Tuesday, March 26, 2013

مع الحديث الشريف: ويل للأعقاب من النار


مع الحديث الشريف: ويل للأعقاب من النار

نحييكُم جميعا أيها الأحبةُ في كلِ مكانٍ، في حلْقةٍ جديدةٍ من برنامجِكُم "مع الحديثِ الشريفِ" ونبدأ بخيرِ تحيةٍ، فالسلامُ عليكُم ورحمةُ اللهِ وبركاتُهُ.
جاءَ في كتابِ سننِ أبي داودٍ، كتابُ الطهارةِ، بابٌ في إسباغِ الوضوءِ, حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافٍ عَنْ أَبِي يَحْيَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى قَوْمًا وَأَعْقَابُهُمْ تَلُوحُ فَقَالَ:" وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنْ النَّارِ أَسْبِغُوا الْوُضُوءَ".
الشرح:-
قولَهُ: (رَأَى قَوْمًا ): وَتَمَامُ الْحَدِيثِ كَمَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ قَالَ: " رَجَعْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ حَتَّى إِذَا كُنَّا بِمَاءٍ بِالطَّرِيقِ تَعَجَّلَ قَوْمٌ عِنْدَ الْعَصْرِ فَتَوَضَّئُوا وَهُمْ عِجَالٌ فَانْتَهَيْنَا إِلَيْهِمْ"
قوله: ( وَأَعْقَابُهُمْ ): جَمْعُ عَقِبٍ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَكَسْرِ الْقَافِ وَبِفَتْحِ الْعَيْنِ وَكَسْرِهَا مَعَ سُكُونِ الْقَافِ: مُؤَخَّرُ الْقَدَمِ إِلَى مَوْضِعِ الشِّرَاكِ
قوله: ( تَلُوحُ ): تَظْهَرُ يُبُوسَتُهَا وَيُبْصِرُ النَّاظِرُ فِيهَا بَيَاضًا لَمْ يُصِبْهُ الْمَاءُ
قوله: ( وَيْلٌ ): وَيْلٌ وَادٍ فِي جَهَنَّمَ
قوله: ( لِلْأَعْقَابِ ): اللَّامُ لِلْعَهْدِ، وَيَلْتَحِقُ بِهَا مَا يُشَارِكُهَا فِي ذَلِكَ، مَعْنَاهُ: وَيْلٌ لِأَصْحَابِ الْأَعْقَابِ الْمُقَصِّرِينَ فِي غَسْلِهَا
قوله: ( أَسْبِغُوا الْوُضُوءَ ): أَيْ أَكْمِلُوهُ وَأَتِمُّوهُ وَلَا تَتْرُكُوا أَعْضَاءَ الْوُضُوءِ غَيْرَ مَغْسُولَةٍ، وَالْمُرَادُ بِالْإِسْبَاغِ هَاهُنَا إِكْمَالُ الْوُضُوءِ، وَإِبْلَاغُ الْمَاءِ كُلَّ ظَاهِرِ أَعْضَائِهِ وَهَذَا فَرْضٌ.
إن الواجبَ في غسلِ القدمينِ استغراقُ القدمِ بالكاملِ، والاستغراقُ الكاملُ لا يتمُ إلا بغسلِ الكعبينِ أو جزءٍ من الكعبينِ على الأقلِ تماماً كغسلِ المرفقين أو جزءٍ من المرفقين في غسلِ اليدين، لأنه ما لا يتمُ الواجبُ إلا به فهو واجبٌ، وأقلُ من ذلكَ لا يتحققُ فيه تمامُ الغسلِ. والكعبان هما عظمان ناتئان في جانبي كلِ قدمٍ.
كما يسنُّ إسباغُ غسلِ القدمينِ ومجاوزةُ الكعبينِ حتى جزءٍ من الساقِ أخذاً من حديثِ الإسباغِ وجاءَ فيهِ «... ثمَ غَسلَ رجلَهُ اليمنى حتى أَشْرَعَ في الساقِ، ثم غسلَ رجلَهُ اليسرى حتى أشرعَ في الساقِ ... إلى أن قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ: أنتم الغُرُّ المُحجَّلون يوم القيامةِ من إسباغِ الوضوءِ، فمن استطاعَ منكُم فلْيُطِلْ غُرَّته وتحجيلَهُ» رواهُ مسلمٌ.
اللهم اجعلنا من الغرِ المحجلينَ يومَ القيامةِ. اللهم آمين.
سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

نفائس الثمرات: لم يتميز الآدمي ُّبالعقل إلا لِيَعْمَل بمُقتضاه

اعلم وفّقك الله للصّواب أنه لم يتميز الآدمي ّبالعقل إلا ليعمل بمقتضاه، فاستحضر عقلك، وأعمل فكرك، واخل بنفسك تعلم بالدليل أنك مخلوق مكلّف، وأنّ عليك فرائض أنت مطالبٌ بها. وأن الملكين يحصيان ألفاظك ونظراتك، وأنّ أنفاس الحي خطاه إلى أجله، ومقدار اللّبث في الدنيا قليل، والحبس في القبور طويل، والعذاب على موافقة الهوى وبيل. فأين لذّة أمس؟! رحلت وأبقت ندمًا، وأين شهوة النفس؟ كم نكّست رأسًا، وزلّت قدمًا، وما سعد من سعد إلا بخلاف هواه، ولا شقي من شقي إلا بإيثار دنياه. فاعتبر بمن مضى من الملوك والزهّاد، أين لذّة هؤلاء وأين تعب أولئك؟ بقي الثواب الجزيل، والذكر الجميل للصّالحين، والمقالة القبيحة والعقاب الوبيل للعاصين. وكأنّه ما جاع من جاع ولا شبع من شبع، واعلم أنّ الكسل عن الفضائل بئس الرّفيق، وحب الراحة يورث من الندم ما يربو على كل لذة، فانتبه واتعب لنفسك. واعلم أنّ طلب الفضائل نهاية مراد المجتهدين، ثم الفضائل تتفاوت، فمن الناس من يرى الفضائل الزهد في الدنيا، ومنهم من يراها التّشاغل بالتعبد، وعلى الحقيقة فليست الفضائل الكاملة إلا الجمع بين العلم والعمل. 
موارد الظمآن لدروس الزمان(الجزء الأول) عبد العزيز بن محمد السلمان
وصلّ اللّهمّ على سيّدنا محمّدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين والسّلام عليكم ورحمة الله وبركاته
 15 من جمادى الأولى 1434
الموافق 2013/03/27م

No comments:

Post a Comment