Tuesday, April 23, 2013

مع الحديث الشريف: نظام الذهب والفضة

مع الحديث الشريف: نظام الذهب والفضة

نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته,
من مات وعليه دينار
روى ابن ماجة في سننه قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ ثَعْلَبَةَ بْنِ سَوَاءٍ حَدَّثَنَا عَمِّي مُحَمَّدُ بْنُ سَوَاءٍ عَنْ حُسَيْنٍ الْمُعَلِّمِ عَنْ مَطَرٍ الْوَرَّاقِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ دِينَارٌ أَوْ دِرْهَمٌ قُضِيَ مِنْ حَسَنَاتِهِ لَيْسَ ثَمَّ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ.
جاء في كتاب حاشية السندي على ابن ماجه قَوْله ( قَضَى مِنْ حَسَنَاته ) أَيْ أَخَذَ مِنْ حَسَنَاته وَيُعْطِي لِلدَّائِنِ فِي مُقَابَلَة دَيْنه
في الحديث حث على قضاء الديون في الدنيا وعدم الاستهانة في حقوق الناس والتسويف في أدائها ..... ولا فرق في الديون إن كانت بالدراهم الفضية أو الدنانير الذهبية أو كانت من عملة أخرى غيرهما وإنما ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم هاتين العملتين لأنهما كانتا العملتين المستعملتين في الدولة الإسلامية ذلك الوقت .....فالدولة الإسلامية كانت تسير على نظامي الذهب والفضة فكان الدينار الذهبي والدرهم الفضي وحدتا قياس السلع والجهود والمنافع.... وكانتا أداتي التبادل في المعاملات الداخلية والخارجية, ومعنى أن تسير الدولة على نظام نقد معين كالذهب أو الفضة مثلا أي أن يكون ذلك النقد هو وِحدةُ التداول في الدولة في معاملاتها الداخلية أو الخارجية أو كلتاهما.
ونظام النقد في دول العالم المختلفة كان دائماً النظام المعدني ( نظام الذهب أو الفضة ) لكنها في العصر الحديث اعتمدت نظام الورق الإلزامي بعد أن تدرجت في إصدار الأوراق النقدية فكانت بديلة عن الذهب والفضة في البداية أي تمثل كمية من الذهب أو الفضة على شكل نقود أو سبائك يحتفظ بها في مكان معين ,حيث يمكن استبدال هذه الأوراق بقيمتها من الذهب أو الفضة وهو ما يطلق عليه بالأوراق ( النقود ) النائبة... ثم أَصدرت النقود الورقية التي تمثل كمية معينة من الذهب أو الفضة لا تغطي قيمتها الاسمية كاملة بل تغطي جزءا من قيمتها ... أي يمكن استبدالها بكمية من الذهب أو الفضة تعادل الجزء من قيمتها المغطى بالذهب أو الفضة وهي ما تسمى بالنقود الورقية الوثيقة .... ثم أُصدرت نقود ورقية لا تمثل أي كمية من الذهب أو الفضة بل تصدرها الحكومات وتجعلها نقوداً رئيسية فهي أوراق نقدية لا تصرف بذهب ولا فضة لا كلياً ولا جزئياً ولا يضمنها احتياطي ذهب ولا فضة فلا ضمان لها سوى قوة الدولة التي تصدرها, وهي ما تسمى بالنقود الورقية الإلزامية ....
كلما كان النقد ذا قيمة ذاتية كان مدعاة لثبات ثمن وقيم الأشياء من سلع وجهود ومنافع ... لذا فإن خير معدن يصلح ليكون أساس تقدير القيم هو الذهب ... وقد سارت على هذا النظام معظم دول العالم حتى سبعيناتِ القرنِ الماضيِ حين أعلن الرئيسُ الأمريكيُ نيكسونْ فك الارتباط بين الدولار والذهب ... وضرب النظام الاقتصادي في العالم ضربة نجلاء لا زال العالم يعاني منها حتى يومنا هذا.
أما نظام الفضة فيعني أن الفضة هي أساس الوحدة النقدية وهو معروف منذ القدم فقد كانت بعض الدول قديماً تعتمده وحده نظاما نقديا لها كدولة فارس القديمة كما كانت تعتمده الدولة الإسلامية إلى جانب نظام الذهب. فهو رغم أنه ليس ثمينا لكنه ذو قيمة ذاتية لذا فإنه يتمتع بحرية الضرب وبقوة إبرائية غير محدودة, وهو كنظام الذهب في كل تفاصيله ...
لذا فإن نظاماً مبنياً على دمج نظامي الذهب والفضة له من القوة والثبات ومقومات النجاح ما ليس لغيره وهذا حال نظام النقد في دولة الإسلام التي ستسير على نظامي الذهب والفضة كما كانت في كل عهودها ...كانت وستعود بإذن الله وسيرى العالم كيف يكون تدبير الشؤون وتنظيم الحياة وخاصة الاقتصادية منها بما يجعلها قدوة لمن يرغب ثبات نظامه المالي واستقرار حياته الاقتصادية وحماية بلاده من الهزات والتقلبات الاقتصادية المهلكة بفعل النقد الورقي الإلزامي الذي لا قيمة ذاتية له وإنما يستمد قوته من القانون الذي صدر باعتماده نقداً للدولة, وترتبط قوته بقوة الدولة التي أصدرته نقداً لها, هذا النقد الذي تعتمده دول العالم اليوم والذي يتسبب عدم ثباته واستقراره بالأزمات المتلاحقة والقلق والاضطراب للعالم أجمع ..... لذا فإن عودة الخلافة ونظامها النقدي المتين سيجعل العالم لا يلبث إلا قليلا حتى يعود لتبني السير على نظام الذهب أو الفضة أو كليهما معاً, ونبذ نظام الورق الإلزامي, ذلك النظام الظالم الذي فرضته أمريكا على العالم بالبلطجة والقهر والإجبار.
أحبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
14 من جمادى الثانية 1434
الموافق 2013/04/24م

نفائس الثمرات: أي شيء بلغ الحسن فيكم إلى ما بلغ
قيل لعبد الواحد صاحب الحسن، أي شيء بلغ الحسن فيكم إلى ما بلغ، وكان فيكم علماء وفقهاء؟ فقال: إن شئت عرفتك بواحدة، أو شئت اثنتين، فقال السائل: عرفني بالاثنتين، قال: كان إذا أمرَ بشيء أعملَ الناس به، وإذا نهى عن شيء أترك الناس له، قال: فما الواحدة؟ قال: لم أرَ أحداً قطُّ سريرته أشبه بعلانيته منه.
آداب الحسن البصري وزهده ومواعظه لأبي الفرج ابن الجوزي

No comments:

Post a Comment