Wednesday, December 25, 2019

حكام لا يجيدون سوى الطاعة والولاء للغرب واجترار مفاهيمه

حكام لا يجيدون سوى الطاعة والولاء للغرب واجترار مفاهيمه

قال عضو لجنة الحريات الدينية في الكونغرس الأمريكي جوني مور، إن رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، أبلغهم أن الإسلام لم يعد مصدراً رئيسياً للقانون في السودان وذلك خلال زيارته الأخيرة إلى واشنطن يرافقه وزير الشؤون الدينية نصر الدين مفرح.
تصريحات جوني مور، جاءت لشبكة CBN نيوز الأمريكية، حيث قال إن الحكومة السودانية ألغت قوانين كانت تمنح جهاز الأمن سلطة تطبيق تعاليم الأخلاق الدينية في إشارة لقوانين النظام العام كما أنشأت الحكومة مكتباً لشؤون الكنيسة داخل وزارة الشؤون الدينية. وبحسب الشبكة الأمريكية كشف مور، أن حمدوك أوضح لهم أن حكومته تخطط لطرح نموذج جديد حول التربية المدنية سيشمل تدريس الحريات الدينية، كما ستضمن القوانين الجديدة لموظفي الدولة عدم التقيد بتوقف العمل للصلاة، وأوضح مور أن القادة الجدد في السودان يخططون لتغيير قوانين الردة المعمول بها في القانون الجنائي ووصف مور هذه التغييرات بالفجر الجديد في السودان.
عدم اتخاذ الإسلام مصدراً للتّشريع في السودان ليس أمراً جديداً، وهذا موجود في كلّ بلاد الإسلام في ظلّ غياب نظام الحكم الإسلامي، وحكومة الفترة الانتقالية شأنها في ذلك شأن باقي الحكومات في بلاد المسلمين، ولضمان دوام هَذا الأمْر عمدت في دستورها إلى عدم مراعاة أي دين أثناء التشريع باعتبار أنّ الدين عندهم أمر فردي بحت، يُقرّون بوجوده لا وجوبه، وفي هذا اكتساح لمساحات التدين إلى حدّ تقليصها وعزلها تماما عن الحياة العامّة والمجتمع، كما منعت الوثيقة العمل الحزبيّ على أساس الدين (المادة 57 البند 3) بأنه لا يحق لأي تنظيم يعمل كحزب سياسي ما لم يكن لديه عضوية مفتوحة لأي سوداني بغض النظر عن الدين أو العرق أو مكان الميلاد، ليضمنوا ما بعد الفترة الانتقالية من انتخابات أن لا تأتي إلا حسب العلمانية اللادينية. كما انتهجت حكومة حمدوك سياسة تجفيف منابع الإسلام بتعديل المناهج والمناداة بحذف كل الآيات والأحاديث من المقررات المدرسية، وإدخال الفنون والفلسفة والمسرح...إلخ، ثمّ تلويث الإسلام بإلصاق ممارسات النظام السابق به، وهذا عامل للتنفير من كل ما هو إسلامي! أيضا يجري تسميم الرأي العام بأفكار الدولة المدنية، وأنها هي الحل والدعوة للحريات وجعلها أساساً، حتّى يُحال دون فهم المسلمين لدينهم فضلا عن تطبيقه.
وإمعانا في إبعاد الفكر الإسلامي والثقافة الإسلامية، في المظاهر العامّة، والتضييق عليه في مظاهره الفردية فإن حمدوك لا يراعي حرمة مواعيد العبادة، ومواقيتها، إن كانت تخالف التوقيت الإداري فلا داعي عنده أن يترك العمل تعظيما لمواقيت الصلاة!!
وتطبيقا لمبدأ التعايش والتسامح أصبح الإسلام ليس هو الحق، بل يساوى بينه وبين النصرانية، وإنشاء مكتب لشئون الكنيسة داخل وزارة الشؤون الدينية، برهان على التزام حكومة الفترة الانتقالية بالحريات الدينية ولا ضير في أن تلغي الحكومة القوانين الضابطة للمجتمع التزاماً بمبدأ الحريات الديمقراطية.
