مع
الحديث الشريف: إذا أتيت مضجعك فتوضأ
نُحَيِّيْكُمْ جميعاً أيُّها الأحبةُ في كُلِّ مَكَانٍ في حَلْقَةٍ جديدةٍ منْ برنامَجِكُمْ: مَعَ الْحديثِ الشريفِ، ونبدأُ بِخَيْرِ تحيةٍ فالسلامُ عليكُمْ ورحمةُ اللهِ وبركاتُهُ
عَنْ سَعْدِ بْنِ
عُبَيْدَةَ قَالَ حَدَّثَنِي الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا
قَالَ:
قَالَ لِي رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَتَيْتَ مَضْجَعَكَ فَتَوَضَّأْ
وَضُوءَكَ لِلصَّلَاةِ ثُمَّ اضْطَجِعْ عَلَى شِقِّكَ الْأَيْمَنِ وَقُلْ
اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ نَفْسِي إِلَيْكَ وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ
وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ رَهْبَةً وَرَغْبَةً إِلَيْكَ لَا مَلْجَأَ وَلَا
مَنْجَى مِنْكَ إِلَّا إِلَيْكَ آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ
وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ فَإِنْ مُتَّ مُتَّ عَلَى الْفِطْرَةِ
فَاجْعَلْهُنَّ آخِرَ مَا تَقُولُ، فَقُلْتُ: أَسْتَذْكِرُهُنَّ وَبِرَسُولِكَ الَّذِي
أَرْسَلْتَ، قَالَ: لَا، وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ
جاء في فتح الباري
بشرح صحيح البخاري
قَوْله: (إِذَا
أَتَيْت مَضْجَعك)
أَيْ إِذَا أَرَدْت أَنْ تَضْطَجِع.
أَيْ إِذَا أَرَدْت أَنْ تَضْطَجِع.
قَوْله: (فَتَوَضَّأْ
وُضُوءَك لِلصَّلَاةِ)
الْأَمْر فِيهِ لِلنَّدَبِ. وَلَهُ فَوَائِد: مِنْهَا أَنْ يَبِيت عَلَى طَهَارَة لِئَلَّا يَبْغَتهُ الْمَوْت فَيَكُون عَلَى هَيْئَة كَامِلَة, وَيُؤْخَذ مِنْهُ النَّدْب إِلَى الِاسْتِعْدَاد لِلْمَوْتِ بِطَهَارَةِ الْقَلْب لِأَنَّهُ أَوْلَى مِنْ طَهَارَة الْبَدَن
الْأَمْر فِيهِ لِلنَّدَبِ. وَلَهُ فَوَائِد: مِنْهَا أَنْ يَبِيت عَلَى طَهَارَة لِئَلَّا يَبْغَتهُ الْمَوْت فَيَكُون عَلَى هَيْئَة كَامِلَة, وَيُؤْخَذ مِنْهُ النَّدْب إِلَى الِاسْتِعْدَاد لِلْمَوْتِ بِطَهَارَةِ الْقَلْب لِأَنَّهُ أَوْلَى مِنْ طَهَارَة الْبَدَن
قَوْله: (ثُمَّ
اِضْطَجِعْ عَلَى شِقّك)
أَيْ الْجَانِب, وَخَصَّ الْأَيْمَن لِفَوَائِد: مِنْهَا أَنَّهُ أَسْرَع إِلَى الِانْتِبَاه, وَمِنْهَا أَنَّ الْقَلْب مُتَعَلِّق إِلَى جِهَة الْيَمِين فَلَا يَثْقُل بِالنَّوْمِ, وَمِنْهَا قَالَ اِبْن الْجَوْزِيّ: هَذِهِ الْهَيْئَة نَصَّ الْأَطِبَّاء عَلَى أَنَّهَا أَصْلَح لِلْبَدَنِ, قَالُوا يَبْدَأ بِالِاضْطِجَاعِ عَلَى الْجَانِب الْأَيْمَن سَاعَة ثُمَّ يَنْقَلِب إِلَى الْأَيْسَر لِأَنَّ الْأَوَّل سَبَب لِانْحِدَارِ الطَّعَام, وَالنَّوْم عَلَى الْيَسَار يَهْضِم لِاشْتِمَالِ الْكَبِد عَلَى الْمَعِدَة .
