الأجنبية:
ورد في كتاب النظام الاجتماعي الطبعة الثالثة صفحة 58 ما يلي:
"وهذا بخلاف القبلة، فقبلة الرجل لامرأة أجنبية يريدها، وقبلة المرأة لرجل أجنبي تريده هي قبلة محرمة، لأنها من مقدمات الزنا، ومن شأن مثل هذه القبلة أن تكون من مقدمات الزنا عادة، ولو كانت من غير شهوة، ولو لم توصل إلى الزنا، ولو لم يحصل الزنا، لأن قول الرسول صلى الله عليه وسلم لماعز لما جاءه طالباً منه أن يطهره لأنه زنى «لعلَّك قَبَّلْتَ..» أخرجه البخاري من طريق ابن عباس، يدل على أن مثل هذه القبلة هي من مقدمات الزنا، ولأن الآيات والأحاديث التي تحرّم الزنا تشمل تحريم جميع مقدماته ولو كانت لمساً، كما يحصل بين الشباب والشابات، فهذه القبلة تكون محرمة، حتى ولو كانت للسلام على قادم من سفر لأن من شأن مثل هذه القبلة بين الشباب والشابات أن تكون من مقدمات الزنا.".
فتوى النظر إلى الصور العارية:
الرد من مواقع الحزب الرسمية: والحقيقة أن رأي الحزب في قضية الصور العارية كان واضحا وجليا في كتاب نظام الإسلام للعالم المجتهد تقي الدين النبهاني صفحة 67 حيث يقول:
"فمثلا الصورة شكل مدني، والحضارة الغربية تعتبر صورة امرأة عارية تبرز فيها جميع مفاتنها شكلا مدنيا، يتفق مع مفاهيمها في الحياة مع المرأة، ولذلك يعتبرها الغربي قطعة فنية يعتز بها كشكل مدني، وقطعة فنية إذا استكملت شروط الفن، ولكن هذا الشكل يتناقض مع حضارة الإسلام ويخالف مفاهيمه عن المرأة التي هي عرض يجب أن يصان ولذلك يمنع هذا التصوير لأنه يسبب إثارة غريزة النوع ويؤدي إلى فوضوية الأخلاق".
الدليل: كتاب نظام الإسلام صفحة 67
كما ورد في كتاب "نظام العقوبات" وهو من كتب الحزب في الطبعة الثانية صفحة 184 في باب العقوبات التعزيرية فصل الأفعال المخلة بالآداب ما يلي:
"كل من طبع أو باع أو أحرز بقصد البيع أو التوزيع أو عرض أية مادة مزينة مطبوعة أو مخطوطة أو أية صورة أو رسم نموذجي أو أي شيء آخر يؤدي إلى فساد الأخلاق يعاقب بالحبس حتى ستة أشهر".
كما يحرم مشاهدة الأفلام الإباحية:
أما مشاهدة الأفلام المثيرة الإباحية فلا يجوز حتى وإن كانت صوراً وليست أجساماً حقيقية، وذلك لأن القاعدة الشرعية في هذا الباب هي (الوسيلة إلى الحرام حرام) ولا يشترط في هذه القاعدة أن تؤدي الوسيلة إلى الحرام قطعاً بل غلبة الظن تكفي. وهذه الأفلام تقود غالباً من يحضرها إلى الحرام، ولذلك فإن القاعدة تنطبق عليها. ولذلك فلا يجوز حضورها ولا اقتناؤها.
أما ماذا يتصرف شباب الحزب تجاه المسلمين الذين يحضرون تلك الأفلام، فإن غالب من يحضرون هذه الأفلام هم من سقط المتاع الذين لا ينفع معهم أمر أو نهي إلا من رحم ربك، ومع ذلك فإنْ وجد الشباب أسلوباً قوياً رادعاً حكيماً فليأتوه، ولعل السائل يقصد بعض أقاربه ممن يحزنه أن يراهم في هذا السلوك السقيم، فيحب أن يبعدهم عن ذلك، فإن كان الأمر هكذا، فليأمرهم وينهاهم ويتخير الأسلوب المناسب لعل الله يهديهم، ويكون له بذلك أجر بإذن الله.
والمسلمون اليوم تحيط بهم المآسي من كل جانب بسبب غياب خلافتهم، والجدير بالمسلم أن لا يكون في وقته متسع حتى للهو المباح فكيف إذا قضاه في اللهو المحرم والعياذ بالله؟ إن الواجب عليكم، أيها الإخوة، أن توجهوا المسلمين بقوة، ولكن بحكمة، إلى أن يملأوا وقتهم بفعل الخيرات، والجد والاجتهاد في العمل لإعادة الخـلافة، وإنقاذ الأمة من هذه المآسي.