وكأن مشروع الدستور الانتقالي العلماني الذي يسترضي به الغرب والذي يفصل الدين عن الحياة هذا تم انتزاعه من "فك الأسد" في معركة العلمانية الملتحية والعلمانية الصريحة في السودان للحفاظ على علمانية الدولة!! مع أنه لا يختلف في مواده الرئيسة عن دستور حكومة الإنقاذ في شيء، بل نفس الديمقراطية والتعددية والالتزام بالمعاهدات الدولية وحقوق الإنسان وغيرها من المواد التي تناقض الإسلام هي هي في صياغتها وحتى في الترتيب لم تتغير! وإذا كانت صياغة بعض المواد تتشابه مع صياغات علمانية لا ريب فيها فإن النظام السابق وإن كانت بعض صياغات الدستور صحيحة في الشريعة، فإن أخذها ليس مستندا إلى العقيدة الإسلامية وإنما هو أخذ مصلحي ديمقراطي بل وضعت بعض التشريعات الإسلامية ولم يطبق منها حرف إلا في ما يخص النظام الاجتماعي الذي يفرض تطبيقه حساسية الأمة تجاهه.
والجديد في عهد الحكومة الانتقالية أن النّظام الرّأسماليّ المفروض على المسلمين بقوّة الحديد والنّار يصطنع أجواء جديدة، ويتحصّن عند خط دفاعه الأخير باسم العلمانيّة الصريحة دون مواربة، وهي موجة تجتاح حتى أقدس بقعة عند المسلمين بلاد الحرمين الشريفين. والأصل في العلمانيّة المتحكّمة في الحياة السياسية في كل العالم دون استثناء أنها دخيلة مفروضة جاءت في السياق الاستعماري والعسكري وما تبعه من استعمار ثقافي، وإن كان ثمة دعم يأتي من الغرب فهو لنفخ الحياة في هذه العلمانية المقيتة لتزييف وعي المسلمين، وإصرار هؤلاء العلمانيين الممسكين بالسلطة اليوم على نبذ الإسلام وأحكامه العظيمة، وإبلاغ أسيادهم بذلك هو إصرار على مبارزة الله بالعداوة والارتماء في أحضان الليبرالية التي لن ترضى عنهم حتى يتركوا كامل الدين ﴿وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ﴾
 وإنه لمن المخزي على المشتغلين بالسياسة في بلادنا ألّا يتحرروا من قيد المفاهيم الرأسمالية الغربية المضلّلة التي دخلت ديارنا على حين غفلة، المدعومة بقوّة الإعلام والمال الملوّث لإفقاد هذه الأمّة القوة والحصانة. فالغرب نفسه يعلن صراحة أو ضمناً أنه أفلس وأنه يبحث عن بديل لرأسماليته الفاجرة المتهاوية، والجميع يعلم أن البديل العالمي للنظام الرأسمالي الليبرالي الطاغي الذي استوفي كل عمليات التّجميل إنما هو الإسلام.
والأكثر خزيا وعاراً في الأمر هو حالة العجز عن التفكير في هذا البديل الأصيل من أبناء الأمة ولو على سبيل الاحتمال، وكأن أطروحات الغرب قدر محتوم وليس من حق هؤلاء الحكام الأتباع إلّا التفكير في حدود الطاعة والولاء واجترار مفاهيم الغرب اجترارا أشبه ما يكون بحفظ درس عن ظهر قلب!
إن ما تمارسه حكومة حمدوك هو أمر جلل، تنهدّ له الجبال، ولكننا على يقين أن النتيجة ستكون عكس ما أراد المتآمرون، وفق سنّة أرادها الله حاكمة لصراع الحقّ والباطل عبر التاريخ، قال الله تعالى: ﴿قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللّهُ بُنْيَانَهُم مِّنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِن فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ﴾، وإن مع هذا العسر ستشرق بإذن الله شمس الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، التي ستطهر الأرض من رجس العلمانيين وأعداء الدين، ومؤامراتهم القذرة في العالم وفي بلاد المسلمين.
كتبته لإذاعة المكتب الاعلامي المركزي لحزب التحرير
الأستاذة غادة عبد الجبار – أم أواب
  28 من ربيع الثاني 1441هـ   الموافق   الأربعاء, 25 كانون الأول/ديسمبر 2019مـ 

No comments:

Post a Comment