أَيْ الْجَانِب, وَخَصَّ الْأَيْمَن لِفَوَائِد: مِنْهَا أَنَّهُ أَسْرَع إِلَى الِانْتِبَاه, وَمِنْهَا أَنَّ الْقَلْب مُتَعَلِّق إِلَى جِهَة الْيَمِين فَلَا يَثْقُل بِالنَّوْمِ, وَمِنْهَا قَالَ اِبْن الْجَوْزِيّ: هَذِهِ الْهَيْئَة نَصَّ الْأَطِبَّاء عَلَى أَنَّهَا أَصْلَح لِلْبَدَنِ, قَالُوا يَبْدَأ بِالِاضْطِجَاعِ عَلَى الْجَانِب الْأَيْمَن سَاعَة ثُمَّ يَنْقَلِب إِلَى الْأَيْسَر لِأَنَّ الْأَوَّل سَبَب لِانْحِدَارِ الطَّعَام, وَالنَّوْم عَلَى الْيَسَار يَهْضِم لِاشْتِمَالِ الْكَبِد عَلَى الْمَعِدَة .
قَوْله: (وَقُلْ:
اللَّهُمَّ أَسْلَمْت وَجْهِي إِلَيْك)
" أَسْلَمْت نَفْسِي" قِيلَ الْوَجْه وَالنَّفْس هُنَا بِمَعْنَى الذَّات وَالشَّخْص, أَيْ أَسْلَمْت ذَاتِي وَشَخْصِي لَك .
" أَسْلَمْت نَفْسِي" قِيلَ الْوَجْه وَالنَّفْس هُنَا بِمَعْنَى الذَّات وَالشَّخْص, أَيْ أَسْلَمْت ذَاتِي وَشَخْصِي لَك .
قَوْله: (أَسْلَمْت)
أَيْ اِسْتَسْلَمْت وَانْقَدْت, وَالْمَعْنَى جَعَلْت نَفْسِي مُنْقَادَة لَك تَابِعَة لِحُكْمِك إِذْ لَا قُدْرَة لِي عَلَى تَدْبِيرهَا وَلَا عَلَى جَلْب مَا يَنْفَعهَا إِلَيْهَا وَلَا دَفْع مَا يَضُرّهَا عَنْهَا
أَيْ اِسْتَسْلَمْت وَانْقَدْت, وَالْمَعْنَى جَعَلْت نَفْسِي مُنْقَادَة لَك تَابِعَة لِحُكْمِك إِذْ لَا قُدْرَة لِي عَلَى تَدْبِيرهَا وَلَا عَلَى جَلْب مَا يَنْفَعهَا إِلَيْهَا وَلَا دَفْع مَا يَضُرّهَا عَنْهَا
وَقَوْله:
(وَفَوَّضْت أَمْرِي إِلَيْك)
أَيْ تَوَكَّلْت عَلَيْك فِي أَمْرِي كُلّه
أَيْ تَوَكَّلْت عَلَيْك فِي أَمْرِي كُلّه
وَقَوْله:
(وَأَلْجَأْت)
أَيْ اِعْتَمَدْت فِي أُمُورِي عَلَيْك لِتُعِينَنِي عَلَى مَا يَنْفَعنِي; لِأَنَّ مَنْ اِسْتَنَدَ إِلَى شَيْء تَقَوَّى بِهِ وَاسْتَعَانَ بِهِ, وَخَصَّهُ بِالظَّهْرِ لِأَنَّ الْعَادَة جَرَتْ أَنَّ الْإِنْسَان يَعْتَمِد بِظَهْرِهِ إِلَى مَا يَسْتَنِد إِلَيْهِ,
أَيْ اِعْتَمَدْت فِي أُمُورِي عَلَيْك لِتُعِينَنِي عَلَى مَا يَنْفَعنِي; لِأَنَّ مَنْ اِسْتَنَدَ إِلَى شَيْء تَقَوَّى بِهِ وَاسْتَعَانَ بِهِ, وَخَصَّهُ بِالظَّهْرِ لِأَنَّ الْعَادَة جَرَتْ أَنَّ الْإِنْسَان يَعْتَمِد بِظَهْرِهِ إِلَى مَا يَسْتَنِد إِلَيْهِ,
وَقَوْله: (رَغْبَة
وَرَهْبَة إِلَيْك)
أَيْ رَغْبَة فِي رَفْدك وَثَوَابك و "رَهْبَة" أَيْ خَوْفًا مِنْ غَضَبك وَمِنْ عِقَابك .
