Tuesday, June 26, 2018

جريدة الراية: معركة الحديدة المرتقبة بين المسموح والممنوع

جريدة الراية: معركة الحديدة المرتقبة بين المسموح والممنوع

  13 من شوال 1439هـ   الموافق   الأربعاء, 27 حزيران/يونيو 2018مـ
مع نهايات شهر أيار/مايو المنصرم أطلقت قوات الإمارات المتحدة في اليمن عملية عسكرية من مدينة المخا الساحلية جنوبي الحديدة، تحمل اسم الرعد الأحمر، أوكلت مهمة قيادتها لطارق محمد عبد الله صالح، قالت إنها لتحرير مدينة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر من سيطرة الحوثيين عليها.
هذه العملية تأتي في خضم الحرب التي تدور رحاها فوق أرض اليمن منذ منتصف العام 2014م وحتى الآن. لكنها تحمل معنى مختلفاً عن بقية المعارك ضد الحوثيين، وقد تنبه لها الحوثيون مبكراً، وسارعوا بالاستعداد لها، وذهب صالح الصماد ضحية لها في 19/04/2018م وهو يعد لمسيرة البنادق التي كان من المخطط أن يحتشد فيها الحوثيون في الحديدة تحسباً لهذه المعركة.
تعتبر السيطرة على مدينة الحديدة من طرف نظام هادي وردفائه، بدعم القوات الإماراتية استكمالاً للسيطرة على جميع المنافذ البحرية على الساحل الغربي من الجنوب إلى الشمال من باب المندب في ذو باب باتجاه البرح، موزع، المخا، الخوخة، حيس، الجراحي، التحيتة، زبيد، بيت الفقية حتى الدريهمي، وحرمان الحوثيين من الاستفادة بتهريب الأسلحة بمختلف أنواعها، والأشخاص إلى داخل اليمن، عبر شواطئ البحر الأحمر، بعد أن فقدوا السيطرة فيما مضى على شواطئ بحر العرب، وتم إخراجهم بقوات إماراتية من عدن في شهر آب/أغسطس 2015م.
إن التطورات التي حدثت في نجد والحجاز بموت عبد الله بن عبد العزيز ومجيء سلمان وابنه، قد نقلت الدور الإقليمي لنجد والحجاز من يد بريطانيا إلى يد أمريكا، مما جعل بريطانيا تنقل دور عميلها الإقليمي من نجد والحجاز إلى الإمارات المتصالحة.
كون مدينة الحديدة منفذ الحوثيين البحري الوحيد على العالم فهي بمثابة رئتي الحوثيين التي تمدهم إحداهما بالمساعدات الإغاثية من دقيق وقمح وسكر وأرز وزيت وألبان وغيرها من المواد الغذائية التي يتلقونها عن طريق الأمم المتحدة باسم أهل اليمن، وتعود عليهم بربح وفير بعد بيعها في الأسواق المحلية، ويوزعون بعضها في صور سلال غذائية لأتباعهم. وما أدراك ما تدسه بعض الدول خفية تحت اسم الأمم المتحدة بين المساعدات الإنسانية! وثانيهما عائدات ميناء الحديدة من الضرائب التي تتم جبايتها على البضائع التي يستوردها التجار من خارج اليمن.
الآن تقف القوات التي يقودها طارق محمد عبد الله صالح بدعم من الإمارات في مطار الحديدة على مشارف مدينة الحديدة الجنوبية. الأمر الذي دفع عبد الملك الحوثي لإلقاء خطاب في 26/05/2018م قال فيه إن قواته تسيطر على المناطق الجبلية الاستراتيجية الحصينة أمام الغزاة، فوصلت الرسالة لسكان تهامة عن إمكانية تخليه عنهم وعن مدنهم الساحلية. فأعاد الكرة عليهم بخطاب ثانٍ في 31/05/2018م قال فيه إنه يقف إلى جانبهم ولن يتخلى عنهم. تزامن الخطاب مع دعوات لحشد أتباع الحوثيين للتوجه للدفاع عن مدينة الحديدة.
"المبعوث الأممي" الجديد إلى اليمن البريطاني مارتن جريفيث المعين في النصف الثاني من شهر شباط/فبراير 2018م، من قبل البرتغالي غوتيريس خلفاً لإسماعيل ولد الشيخ المعين من قبل الكوري الجنوبي بان كي مون، باشر أعماله في النصف الثاني من شهر آذار/مارس 2018م زار فيه صنعاء، وأمطر الحوثيين بمعسول الكلام بالعودة إلى طاولة المفاوضات، وتزامنت إفادته الأولى أمام مجلس الأمن مع الهجوم على مدينة الحديدة، حل بزيارة ثانية على صنعاء في 17/06/2018م، والتقى فيها بعبد الملك الحوثي. جاء ليعرض فيها أجندة بريطانيا السياسية على الحوثيين بتسليم ميناء الحديدة للأمم المتحدة متزامناً مع انسحابهم من مدينة الحديدة وليس مع بقائهم فيها، كما كانوا يودون. مما يعني خنق الحوثيين تموينياً في المناطق التي يسيطرون عليها، وازدياد معاناة الناس فيها إلى حدٍّ يجعلهم ينساقون بسهولة في أجندة بريطانيا بمناوأة الحوثيين والقيام في وجههم بدلاً من مهادنتهم والسكوت عليهم، وبالتهديد باستنساخ معركة الحديدة بمعركة صنعاء المطوقة من أكثر من اتجاه.
إن غلبة أجندة بريطانيا في اليمن تعني إضعاف موقف الحوثيين على طاولة المفاوضات المرتقبة، لصالح عملائها، مع جر الحوثيين إلى مفاوضات ماراثونية عكس تلك التي قادها إسماعيل ولد الشيخ أحمد في الهدف والمضمون.
في المقابل بدأ موقف أمريكا ضعيفاً إزاء ما يدور من أحداث حول مدينة الحديدة ومينائها، سوى إطلاق وزارة الخارجية الأمريكية منذ 22 حزيران/يونيو الجاري حملة إعلامية وإنسانية دولية تذرف دموع التماسيح على سكان مدينة الحديدة المدنيين، لعرقلة تحقيق أجندة بريطانيا السياسية. مع أن شركات أمريكية قد تسللت إلى ميناء الحديدة منذ سيطرة الحوثيين عليه تظهر في مظهر الطرف الثالث الذي سيسلم له إدارة ميناء الحديدة.
سواء إن كانت معركة الرعد الأحمر ستقف عند مداخل مدينة الحديدة، كما وقفت قوات هادي وردفائه المرابطة عند مدخل مدينة صنعاء الشمالي في جبهة نهم وإرحب منذ ثلاثة أعوام دون إحراز تقدم يذكر، فليس لأن أمريكا حرصت على عدم سفك دماء سكان الحديدة، أو أن المعركة ستدور رحاها، فلأن بريطانيا لا تعبأ بسفك دمائهم.
إن دماءكم يا أهل أبي موسى الأشعري وطائفة طويلة من علماء مدينة زبيد في القرآن والحديث والفقه واللغة العربية حري بألا تسفك، وأن يأتي المسلمون من بقاع الأرض كما في السابق ينتهلون من علمكم، في ظل الخلافة الراشدة على منهاج النبوة التي يعمل حزب التحرير لإقامتها وقد أظل زمانها، فكونوا من أنصارها.
بقلم المهندس شفيق خميس – اليمن

No comments:

Post a Comment