Saturday, March 23, 2013

مع الحديث الشريف: إنما الأعمال بالنيات

مع الحديث الشريف: إنما الأعمال بالنيات

نحييكُم جميعا أيها الأحبةُ في كلِ مكانٍ، في حلْقةٍ جديدةٍ من برنامجِكُم "معَ الحديثِ الشريفِ" ونبدأُ بخيرِ تحيةٍ، فالسلامُ عليكُم ورحمةُ اللهِ وبركاتُهُ.

عَنْ أمِيرِ المُؤْمِنِينَ أبي حَفْصِ "عُمَرَ بْنِ الخَطَاب" رَضيَ الله عَنْهُ قَال: سَمِعت رسُولَ الله صَلّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّم يَقُول: "إنَّمَا الأعْمَالُ بَالْنيَاتِ، وَإنَّمَا لِكل امرئ مَا نَوَى، فمَنْ كَانَتْ هِجْرَتهُ إلَى اللّه وَرَسُولِهِ فَهِجْرَتهُ إلَى اللّه وَرَسُولِهِ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرتُهُ لِدُنيا يُصيبُهَا، أو امْرَأة يَنْكِحُهَا فَهِجْرَتُه إلَى مَا هَاجَرَ إليهِ ".
قوله: "إنما الأعمالُ بالنياتِ" كلمة (إنما)، تفيدُ الحصرَ، فهو هنا قَصْرُ موصُوفٍ على صفةٍ، وهو إثباتُ حكمِ الأعمالِ بالنياتِ، فهو في قوةِ (ما الأعمال إلا بالنيات) وينفي الحكمُ عما عداه.
قولَهُ: "النيةُ" لغةً: القصدُ. وشرعا: العزمُ على فعلِ العبادةِ تقربا إلى اللهِ تعالى.
قولَهُ : "فمن كانَتْ هجرَتُهُ... الخ": مثالٌ يقررُ ويوضحُ قاعدةَ الأعمالُ بالنياتِ.
قولَهُ: "فمن كانت هجرتُهُ": جملةٌ شرطيةٌ.
قوله: "فهجرتُهُ إلى اللهِ ورسولِهِ": جوابُ الشرطِ، واتحدَ الشرطُ والجوابُ لأنهما على تقديرِ "من كانت هجرتُهُ إلى اللهِ ورسولِه -نيةً وقصداً- فهجرتُهُ إلى اللهِ ورسولِه- ثوابا وأجراً".
إن هذا الحديثَ يُعتبرُ قاعدةً جليلةً من قواعدِ الإسلامِ فهو القياسُ الصحيحُ لوزنِ الأعمالِ، من حيثُ القَبولِ وعدمِهِ، ومن حيثُ كثرةِ الثوابِ وقلتِهِ. وقد افتتحَ به الإمامُ البخاريُ- رحمَهُ اللهُ تعالى- صحيحَهُ لدخولِه في كل مسألةٍ من مسائلِ العلمِ وكلِ بابٍ من أبوابِه.
والنبيُ صلى اللهُ عليه وسلمَ يُخبرُنا فيه أن مدارَ الأعمالِ على النياتِ، فإن كانت النيةُ صالحةً، والعملُ خالصا لوجه اللهِ تعالى، فالعملُ مقبولٌ. وإن كانت غيرَ ذلك، فالعملُ مردودٌ، حيثُ ضربَ لنا الرسولُ الكريمُ صلى اللهُ عليه وسلمَ مثلاَ يوضحُ هذه القاعدةَ الجليلةَ بالهجرةِ. فمن هاجر! من بلادِ الـشركِ، ابتغاءَ ثوابِ اللهِ، وطلباً للقربِ من النبيِ صلى اللهُ عليه وسلم، وتعلُمِ الشريعةِ، فهجرتُه في سبيل اللهِ، واللهُ يثيبه عليها. ومن كانت هجرتُه لغرضٍ من أغراضِ الدنيا، فليس له عليها ثوابٌ. وإن كانت إلى معصيةٍ، فعليه العقابُ.
والنيةُ شرطٌ أساسيٌ في العمل، ومجردُ قصدِ العملِ يكون نِيًة له ومَحلُّها القلبَ، واللفظُ بها بدعةٌ.
وعلى المسلمِ الحذرُ من الرياءِ والسمعةِ والعملِ لأجل الدنيا، مادامَ أن شيئاً من ذلكَ يُفسدُ العبادةَ، وقد ذكرَ ابنُ رجب أن العملَ لغيرِ اللهِ على أقسامٍ:
فتارةٌ يكونُ رياءً محضا لا يُقصدُ به سوى مراءاةِ المخلوقينَ لتحصيلِ غرضٍ دنيوي، هذا لا يكادُ يصدرُ من مؤمنٍ، ولا شكَ في أنهُ يُحبِطُ العملَ وأن صاحبَهُ يستحقُ المقتَ من اللهِ والعقوبةِ. وتارةٌ يكونُ العملُ للهِ ويشاركُهُ الرياءُ، فإن شاركَهُ من أصلِهِ فإن النصوصَ الصحيحةَ تدلُ على بطلانِهِ وإن كان أصلُ العملِ للهِ ثم طرأَ عليهِ نيةُ الرياءِ، ودفعَهُ صاحبُهُ فإن ذلكَ لا يضرَهُ بغيرِ خلافٍ، وقد اختلفَ العلماءُ من السلفِ في الاسترسالِ في الرياءِ الطارئِ: هل يُحبِطُ العملَ أو لا يضرُ فاعلَهُ ويجازى على أصلِ نيتِهِ؟
اللهم اجعل أعمالَنا كلَها ظاهرها وباطنها، خالصةً لوجهِ اللهِ الكريمِ، متقبلةً خاليةً من كل رياءٍ.
سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
 12 من جمادى الأولى 1434
الموافق 2013/03/24م

