Tuesday, July 31, 2018

مؤتمر "منبر الأقصى للخطباء والدعاة"

مؤتمر "منبر الأقصى للخطباء والدعاة"

الخبر: اختتمت مؤسسة منبر الأقصى الدولية يوم السبت الماضي الموافق 29/07/2018 في مدينة إسطنبول المؤتمر الدولي الثاني لـ"منبر الأقصى للخطباء والدعاة" بمشاركة علماء من تركيا ودول عدة من العالم، وحضر المؤتمر، الذي استمر يومي الجمعة والسبت الماضيين، الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين علي محيي الدين القرة داغي وأكثر من 400 عالم وخطيب وداع من أكثر من 50 دولة، ونوقشت في اليوم الأول مواضيع متعددة منها مؤسسة العمل المقدسي وتطويعه لخدمة القدس، وأما اليوم الثاني فقد شهد ورشات تدريبية للمشاركين ناقشوا فيها مهارات وتقنيات التواصل الإلكتروني في خدمة قضية القدس والدراسات الشرعية المتعلقة ببيت المقدس إضافة إلى فقرات فنية.
التعليق:
لا شك أن للعلماء دوراً عظيماً في حياة الأمة، وقد جعل الإسلام من العلماء بوصلة للأمة، فإن زاغت أو انحرفت أو شاع الجهل فيها أو احتُلّت بعض بلادهم، كان العلماء لها بالمرصاد، يعلمون الناس دين ربهم ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويحيون فيهم روح الجهاد في سبيل الله، والعلماء الربانيون سابقا لم يكن أمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر مقتصرا على فرادى المسلمين، بل وقفوا أيضا في وجه الحكام وقصروهم على الحق قصرا، ولأجل ذلك مدحهم النبي عليه الصلاة والسلام بقوله: «الْعُلَمَاءُ وَرَثَةُ الأَنْبِيَاءِ»، وهم الذين قال الله فيهم: ﴿إنّما يَخشَى اللهَ مِن عِبادِهِ العُلَماءُ﴾، وقال فيهم عليه الصلاة والسلام: «إن مثل العلماء في الأرض كمثل النجوم في السماء يُهتدى بها في ظلمات البر والبحر، فإذا انطمست النجوم أوشك أن تضل الهداة»، هكذا كان العلماء يقولون الحق ولا يخشون في الله لومة لائم، ووقوف الإمام سعيد بن جبير في وجه الحجاج خير شاهد على ذلك مع أنه كان يعرف أن وقفته تلك ستؤدي به إلى القتل لا محالة، وأما سلطان العلماء العز بن عبد السلام بائع الأمراء فمواقفه العظيمة لا تنسى أبدا.
إلا أنه قد خلف من بعد هؤلاء العلماء الربانيين خلف، ليسوا بعلماء بل أشباه علماء، آثروا المناصب والمال على قول الحق، ورضا الحكام الفجرة على رضا رب العالمين، وتعلقوا بدنيا زائلة فانية ونسوا دار القرار الباقية، فأفتوا لهم بما يحبون وما يشتهون، ما لم ينزل الله به سلطانا، وتقربوا منهم زلفى، ونسوا أن التقرب من هؤلاء الطواغيت العملاء إنما هو مهلكة ما بعدها مهلكة، وها قد اجتمع 400 من أشباه العلماء من بلاد إسلامية شتى في إسطنبول للحديث عن القدس والأقصى، وعن مأساة فلسطين، ومعاناة أهلها مع يهود، وتحدث بعضهم عن فضل المسجد الأقصى وعن وجوب شد الرحال إليه، وتحدث بعضهم عن الوحدة دون أن يبين ما هي الوحدة المقصودة وكيف تتحقق، إلا أن موضوعا واحدا لم يتطرق إليه أحد منهم لا من قريب ولا من بعيد، ألا وهو تحرير المسجد الأقصى والقدس وسائر الأرض المباركة فلسطين من براثن يهود عن طريق تحريك جيوش الأمة، فكان دور الجنود غائبا كالعادة وكأن وظيفة هذه الجيوش الوحيدة هي حماية الطواغيت، لا بل إن مفتي السودان السابق الشيخ عصام البشير تحدث عن أنواع شتى من الجهاد، إلا أنه لم يعرج على الجهاد بمعنى القتال في سبيل الله لتحرير الأرض المباركة فلسطين، ولم نسمع منه ولا منهم الحديث عن جهاد الدفع الذي يوجب على جيوش الأمة التحرك لتحرير ما احتل يهود، إنه لأمر عجيب، فإن لم يطالب المجتمعون بهذا فعلامَ اجتماعهم إذن؟! وكيف تكون نصرة الأقصى إذن؟ هلا جلسوا في بيوتهم بدل أن يشغلوا الأمة فيما لا طائل منه، لقد نددوا بممارسات يهود ضد المسجد الأقصى ودعوا إلى التضامن مع أهل بيت المقدس إلا أنهم تناسوا أنهم يجتمعون في بلد يعترف بكيان يهود ويقيم معه علاقات دبلوماسية واقتصادية وعسكرية!!
ألا فليعلم هؤلاء المجتمعون في إسطنبول أن أمرهم مكشوف وأن خداع الأمة بهكذا مؤتمرات لم يعد ممكنا، فالأمة تدرك من أنتم وأنكم لا تتكلمون إلا بما يسمح به حكامكم، والأمة لم تعد لقمة سائغة يخدعها معسول كلامكم، بل أصبحت الأمة على درجة كبيرة من الوعي وتدرك أنكم مجرد علماء سلاطين، وباتت تدرك أن طريق تحرير فلسطين والأقصى لا يكون بالمفاوضات ولا بجمع التبرعات ولا بالمؤتمرات ولا الندوات وإنما بحشد جيوش الأمة فتنطلق مزمجرة مكبرة ومهللة تتلوا قول الله عز وجل: ﴿وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا * فَإِذَا جَاء وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُواْ خِلاَلَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَّفْعُولاً * ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا * إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاء وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوؤُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْاْ تَتْبِيرًا﴾.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
محمد أبو هشام
  19 من ذي القعدة 1439هـ   الموافق   الأربعاء, 01 آب/أغسطس 2018مـ

No comments:

Post a Comment