Friday, May 27, 2016

النهضة تختم مؤتمرها العاشر بتحولها صراحة إلى حزب عَلماني

النهضة تختم مؤتمرها العاشر بتحولها صراحة إلى حزب عَلماني

الخبر: اختتمت حركة النهضة التونسية مؤتمرها العاشر بإعلان التخصص داخل الحركة في العمل السياسي، وترك النشاط الدعوي للمنظمات المدنية. وفي مسودة بيانها الختامي، أكدت حركة النهضة أنها انطلقت من تقييم تجربتها الماضية للتعبير عن إيمانها بالنقد الذاتي وأن مسيرتها القائمة على الإصلاح والتطوير أهّلتها اليوم لأن تكون حزبا وطنيا يعمل من أجل مصلحة تونس، وفقا لما ورد في البيان.
 وعبّر الغنوشي في اختتام أشغال المؤتمر عن التزامه بأن تتركز أعمال الحركة حول اهتمامات المواطن التونسي اليومية، والانتقال من الصراع على الهوية إلى الاهتمام بمشاغل الناس، مسجلا نجاح المؤتمر خاصة في تناوله لأهم قضية بين المؤتمرين وهي إدارة المشروع الإسلامي والتمييز بين النشاطات السياسية والدعوية للحركة. (الجزيرة نت) 
التعليق:
إن حركة النهضة التونسية لم تكتفِ بالتحول صراحة إلى حركة عَلمانية بفصلها العمل السياسي عن الإسلام وعدم القيام به وفق الأحكام الشرعية بهدف إيجاد الإسلام في واقع الحياة والدولة والمجتمع، وإنما زادت على ذلك بأن صوّرت الإسلام على أنه دين دعوة فردية وخلقية وحسب لا دينا جاء ليصوغ حياة الناس على جميع الصعد، وهذا يناقض قول الله سبحانه وتعالى: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا﴾، وقوله أيضا: ﴿وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ﴾. فدين الله تعالى يعالج سائر شؤون الحياة وهذا مما يجب على المسلمين الإيمان به، وفرض عليهم أن يتصرفوا على هذا الأساس، فلا يجوز لهم تصوير الإسلام بأنه دين عبادات فردية وصفات خلقية وحسب، ولا يجوز لهم إنشاء أحزاب سياسية على غير أساس الإسلام، أو على أساس فصل الأعمال السياسية عن الإسلام.
 ثم إن الله سبحانه وتعالى قد فرض على المسلمين حمل الإسلام حملا سياسيا حين أمرهم في محكم تنزيله بإنشاء أحزاب سياسية قائمة على أساس الإسلام. فالله تعالى يقول: ﴿وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾، فالآية توجب على المسلمين بأن يكون منهم أمّة، أي جماعة أو حزب، تقوم بأعمال محددة وهي الدعوة إلى الإسلام، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. والدعوة إلى الإسلام تشمل الدعوة إلى اعتناقه، وتشمل أيضا الدعوة إلى تطبيقه وأن تكون رعاية شؤون الناس كلها بحسب الأحكام التي جاء بها وهذا عمل سياسي، إذ إن السياسة تعني رعاية الشؤون والأعمال السياسية إنما هي تتعلق برعاية الشؤون، وأيضا فإن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يشمل أمر الحكام بالمعروف ونهيهم عن المنكر، أي هو أمر يتعلق برعاية الشؤون ومحاسبة الحكام على أي تقصير أو انحراف أو ظلم يصدر عنهم فيما يتعلق برعاية الشؤون سواء على الصعيد الداخلي أو على الصعيد الخارجي وهذا كله عمل سياسي بل هو من أهم الأعمال السياسية. ولذلك فإن الآية أعلاه توجب على المسلمين إيجاد أحزاب قائمة على أساس الإسلام، إذ إن عملها هو حمل الدعوة الإسلامية والأمر بالمعروف الذي بينه الإسلام والنهي عن المنكر الذي بينه الإسلام، وهذا يدل دلالة قطعية على وجوب أن يكون الحزب قائما على أساس الإسلام، وأيضا فإن الآية توجب على المسلمين أن يكون الحزب القائم على أساس الإسلام حزبا سياسيا وهذا واضح من خلال الآية ومعناها كما بينا أعلاه. فكيف لحركة النهضة التونسية وهي التي كانت تصف نفسها، أو تصوّر نفسها أمام الرأي العام، أنها حركة إسلامية أو حزب إسلامي أن تقول بفصل العمل السياسي عن الإسلام؟؟ وهل يكون الحزب، أي حزب، قائما على أساس الإسلام إن كان لا يقيم وزنا للإسلام في مواقفه وأفكاره وغاياته وسياساته؟؟
 إن الحزب السياسي القائم على أساس الإسلام ليس هو الذي يعلم الناس أفكارا إسلامية مفصولة عن واقع حياتهم وعلاقاتهم، وإنما هو الذي يرعى شؤون الناس بالإسلام أفكاراً وأحكاماً، أي هو الذي يقوم بالأعمال السياسية لجعل الإسلام يتجسد في علاقات الناس في المجتمع، أي أن تُسيّر شؤون الناس بموجب أحكامه. وهذا يعني التعرض للحكام ورعايتهم للشؤون ومحاسبتهم في ذلك على أساس الإسلام، وليس التخلي عن الإسلام في القيام بالأعمال السياسية.
قال تعالى: ﴿فَلِذَٰلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَقُلْ آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ﴾.  
 كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
طالب رضا – لبنان
20 من شـعبان 1437هـ   الموافق   الجمعة, 27 أيار/مايو 2016مـ

No comments:

Post a Comment