Friday, June 30, 2017

ألمانيا والبلاد الإسلامية والفارق بينهما

ألمانيا والبلاد الإسلامية والفارق بينهما

الخبر: قالت المستشارة الألمانية ميركل في برنامج تلفزيوني لمجلة بريجيتا يوم 2017/6/26 "نحن الأوروبيين في بعض القضايا لا نلعب الدور الواجب علينا أن نلعبه، فمثلا سوريا لا تقع قريبا من عتبة باب الولايات المتحدة، بل تقع من عتبة بابنا. ولهذا يجب علينا أن نقوم بالمشاركة في عملية التسوية في سوريا، اللاجئون السوريون يأتون إلينا في أوروبا". وقالت "بالإضافة إلى ذلك سؤال آخر مهم كيف يجب أن نتعامل مع ليبيا؟ ليبيا غير موجودة كدولة ومنها يأتي اللاجئون إلينا، ونحن كأوروبيين يجب علينا الشعور بالمسؤولية وعدم الانتظار حتى يحل شخص ما مشكلتنا" في إشارة إلى أمريكا، وقد أشارت إلى "الافتقار للتعاون مع الولايات المتحدة بشأن قضايا البيئة والتجارة الحرة".
التعليق:
من هذه التصريحات ومن غيرها في المدة الأخيرة التي أدلت بها المستشارة الألمانية وغيرها من المسؤولين الألمان بجانب تحركاتها وأعمالها الموازية لذلك، يظهر أن ألمانيا تعمل على أن تعود دولة كبرى عالميا بعدما أصبحت قوة إقليمية كبرى في أوروبا ومحيطها، والطريق إلى ذلك يبدأ بمنافسة ومزاحمة ومصارعة الدولة الأولى في العالم وهي الآن أمريكا. فهي تريد أن تشارك في الأعمال السياسية في العالم، وتستغل ورقة اللاجئين من سوريا للمشاركة في العملية السياسية فيها، وكذلك لعب دور في ليبيا في مواجهة الدور الأمريكي. فلم تستقبل ألمانيا اللاجئين حبا فيهم ولا عونا لهم وهي تقوم بطرد الكثير من اللاجئين القادمين من دول أخرى! بل هي تستخدم مسألتهم كورقة لعب في الساحة الدولية. وفي الوقت نفسه ترفض أن تأتي أمريكا وتحل المشاكل. فتدعو الأوروبيين ليسيروا معها في التصدي لأمريكا. وهكذا تعمل على تقوية نفسها وتعزيز وضعها بالاستعانة بأوروبا.
إن ألمانيا تعد بلداً صغيراً من حيث المساحة والسكان، ولكن التأثير في الموقف الدولي ليس له علاقة بذلك. فمساحة ألمانيا حوالي 357 ألف كلم2 وسكانها حوالي 82 مليون نسمة بما فيهم 21 مليون أجنبي قد تم تجنيس 15 مليوناً منهم. فهي تساوي ثلث مساحة مصر تقريبا وأقل من عدد سكان مصر، وتساوي أقل من نصف مساحة تركيا وسكانها بقدر سكان تركيا، وكذلك أكثر بقليل من ثلث مساحة باكستان ولكنها أقل من نصف سكان باكستان. فهذه البلاد وغيرها من البلاد الإسلامية احتلت كما احتلت ألمانيا، ولكن ما أن مرت فترة قصيرة حتى أصبحت ألمانيا دولة كبرى مرة ثانية تنافس الدولة الأولى، وبعد هزيمتها في الحرب العالمية الثانية واحتلال الدول الكبرى لها تمكنت مرة ثالثة من إنقاذ نفسها، وهي تعمل الآن لأن تعود دولة كبرى وتحاول أن تتصدى لأمريكا وغطرستها وابتزازها، ولكن تلك البلاد الإسلامية بل كل البلاد الإسلامية تركض وراء أمريكا وتفتح لها الأبواب وتخطب ودها بل تستعد لتقديم الخدمات لها وتأمين احتلالها واستقراره، وتنتظر الحلول والمبادرات منها. شتان بين الموقفين! ولكن لماذا هذا الفرق في الموقف علما أن إمكانياتها ربما تفوق إمكانيات ألمانيا؟! وكيف إذا اجتمعت كلها في دولة واحدة على مساحة 32 مليون كلم2 وتعداد سكاني يبلغ حوالي ملياري مسلم؟!
ولكن إذا دققنا في الأمر وجدنا السبب في أن ألمانيا دولة وشعبا متحدان في الفكر والهدف والطموح. أي أن الفكر الذي تطبقه الدولة هو الفكر الذي يؤمن به الشعب وهدفهما واحد وطموحهما واحد وهو صيروة ألمانيا دولة كبرى. فالشعب يسندها فهو سند طبيعي.
وأما في تلك البلاد الثلاثة التي ضربتُها مثلاً، بل كل البلاد الإسلامية، فالنظام فيها نظام كفر علماني مناقض لما عليه الشعب من إيمان بدينه الإسلام ويحارب الشعب وفكره وطموحاته، وهدف النظام هو المحافظة على مصالح القائمين عليه وخدمة القوى الأجنبية الذي أقامته، فسند هذه الأنظمة غير طبيعي بل هي عدوة لشعوبها. ولهذا لم يستطع المسلمون حتى اليوم أن يتحرروا من ربقة الاستعمار الذي يأخذ أشكالا مختلفة، تحارب شكلا، فيتخفى ويخرج على الناس بشكل آخر، بسبب ضعف المناعة لديهم، والتي هي المبدئية. أي أن يلتزموا بمبدئهم عقيدة ينبثق عنها نظام للحياة. وهذا الذي يحاربه الغرب وعلى رأسه أمريكا ويطلق عليه الإسلام السياسي ويطلق عليه (التطرف والإرهاب) ويطلق على الجماعات والأحزاب التي تتبناه تنظيمات (متطرفة) أو (إرهابية) ويعمل على فصلها عن المسلمين حتى يحول دون تحررهم من ربقة استعماره. ولكن الأمة تريد الخلاص والتحرير والنهضة والعيش الكريم فتقوم بالاحتجاجات والانتفاضات والثورات وغير ذلك من الأعمال ضد الأنظمة العميلة، ومع ذلك لن تكون هذه الأعمال ناجحة إذا لم تستند إلى المبدأ الذي تؤمن به وتلتزم به. ولهذا يجب الاستمرار في العمل بالاتصال والتواصل مع الأمة وفي سقيها بمبدئها وتركيزه وجعلها تلتزم به في ثورتها وانتفاضتها وكافة أعمالها. وهذا عمل الحزب السياسي القائم على مبدأ الإسلام، وهو جدير بأن تحتضنه الأمة وتجعله قائدا لها ولدولتها. عندئذ نطهر بلادنا من براثن الاستعمار وعملائه ومن رجس مبدئه العلماني وما ينبثق عنه من مفاهيم وأفكار وأنظمة ديمقراطية فاسدة، وعندئذ سنتفوق على كافة الدول الغربية وعلى رأسها أمريكا، ونعود دولة كبرى بل الدولة الأولى في العالم بإذن الله كما بشر بها رسول الله ﷺ.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أسعد منصور
6 من شوال 1438هـ   الموافق   الجمعة, 30 حزيران/يونيو 2017مـ 

No comments:

Post a Comment