فتوى التكذيب بعذاب القدر
الرد: عذاب القبر وردت فيه أحاديث صحيحة لكنها خبر آحاد، والعقيدة لا تؤخذ إلا عن دليل قطعي (القرآن الكريم، والحديث المتواتر) وعذاب القبر لم يرد فيه إلا أحاديث خبر آحاد وهذه الأحاديث تفيد العلم الظني ولا تفيد العلم القطعي فلا يؤخذ بها في العقيدة وإنما يجب التقيد بها في الأحكام الشرعية.
وحزب التحرير يصدق بالأحاديث الصحيحة الواردة في عذاب القبر تصديقا غير جازم، ويعتبر من يكذب بعذاب القبر آثما وليس كافرا.
وثمرة التفريق بين التصديق الجازم وغير الجازم أن التكذيب بأمر مطلوب منا التصديق به تصديقا غير جازم كعذاب القبر لا يخرج صاحبه من الملة فلا يفرق بينه وبين زوجته ولا يمنع أهله من ميراثه وإذا مات يغسل ويكفن ويصلى عليه ويدفن في مقابر المسلمين، أما التكذيب بما هو مطلوب منا التصديق به تصديقا جازما فيخرج صاحبه من الإسلام فيفرق بينه وبين زوجته ويحرم التوارث بينه وبين ورثته ولا يغسل ولا يكفن ولا يدفن في مقابر المسلمين، فحزب التحرير يأخذ بالأحاديث الواردة في عذاب القبر في مجال الأحكام الشرعية المتعلقة بالدعاء مثلا فيدعو اللهم أجرني من عذاب القبر، اللهم إنا نعوذ بك من فتنة المحيا والممات.
وسؤال للذين يستنكرون على حزب التحرير عدم أخذه بخبر الآحاد هل يستطيع أحد منهم أن يقرأ في صلاته بآية (الشيخ والشيخة إذا زنيا...). وهذه آية ورد فيها خبر آحاد صحيح أنها آية من القرآن الكريم، ولكن الصحابة لم يلحقوها بالقرآن لأنها خبر آحاد، ولا يقبل في القرآن إلا الآيات التي وردت بالتواتر.
إذا كنت لا تستطيع الاعتقاد بآية في القرآن لأنها خبر آحاد ولا تستطيع القراءة بها في الصلاة، فلماذا تستنكر على حزب التحرير رفضه الأخذ بخبر الآحاد في العقيدة.
كما أن رفض الأخذ بخبر الآحاد في العقيدة لا يعني رد خبر الآحاد مطلقا فإن خبر الآحاد يؤخذ به في الأحكام الشرعية بل إن أغلب الأحكام الشرعية أخذت من خبر الآحاد.
الدليل: كتاب الشخصية الإسلامية الجزء الأول وهو من الكتب المتبناة في الحزب يبين فيه أن خبر الآحاد لا يؤخذ في العقائد ولكنه يؤخذ به في الأحكام الشرعية صفحة 190.
وهذا رابط الكتاب:
ثم عدم أخذ الظني في العقيدة ليس بدعة من عند حزب التحرير بل قال به جل علماء الأمة وعلى رأسهم الإمام النووي والغزالي وابن عبد البر والإمام الشوكاني وشيخ المحدثين والإمام مالك وأبو الحسن القاضي وأصحاب الشافعي وأصحاب أبو حنيفة وعامة أهل العلم هذا من القدماء، ومن المحدثين قال به سيد قطب رحمه الله والشيخ القرضاوي.
