Thursday, April 27, 2017

الأردن وسوريا، حرب كلامية أم مقدمة لحرب فعلية؟

الأردن وسوريا، حرب كلامية أم مقدمة لحرب فعلية؟

الخبر: صرح بشار الأسد لمحطة سبوتنيك أن الأردن يحضّر لدخول حرب عسكرية في الجنوب السوري بالتنسيق مع الإدارة الأمريكية.
التعليق:
جاء تصريح بشار الأسد عقب مؤتمر القمة في البحر الميت وزيارة ملك الأردن لأمريكا ولقائه ترامب وتردد أنباء عن طلب أمريكا من الأردن أن تتدخل بقواتها العسكرية لمحاربة تنظيم الدولة على الحدود الأردنية السورية. وقد رد الناطق الإعلامي باسم الحكومة الأردنية على تصريحات بشار دون أن ينفي ما تم تداوله بشكل واضح مكتفيا بتوجيه انتقادات لبشار. والحقيقة هي أن بشار لا يتحدث عن تكهنات أو تصورات، وإنما يتحدث من منظور أمريكي وبناء على معلومات مباشرة من أسياده، وقد ذكر لمحطة سبوتنيك أنه يملك معلومات موثقة وأكيدة. ولعل ما أثار حفيظة النظام في الأردن تسريب أمريكا لما جرى بين الملك وترامب من بحث آلية التعامل مع الوضع في سوريا. ومن المعلوم  أن الأردن يتهيأ حاليا للمناورة العسكرية المسماة الأسد المتأهب والتي بدأت منذ بداية الثورة في سوريا وتشترك بها دول عدة منها أمريكا وبريطانيا والأردن.
ومما ورد في حديث بشار عن الأردن هو أن الأردن لا يملك إرادة سياسية ليتصرف بناء على مصلحته، بينما قال المومني في المقابل إن بشار لا يسيطر على معظم أراضي سوريا. والواقع هو أنه لا بشار ولا الأردن يملك إرادة سياسية ولا يملكون سيطرة على أراضيهم لا بعضها ولا كلها. فسوريا جعلت أرضها مستباحة لروسيا وإيران وحزبها. والأردن ليس بأحسن حالاً حتى وإن كان ليست تحت احتلال مباشر.
أما دخول الأردن في حرب في سوريا واستعمال قواتها العسكرية فقد حاولت أمريكا أكثر من مرة توريط الأردن في الحرب الدائرة في سوريا وكان أشدها حين أقدم تنظيم الدولة على قتل الطيار معاذ الكساسبة حرقا في الوقت الذي كان فيه ملك الأردن في لقاء مع رئيس أمريكا السابق أوباما. وقد اكتفى الأردن حينها بالقيام بغارات جوية محدودة على الرقة. واستطاع الأردن أن يراوغ لفترة طويلة لعدم التورط في حربٍ تعلم الأردن جيدا أن أمريكا تتحكم بأكثر خيوطها سواء من طرف روسيا أو إيران أو حتى تنظيم الدولة. وبالتالي فيعلم الأردن جيدا أن الزج به في المعركة سيكون هو الخاسر الوحيد. ومن هنا فإن تصريح بشار عن محاولة دخول الأردن للحرب في جنوب سوريا ليس من قبيل كشف المستور، أو من قبيل إفشال خطة أمريكا في زج الأردن بحرب في سوريا. بل هي على العكس من ذلك؛ محاولة من قبل عميل أمريكا أن يضع الأردن تحت الأمر الواقع ويبرز مدى حاجة الأردن للانصياع للأمريكان وبأن "الأردن لا خيار له" وأنه "لا يملك إرادة سياسية" وأنه بذلك يستفز الأردن لجعله يقدم على الدخول في الحرب ولو من باب الرد على بشار وتصريحاته. من هنا جاء رد الأردن على لسان الدكتور المومني أن الأردن هو أول من تبنى الحل السياسي وأنه ليس مع الحسم العسكري، وليس مع التورط في حرب في سوريا. فالأردن فهم مراد الأسد ومن ورائه أمريكا ولا يزال يصر على عدم التورط في حرب سيكون فيها الخاسر الأوحد؛ إذ أن معظم القوى المؤثرة في مجريات الحرب هي أدوات أمريكية بامتياز.
ولعل أكثر ما يثير الحزن والغضب هو أن حكام سوريا والأردن يتحركون ضمن قواعد لعبة ترسمها وتفرض قوانينها أمريكا وتلعب على رقعتها بريطانيا وفرنسا وروسيا، وما حكام الأردن وسوريا إلا حجارة يحركها اللاعبون الدوليون. ولا همَّ لهؤلاء إلا أن يبقوا حجارة على الرقعة ولو كان الثمن لذلك تشريد أكثر من 10 ملايين وقتل وجرح أكثر من مليون. وإلا فإن أدنى وأقل ما كان متوقعا من الأردن وجيشه أن لا ينتظر إذن أو أوامر أمريكا ولا يقبل بخطة ولعب بريطانيا، بل أن يقوم طوعا وامتثالا للواجب الذي يفرضه الله عز وجل بنصرة أهل سوريا منذ أول يوم تمادى به بشار وجيشه بقتل الشعب وتدمير المدن والقرى على رؤوس أهلها. ﴿وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَـذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا﴾.
 لم يكتف الأردن بالتسول على أكتاف أكثر من مليون لاجئ بل وجعل من عاصمته مكتب عمليات دائماً لبريطانيا وأمريكا للتخطيط والتآمر على ثورة الشام حتى لا تصل إلى مبتغاها. وعمل على احتواء كثير من مقاتلي الثورة من أول يوم، والعمل على حرفهم عن مسارهم عن طريق الإمساك بخطوط الإمداد المالي والعسكري. ما جعل الثورة تراوح مكانها منذ أكثر من 6 أعوام وجعلها عرضة للمساومة والانحراف. إن الدور الذي لعبه الأردن منذ أن بدأت الثورة لا يقدر بثمن للحيلولة دون انتصار الثورة. وبشار يعلم ذلك جيدا، وقد ذكّره المومني بذلك حين قال كنا أول من نادى بالحل السلمي السياسي ونحن من أقنعنا العالم بضرورة هذا الحل.
﴿وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ﴾
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
د. محمد الجيلاني
30 من رجب 1438هـ   الموافق   الخميس, 27 نيسان/ابريل 2017مـ 

No comments:

Post a Comment