نَفائِسُ الثَّمَراتِ لَا يَجْمَعُ اللَّهُ فِي جَوْفِ رَجُلٍ غُبَارًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَدُخَانَ جَهَنَّمَ
عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ يَرْفَعُ الْحَدِيثَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( لَا يَجْمَعُ اللَّهُ فِي جَوْفِ رَجُلٍ غُبَارًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَدُخَانَ جَهَنَّمَ وَمَنِ اغْبَرَّتْ قَدَمَاهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَرَّمَ اللَّهُ سَائِرَ جَسَدِهِ عَلَى النَّارِ وَمَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بَاعَدَ اللَّهُ عَنْهُ النَّارَ مَسِيرَةَ أَلْفِ سَنَةٍ لِلرَّاكِبِ الْمُسْتَعْجِلِ وَمَنْ جُرِحَ جِرَاحَةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ خَتَمَ لَهُ بِخَاتَمِ الشُّهَدَاءِ لَهُ نُورٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَوْنُهَا مِثْلُ لَوْنِ الزَّعْفَرَانِ وَرِيحُهَا مِثْلُ رِيحِ الْمِسْكِ يَعْرِفُهُ بِهَا الْأَوَّلُونَ وَالْآخِرُونَ يَقُولُونَ فُلَانٌ عَلَيْهِ طَابَعُ الشُّهَدَاءِ وَمَنْ قَاتَلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فُوَاقَ نَاقَةٍ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ ) رواه الترمذي

نفائس الثمرات لا تكن بخيلا

إذا لمْ يكنْ لَدَيْكَ شيئ تُعطيه للآخرين، فلا أقلَ منْ كلمةٍ طيبةٍ، أو ابتسامةٍ صادقةٍ، أوِ التَّعامل معَ الناسِ بخلقٍ حسنٍ
 وَصَلِّ اللَّهُمَّ عَلَىْ سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ وَعَلَىْ آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ وَالسَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ
 10 من جمادى الأولى 1434
الموافق 2013/03/22م

No comments:

Post a Comment