Friday, August 24, 2018

مع الحديث الشريف: حكامنا محتجبون عنا

مع الحديث الشريف: حكامنا محتجبون عنا

نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدِّمَشْقِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ، حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ مُخَيْمِرَةَ، أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا مَرْيَمَ الْأَزْدِيَّ، أَخْبَرَهُ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى مُعَاوِيَةَ فَقَالَ: مَا أَنْعَمَنَا بِكَ أَبَا فُلَانٍ - وَهِيَ كَلِمَةٌ تَقُولُهَا الْعَرَبُ – فَقُلْتُ: حَدِيثًا سَمِعْتُهُ أُخْبِرُكَ بِهِ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ وَلَّاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ شَيْئًا مِنْ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ فَاحْتَجَبَ دُونَ حَاجَتِهِمْ، وَخَلَّتِهِمْ وَفَقْرِهِمْ، احْتَجَبَ اللَّهُ عَنْهُ دُونَ حَاجَتِهِ وَخَلَّتِهِ، وَفَقْرِهِ»  قَالَ :فَجَعَلَ رَجُلًا عَلَى حَوَائِجِ النَّاسِ (سنن أبي داوود( 2605
إن خير الكلام كلام الله تعالى، وخير الهدي هدي نبيه عليه الصلاة والسلام، محمد بن عبد الله، أما بعد:
إن هذا الحديث الشريف يخبر كيف يكون الحكم، وما هو دور الحاكم، وكيف يحكم بشكل لا غبار عليه ولا إثم فيه. يخبر الرسول الكريم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأن الذين اختارهم الناس ليكونوا حكامًا عليهم وكلاء عنهم في تنفيذ الأحكام الشرعية، لا يجب أن يكون بينهم وبين الناس حجاب، ولا يحتجبون عنهم ويبتعدون تاركين رعاية شئون الناس.
فمن الحكام من يظن نفسه خيرًا من باقي الناس، وأنه لا يخطأ ولا يقصر، فتراه يحتجب عن الناس، والبطانة تفعل ما تريد. إن الحاكم مهما سما يخطأ ومهما ارتقى واتقى يقصر، ومهما ارتفع يبقى بشرًا.
أما ما يتذرع به بعض الحكام باحتجابهم عن الناس، بأن حياتهم مهددة من قبلهم، فهذا العذر لا مكان له، فإن عدل بين الناس أمنهم، وقد جعل الله لكل أجل كتاب، فماذا يخشى بعدها؟!
لكن حكام هذا الزمان لم يعدلوا، ولم يطبقوا شرع ربنا، ولم يؤدوا الأمانة حقها، وشردوا الناس، ويتّموا الأطفال، وأذلوا الناس وقهروهم وأذاقوهم الويلات...  فمثل هؤلاء يحتجبون عن الناس ويبتعدون عن الأنظار لما اقترفته أيديهم.
إن الحاكم المسلم الراشد لا يمنع نفسه عن الناس، ويقوم على رعاية شؤونهم وخدمتهم، يتقي الله سبحانه وتعالى في كل صغيرة وكبيرة، عسى الله أن يرحمه ويغفر له زلاته وتقصيره.
الله نسأل أن يهيئ لنا حاكمًا عادلًا يأمن على نفسه، وأن يجعل حاكمنا من خيارنا، وأن يعجل بالفرج وإنهاء هؤلاء الحكام الظلمة الفسقة الكفرة، اللهم آمين.
أحبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كتبه للإذاعة: د. ماهر صالح
  13 من ذي الحجة 1439هـ   الموافق   الجمعة, 24 آب/أغسطس 2018مـ

No comments:

Post a Comment