أَيْ رَغْبَة فِي رَفْدك وَثَوَابك و "رَهْبَة" أَيْ خَوْفًا مِنْ غَضَبك وَمِنْ عِقَابك .
قَوْله: (لَا
مَلْجَأ وَلَا مَنْجَى مِنْك إِلَّا إِلَيْك)
وَقَالَ الطِّيبِيُّ: فِي نَظْم هَذَا الذِّكْر عَجَائِب لَا يَعْرِفهَا إِلَّا الْمُتْقِن مِنْ أَهْل الْبَيَان, فَأَشَارَ بِقَوْلِهِ: "أَسْلَمْت نَفْسِي" إِلَى أَنَّ جَوَارِحه مُنْقَادَة لِلَّهِ تَعَالَى فِي أَوَامِره وَنَوَاهِيه, وَبِقَوْلِهِ "وَجَّهْت وَجْهِي" إِلَى أَنَّ ذَاته مُخْلِصَة لَهُ بَرِيئَة مِنْ النِّفَاق وَبِقَوْلِهِ "فَوَّضْت أَمْرِي" إِلَى أَنَّ أُمُوره الْخَارِجَة وَالدَّاخِلَة مُفَوَّضَة إِلَيْهِ لَا مُدَبِّر لَهَا غَيْره, وَبِقَوْلِهِ "أَلْجَأْت ظَهْرِي" إِلَى أَنَّهُ بَعْد التَّفْوِيض يَلْتَجِئ إِلَيْهِ مِمَّا يَضُرّهُ وَيُؤْذِيه مِنْ الْأَسْبَاب كُلّهَا. قَالَ: وَقَوْله رَغْبَة وَرَهْبَة مَنْصُوبَانِ عَلَى الْمَفْعُول لَهُ عَلَى طَرِيق اللَّفّ وَالنَّشْر, أَيْ فَوَّضْت أُمُورِي إِلَيْك رَغْبَة وَأَلْجَأْت ظَهْرِي إِلَيْك رَهْبَة.
وَقَالَ الطِّيبِيُّ: فِي نَظْم هَذَا الذِّكْر عَجَائِب لَا يَعْرِفهَا إِلَّا الْمُتْقِن مِنْ أَهْل الْبَيَان, فَأَشَارَ بِقَوْلِهِ: "أَسْلَمْت نَفْسِي" إِلَى أَنَّ جَوَارِحه مُنْقَادَة لِلَّهِ تَعَالَى فِي أَوَامِره وَنَوَاهِيه, وَبِقَوْلِهِ "وَجَّهْت وَجْهِي" إِلَى أَنَّ ذَاته مُخْلِصَة لَهُ بَرِيئَة مِنْ النِّفَاق وَبِقَوْلِهِ "فَوَّضْت أَمْرِي" إِلَى أَنَّ أُمُوره الْخَارِجَة وَالدَّاخِلَة مُفَوَّضَة إِلَيْهِ لَا مُدَبِّر لَهَا غَيْره, وَبِقَوْلِهِ "أَلْجَأْت ظَهْرِي" إِلَى أَنَّهُ بَعْد التَّفْوِيض يَلْتَجِئ إِلَيْهِ مِمَّا يَضُرّهُ وَيُؤْذِيه مِنْ الْأَسْبَاب كُلّهَا. قَالَ: وَقَوْله رَغْبَة وَرَهْبَة مَنْصُوبَانِ عَلَى الْمَفْعُول لَهُ عَلَى طَرِيق اللَّفّ وَالنَّشْر, أَيْ فَوَّضْت أُمُورِي إِلَيْك رَغْبَة وَأَلْجَأْت ظَهْرِي إِلَيْك رَهْبَة.
