خبر وتعليق: سياسة أمريكا في الشرق الأوسط
الخبر: نشرت صحيفة العرب اللندنية بتاريخ 2014/9/5 موضوعا بعنوان "ورطة أوباما الشرق أوسطية".
ومما جاء في الموضوع: "ما يزال الرئيس
الأميركي باراك أوباما مترددا في وضع استراتيجية واضحة المعالم لمواجهة تنظيم
"داعش" الذي أصبح يهدد مصالح واشنطن في المنطقة وأمن حلفائها"
التعليق: الحقيقة هي أن التردد لا يقتصر على "تنظيم الدولة" وحسب،
بل يشمل المنطقة جميعها. ويمكن توضيح هذه المسألة من زاويتين:
الأولى: ليس من الدقة القول بأن الإدارة
الأمريكية ليس لديها استراتيجية واضحة تجاه العراق وتجاه سوريا وتجاه المنطقة.
فاستراتيجيات أمريكا تجاه العالم يشارك فيها أجهزة المخابرات والأمن القومي، ولوبي
الصناعات العسكرية والصناعات الأخرى الكبرى، وجماعات الضغط السياسية النافذة..
وهكذا، بالإضافة طبعا إلى البيت الأبيض والرئيس.
وعليه، فأمريكا تعرف تماما، ما هي الأهداف
الاستراتيجية الكبرى التي تريد تحقيقها في المنطقة، وكل ما في الأمر أن الخلاف
يدور حول نوع الإجراءات والأساليب التي يجب اللجوء إليها في الوقت الحاضر في إطار
تنفيذ هذه الاستراتيجية، فهل مثلا يجب أن تقوم أمريكا بتنفيذ ضربات عسكرية في
سوريا أم لا، وإلى أي حد بالضبط، وهكذا.
الثانية: أن أمريكا تعيش في عقدة سياسية
تحول بينها وبين تنفيذ ما لديها من استراتيجيات.
وقد بيّن "ستيفن والت"، أستاذ
العلاقات الدولية بجامعة هارفارد، بيّن ذلك في مقالته حول اللوبي الإسرائيلي
والسياسة الخارجية الأمريكية، والتي نشرها مؤخرا على مدونته بموقع مجلة
"الفورين أفيرز"، حيث بدأ مقالته بقوله "إنه مع كل مرة تتدخل فيها
الولايات المتحدة في إقليم الشرق الأوسط، فإن أحواله تسوء، لذا حان وقت الرحيل،
وعدم النظر للخلف".
ويشير والت في مقالته إلى أن الولايات
المتحدة ارتبطت خلال فترة الحرب الباردة بتحالفات قوية في المنطقة، لكنها الآن ليس
لديها في الشركاء ما يجذبها لشراكتهم، حيث رأى الكاتب أن مستقبل مصر مقلق، ويكاد
يتحول نظام العدالة والتنمية لأردوغان لنظام حزب واحد، والعمل مع نظام الأسد غير
وارد، ومعظم معارضيه ليسوا أقوياء، والأردن هش، والأوضاع في ليبيا تسوء، والسعودية
ملكية "ثيوقراطية" أصابتها شيخوخة، ويرى إيران نوعا مختلفا لهذه
الثيوقراطية، وإن كان نظامها له ملامح شبه ديمقراطية، ولكن سجلها الحقوقي مزر،
وطموحاتها الإقليمية مثيرة للقلق.
لذلك، يرى والت أن على أمريكا التراجع خطوة
أكثر مما عليه الآن، ولا يعني بذلك العزلة، وإنما فك الارتباط الاستراتيجي، ووضع
الإقليم في مكانة متأخرة على قائمة أولويات السياسة الخارجية الأمريكية، وبدلاً من
حمل هذه الدول على فعل - ما نعتقده الصواب - وفي الأغلب يكون رد الفعل التجاهل، أو
التوبيخ، فمن الأفضل تركها لبعض الوقت لحل مشكلاتها، وإذا أرادت إحداها المساعدة،
فعليها أن تدفع ثمناً باهظاً.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب
التحرير
أبو عيسى
أبو عيسى
14
من ذي القعدة 1435
الموافق 2014/09/09م
الموافق 2014/09/09م
No comments:
Post a Comment