وللفائدة أقدم إليكم رأي العلماء في خبر الآحاد، كلهم أجمعوا أنه يفيد الظن وبالتالي لا يصلح أن يكون بحجة في العقائد:
• رأي الإمام سعد الدين مسعود ابن عمر التفتازاني:
قال الإمام سعد الدين التفتازاني، الشافعي المذهب، المتوفى عام 792هـ في كتابه (شرح التلويح على التوضيح لمتن كتاب التنقيح في أصول الفقه) الجزء 2، ص 423 ما نصه:
[المشهور يفيد علم الطمأنينة، والطمأنينة زيادة توطين وتسكين يحصل للنفس على ما أدركته وإن كان ظنيا، فاطمئنانها رجحان جانب الظن. وخبر الواحد في اتصاله شبهة صورة، وهو ظاهر... ومعنى حيث لا تتلقاه الأمة بالقبول. والمشهور في اتصاله شبهة صورة لكونه آحاد الأصل، ولأن الأمة قد تلقته بالقبول فأفاد حكما دون اليقين...] أهـ
وأضاف الإمام التفتازاني في نفس المصدر ج2 ص429 ما نصه:
[الخبر المتواتر يوجب علم اليقين ولا خلاف فيه، والخبر المشهور يفيد العمل وعلم الطمأنينة وإن كان ظنيا في ثبوته، أما اطمئنانها فهو رجحان جانب الظن بحيث يكاد يدخل في حد اليقين وهو المراد وحاصله سكون النفس عن الاضطراب مع ملاحظة كونه آحاد الأصل] أهـ
وأضاف الإمام التفتازاني في نفس المصدر ص431 ما نصه:
[خبر الواحد وإن كان ظنيا يوجب العمل دون علم اليقين، وقيل لا يوجب شيئا منهما، وقيل بوجوبهما جميعا. ووجه ذلك أن الجمهور ذهبوا إلى أنه يوجب العمل دون العلم، وقد دل على ذلك ظاهر قوله تعالى: (ولا تقف ما ليس لك به علم) [الإسراء: 36]، (إن يتبعون إلا الظن) [النجم: 23] والعقل شاهد بأن خبر الواحد العدل لا يوجب اليقين وإن احتمال الكذب قائم] أهـ
وأضاف الإمام التفتازاني في نفس المصدر ص432 ما نصه:
[والأخبار في أحكام الآخرة مثل عذاب القبر وتفاصيل الحشر والصراط والحساب والعقاب إلى غير ذلك والتي لا توجب إلا الاعتقاد ـ أي التي لا تتطلب منا إلا التصديق الجازم ـ قد يقول قائل فيها ـ أي في هذه الأخبار ـ أن خبر الواحد يحتمل الصدق والكذب، وبالعدالة ـ أي عدالة الراوي ـ يترجح الصدق بحيث لا يبقى احتمال الكذب وهو معنى العلم. وجوابه أنا لا نسلم ترجح جانب الصدق إلى حيث لا يحتمل الكذب أصلا بل العقل شاهد بأن خبر الواحد العدل لا يوجب علم اليقين وأن احتمال الكذب قائم وإن كان مرجوحا، والإلزام القطع بالنقيضين عند أخبار العدلين بهما، وجواب الأول وجهان: أحدها أن الأحاديث في باب الآخرة فيها ما اشتهر فيوجب علم الطمأنينة وفيها ما هو خبر الواحد فيفيد الظن وذلك في التفاصيل والفروع ومنها ما تواتر فيفيد القطع واليقين].
• رأي الإمام عبد القاهر البغدادي:
قال الإمام عبد القاهر بن طاهر بن محمد البغدادي الاسفرائني التميمي المتوفى عام 429هـ في كتابه (أصول الدين) الطبعة الأولى 1928 الصادرة في استنابول ص 12 ما نصه:
[وأخبار الآحاد متى صح إسنادها وكانت متونها غير مستحيلة في العقل كانت موجبة للعمل بها دون العلم] أهـ
وقال الإمام عبد القاهر البغدادي في كتابه (الفرق بين الفرق) طبعة دار المعرفة ص 326 ـ 326 ما نصه:
[وأما أخبار الآحاد فمتى صح إسنادها وكانت متونها غير مستحيلة في العقل كانت موجبة للعمل بها دون العلم، وكانت بمنزلة شهادة العدول عند الحاكم في أن يلزم الحكم بها في الظاهر وإن لم يعلم صدقهم في الشهادة. وبهذا النوع من الخبر أثبت الفقهاء أكثر فروع الأحكام الشرعية في العبادات والمعاملات وسائر أبواب الحلال والحرام، وضللوا من أسقط وجوب العمل بأخبار الآحاد في الجملة... ] أهـ
• رأي الشيخ حسن العطار:
قال الشيخ حسن العطار في شرحه على شرح الجلال المحلي، ج2 ص 157 ما نصه:
[قال الجلال المحلي "نهى الله عن اتباع غير العلم..." والنهي للتحريم، فلا يكون واجبا، وقوله "ذم على اتباع الظن يدل على حرمته" أي أن اتباع الظن في العقائد حرام شرعا، لأن النهي ورد من الله تبارك وتعالى عن اتباع الظن في العقائد كما سبق وإن وضحت] أهـ
وقال الشيخ الشربيني في هامشه على حاشية العطار، ج2 ص 157 ما نصه:
[أن المتواتر يفيد العلم الضروري... وأما خبر الواحد فلا يفيده مضطردا]
• رأي الإمام النووي:
قال شيخ الإسلام الإمام محي الدين النووي، الشافعي المذهب، المتوفى عام 676هـ في شرحه لصحيح مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري النيسابوري إمام أهل الحديث والمتوفى عام 261هـ المطبعة المصرية ـ القاهرة ـ ج1 ص 20 ردا على المحدث ابن الصلاح من إفادة أحاديث البخاري ومسلم للعلم النظري ما نصه:
[وهذا الذي ذكره الشيخ في هذه المواضع خلاف ما قاله المحققون والأكثرون فإنهم قالوا أن أحاديث الصحيحين، البخاري ومسلم التي ليست بمتواترة إنما تفيد الظن فإنها آحاد، والآحاد إنما يفيد الظن على ما تقرر، ولا فرق بين البخاري ومسلم وغيرها في ذلك، وتلقي الأمة بالقبول لها إنما أفادنا وجوب العمل بما فيهما وهذا متفق عليه، فإن أخبار الآحاد التي في غيرهما يجب العمل بها إذا صحت أسانيدها ولا تفيد إلا الظن فكذا الصحيحان، وإنما يفترق الصحيحان عن غيرهما من الكتب في كون ما فيهما صحيحا لا يحتاج إلى النظر فيه بل يجب العمل به مطلقا، وما كان في غيرهما لا يعمل به حتى ينظر وتوجد فيه شروط الصحيح ولا يلزم من إجماع الأمة على العمل بما فيهما إجماعهم على أنه مقطوع بأنه كلام النبي وقد اشتد نكار ابن برهان الإمام، على من قال بما قاله الشيخ ـ أي ابن الصلاح ـ وبالغ في تغليطه] أهـ
وجاء في نفس المصدر، طبعة دار إحياء التراث العربي ـ بيروت، ج1 ص 130 ـ 131، قول للإمام مسلم، في معرض رده على من طعن في خبر الواحد الثقة واشترط لذلك شروطا للعمل به أي ليقبله في الأحكام الشرعية العملية ما نصه:
[قال الإمام مسلم: فيقال لمخترع هذا القول قد أعطيت في جملة قولك أن خبر الواحد الثقة حجة يلزم به العمل]
وقد شرح كلامه الإمام النووي في نفس الصفحة، بما نصه:
[هذا الذي قاله مسلم رحمه الله تنبيه على القاعدة العظيمة التي ينبني عليها معظم أحكام الشرع، وهو وجوب العمل بخبر الواحد، فينبغي الاهتمام بها والاعتناء بتحقيقها وقد أطنب العلماء رحمهم الله في الاحتجاج لها وإيضاحها وأفردها جماعة من السلف بالتصنيف واعتنى بها أئمة المحدثين وأصول الفقه وأول من بلغنا تصنيفه فيها الإمام الشافعي رحمه الله وقد تقررت أدلتها النقلية والعقلية في كتب أصول الفقه ونذكر هنا طرفا في بيان خبر الواحد والمذاهب فيه مختصرا. قال العلماء الخبر ضربان متواتر وآحاد. فالمتواتر ما نقله عدد لا يمكن مواطأتهم على الكذب عن مثلهم ويستوي طرفاه والوسط ويخبرون عن حسي لا مظنون ويحصل العلم بقولهم، ثم المختار الذي عليه المحققون والأكثرون أن ذلك لا يضبط بعدد مخصوص ولا يشترط في المخبرين الإسلام ولا العدالة وفيه مذاهب أخرى ضعيفة وتفريعات معروفة مستقصاة في كتب الأصول. وأما خبر الواحد فهو ما لم يوجد فيه شروط المتواتر سواء أكان الراوي له واحداً أو أكثر، واختلف في حكمه، فالذي عليه جماهير المسلمين من الصحابة والتابعين فمن بعدهم من المحدثين والفقهاء وأصحاب الأصول أن خبر الواحد الثقة حجة من حجج الشرع يلزم العمل بها ويفيد الظن ولا يفيد العلم، وأن وجوب العمل به عرفناه بالشرع لا بالعقل، وذهبت القدرية ـ المعتزلة ـ والرافضة وبعض أهل الظاهر إلى أنه لا يجب العمل به. ثم منهم من يقول: منع من العمل به دليل العقل، ومنهم من يقول: منع من العمل به دليل الشرع، وذهبت طائفة إلى أنه يجب العمل به من جهة دليل العقل، وقال