قَوْله: (آمَنْت
بِكِتَابِك الَّذِي أَنْزَلْت)
يَحْتَمِل أَنْ يُرِيد بِهِ الْقُرْآن, وَيَحْتَمِل أَنْ يُرِيد اِسْم الْجِنْس فَيَشْمَل كُلّ كِتَاب أُنْزِلَ .
يَحْتَمِل أَنْ يُرِيد بِهِ الْقُرْآن, وَيَحْتَمِل أَنْ يُرِيد اِسْم الْجِنْس فَيَشْمَل كُلّ كِتَاب أُنْزِلَ .
قَوْله: (فَإِنْ مُتّ
مُتّ عَلَى الْفِطْرَة)
قَالَ اِبْن بَطَّال وَجَمَاعَة: الْمُرَاد بِالْفِطْرَةِ هُنَا دِين الْإِسْلَام
قَالَ اِبْن بَطَّال وَجَمَاعَة: الْمُرَاد بِالْفِطْرَةِ هُنَا دِين الْإِسْلَام
في ضوء هذا الحديث
الشريف، لا بد من لفت النظر إلى النقاط التالية:
أولا: يجب أن نحث
أنفسنا على العمل بهذا الحديث الشريف ولزوم الدعاء عند النوم.
ثانيا: مداومة محاسبة
النفس قبل النوم والتعود على ذلك. وقد كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ إِذَا
أَمْسَيْتَ فَلَا تَنْتَظِرْ الصَّبَاحَ وَإِذَا أَصْبَحْتَ فَلَا تَنْتَظِرْ
الْمَسَاءَ.
ثالثا: دعاؤنا
(اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ نَفْسِي إِلَيْكَ وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ
وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ رَهْبَةً وَرَغْبَةً إِلَيْكَ لَا مَلْجَأَ وَلَا
مَنْجَى مِنْكَ إِلَّا إِلَيْكَ...) يجب أن لا يكون دعاؤنا هذا كلمات فقط ننطق بها
دون أن يتجاوز حناجرنا. بل يجب أن نكون صادقين مع الله سبحانه فيما نقول، فنكون
بحق أسلمنا أنفسنا لله سبحانه، عاملين بقوله تعالى: (قل إن صلاتي ونسكي ومحياي
ومماتي لله رب العالمين)، فشتان بين من يعيش على الإسلام وبين من يعيش بالإسلام
وبين من يعيش للإسلام.
وإلى حينِ أَنْ نَلْقَاكُمْ مَعَ حديثٍ نبويٍ آخَرَ نتركُكُمْ في رِعَايَةِ اللهِ والسلامُ عليكُمْ ورحمةُ اللهِ وبركاتُهُ
وإلى حينِ أَنْ نَلْقَاكُمْ مَعَ حديثٍ نبويٍ آخَرَ نتركُكُمْ في رِعَايَةِ اللهِ والسلامُ عليكُمْ ورحمةُ اللهِ وبركاتُهُ
27 من ذي القعدة 1435
الموافق 2014/09/22م
الموافق 2014/09/22م
No comments:
Post a Comment