الجبائي من المعتزلة: لا يجب العمل إلا بما رواه اثنان عن اثنين، وقال غيره: لا يجب العمل إلا بما رواه أربعة عن أربعة، وذهبت طائفة من أهل الحديث إلى أنه يوجب العلم، وقال بعضهم يوجب العلم الظاهر دون الباطن، وذهب بعض المحدثين إلى أن الآحاد التي في صحيح البخاري أو صحيح مسلم تفيد العلم دون غيرها من الآحاد. وقد قدمنا هذا القول وإبطاله في الفصول، وهذه الأقاويل كلها سوى قول الجمهور باطلة، وإبطال من قال لا حجة فيه ظاهر، فلم تزل كتب النبي وآحاد رسله يعمل بها ويلزمهم النبي العمل بذلك واستمر على ذلك الخلفاء الراشدون فمن بعدهم ولم تزل الخلفاء الراشدون وسائر الصحابة فمن بعدهم من السلف والخلف على امتثال خبر الواحد إذا أخبرهم بسنة وقضائهم به ورجوعهم إليه في القضاء والفتيا ونقضهم به ما حكموا به على خلافه وطلبهم خبر الواحد عند عدم الحجة ممن هو عنده، واحتجاجهم بذلك عند من خالفهم، وهذا كله معروف لا شك في شيء منه والعقل لا يحيل العمل بخبر الواحد وقد جاء الشرع بوجوب العمل به فوجب المصير إليه. وأما من قال يوجب العلم فهو مكابر للحس، وكيف يحصل العلم واحتمال الغلط والوهم والكذب وغير ذلك متطرق إليه والله اعلم]
يقولون: لم يدع حزب التحرير إلى الجهاد في فلسطين ولا العراق ولا الشام:
الرد: لا بد أن نفرق أولا بين كون الجهاد فرض عين على كل مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وبين أن يكون الجهاد طريقة لبناء الدولة الإسلامية وإقامة الخلافة!!! فالحزب منذ نشأته حدد طبيعة عمله فلم يقل أنه حزب جهادي يريد تحرير البلاد من الاستعمار بل عندما أعلن عن نفسه قال أنه حزب سياسي مبدؤه الإسلام يعمل لاستئناف الحياة الإسلامية بإقامة الخلافة لذلك من الطبيعي أن يكون شغله الشاغل السياسة ولا يقوم بأعمال مادية وإنّما يقوم بالصراع الفكري والكفاح السياسي.
إلاّ أن الحزب لا يمنع شبابه من الجهاد وقد شارك العديد من شبابه في معارك مع المستعمر سواء في فلسطين أو العراق أو أفغانستان بل وهو فرض على ساكني تلك المنطقة من شباب الحزب!!! فالحزب يقوم بتوزيع نشرة، بندوة، بتنظيم... لكنّ الحزب لا يصلي لا يزكي لا يصوم لا يجاهد، بل المنتسبون له هم من يقومون بتلك الأعمال لا بصفتهم الحزبية بل بصفتهم مسلمين.
ثم إن قمت كحزب على أساس الجهاد فأنت تنذر نفسك لقتال أعداء الله فتبحث عن طريقة للتسلح والتمويل والتخطيط والتدريب أي كل ما له علاقة بالقتال، وإن قلت أنك حزب يريد إقامة دولة إسلامية فتبحث عن الأحكام المتعلقة بذلك. بالنسبة لحزب التحرير فكل ما يتبناه من أحكام (لإقامة الدولة) لا يوجد دليل واحد على أن الرسول صلى الله عليه وسلم قام بالجهاد لإقامة دولته، فللجهاد مقامان كما تعلمون: إما مقام طلب (لنشر الإسلام) أو مقام دفع (لرد العدو) ورد العدو لا يحتاج لأمير أو حاكم.
أما جهاد الطلب فلا بد له من أمير وخليفة يعقد الألوية له ويرسل الجيوش لفتح البلدان، وهذا معطل وللأسف وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، لذلك فحزب التحرير يدعو ويعمل لإقامة هذا الخليفة لتقوم الأحكام المعطلة ومنها الجهاد في سبيل الله، بل إن الحزب وضع مادة في دستور دولة الخلافة الذي أعده تنص على أن الجهاد فرض على المسلمين، وإليكم نص المادة:
المادة 62: الجهـاد فرض على المسـلمين، والتدريب على الجـنـدية إجباري فكل رجل مسلم يبلغ الخامسة عشرة من عـمـره فرض عليه أن يتدرب على الجندية استعداداً للجهاد، وأما التجنيد فهو فرض على الكفاية.
كتبته للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أم معاذ
04 من ربيع الاول 1436
الموافق 2014/12/26م

No comments:

Post a Comment