Wednesday, October 28, 2015

خبر وتعليق: استفتاء دارفور ينذر بكارثة جديدة في بلدنا المنكوب بحكامه

خبر وتعليق: استفتاء دارفور ينذر بكارثة جديدة في بلدنا المنكوب بحكامه

الخبر: أعلن الرئيس عمر البشير في خطابه أمام البرلمان السوداني يوم الاثنين 19 تشرين الأول/أكتوبر عن نية حكومته إجراء استفتاء في دارفور بحلول نيسان/أبريل 2016. وقال أمام البرلمان نقلا عن سودان تربيون: "الترتيبات تسير سيرا حسنا لإنجاز الاستفتاء الذي سينتظم كل ولايات دارفور خلال نيسان/أبريل 2016، ليرسي دعائم المستقبل المتسم بالممارسة السياسية الراشدة في هذا الإقليم."

التعليق: يقال لها دارفور السلطان، والسلطان هو علي دينار الذي حكم المنطقة بين 1898-1917م حينما ضم الإنجليز المنطقة لبقية السودان. مساحتها تزيد عن 510 ألف كم2، وعدد سكانها حوالي ستة ملايين نسمة، كلهم من المسلمين السنة. ظلت دارفور وحدة إدارية واحدة، حتى تم تقسيمها إلى ثلاث ولايات في عام 1994، بقرار جمهوري من رئيس الدولة، وفيما بعد قسمت ثانية لخمس ولايات. اندلعت أعمال التمرد المسلح على الدولة في عام 2003، وقعت حكومة البشير اتفاق أبوجا في 5 أيار/مايو 2006 مع بعض الحركات المسلحة هناك، أهمها حركة تحرير السودان - جناح مني أركو مناوي، جاء في المادة 6، النقاط 55-56-57 ما يلي: "يتحدد الوضع الدائم لدارفور من خلال استفتاء يجري في وقت متزامن في ولايات دارفور الثلاث. ... على أن تقدم في الاستفتاء خيارات الإدارة السياسية لدارفور وهي: إنشاء إقليم دارفور المكون من ثلاث ولايات، أو الإبقاء على الوضع القائم للولايات الثلاث وفي كلتا الحالتين يتم احترام المميزات الخاصة لدارفور على نحو ما حددته التقاليد والصلات الثقافية والتاريخية". فشل اتفاق أبوجا وانهار باختفاء ومن ثم خروج مني مغاضبا محاربا للحكومة مرة أخرى في النصف الثاني من عام 2008. استخدمت الحكومة ورقة الاستفتاء إبان مفاوضات الدوحة، ثم سكتت عنه.
وقعت اتفاقية الدوحة في 14 تموز/يوليو 2011 وجاء في مادتها العاشرة بند 75 و76:
"يتقرر الوضع الإداري لدارفور من خلال إجراء استفتاء.
يجري الاستفتاء على نحو متزامن في ولايات دارفور في فترة لا تقل عن عام بعد التوقيع على هذا الاتفاق...، ويجري تقديم الخيارات التالية في الاستفتاء:
إنشاء إقليم دارفور الذي يتكون من ولايات دارفور،
الإبقاء على الوضع الراهن لنظام الولايات. وفي كلتا الحالتين يتم احترام طابع الإقليم الذي تحدده التقاليد الثقافية والتاريخية".
يبدو أن الروح الشريرة التي كتبت الاتفاقين واحدة وأن هدفها هو هو لم يتغير: تهيئة دارفور للانفصال بحجة احترام طابع الإقليم الذي تحدده التقاليد الثقافية والتاريخية. حكومة البشير تظن أنها بإجراء الاستفتاء، والذي تهيئ الخرطوم كما يبدو لنا لأن تكون نتيجته لصالح بقاء الإقليم مجزّأً، ولكن الغباء السياسي المطبق على أقل تقدير، وبإعمال حسن الظن يجعلهم لا يرون أن مجرد إجراء استفتاء هو خطوة متقدمة لفصل الإقليم مستقبلا أياً كانت النتائج. فاستفتاء جديد ويعطي الإقليم حكماً ذاتياً، ثم آخر ويعطي الإقليم حق تقرير المصير، وبعدها يتم إعلان الاستقلال. إن الصلاحيات المالية والإدارية والسياسية التي أعطيت لسلطة دارفور الانتقالية في اتفاقيتي أبوجا والدوحة هي تأسيس لدولة داخل الدولة. وإن الحديث عن الاستفتاء في دارفور يشبه الحديث عن خيار الوحدة الجاذبة الذي صدعت به حكومة الحركة الإسلامية رؤوسنا بعد اتفاقية نيفاشا المشؤومة والتي أدت لفصل جنوب السودان. والغريب العجيب أن حكومة البشير بدأت الحديث عن استفتاء دارفور وبجدية من آب/أغسطس 2015، فقد أوردت سودان تربيون في يوم 13 آب/أغسطس ما يلي:
" ...، وقال مسؤول ملف دارفور أمين حسن عمر، في تصريحات سابقة، إن تمديد أجل السلطة الإقليمية اتخذ من أجل إجراء سلام استفتاء دارفور لتحديد الوضع الإداري فيها. وكشف أمين عن ترتيبات لتكوين مفوضية استفتاء دارفور، تبدأ بفتح السجل في تشرين الثاني/نوفمبر القادم على أن يدلي الدارفوريون بأصواتهم في نيسان/أبريل من العام القادم، لكنه عاد وقال أن المفوضية هي التي ستحدد". انتهى
يعني أن الحكومة حسمت أمرها، وحددت الموعد، ثم يخرج علينا الرئيس ويعلن الموعد ويتفاجأ الجميع، بالرغم من أن مسؤول ملف دارفور قد كشف كل شيء قبل ما يزيد عن الشهرين! وما زال الاستحمار مستمرا يا معشر الإعلاميين، وما زالت الحكومة تسير في خطة تفتيت السودان كما تريدها أمريكا والغرب الكافر، وعلماؤنا ومثقفونا ينظرون مستبشرين محاورين وكأن على رؤوسهم الطير!
اللهم هل بلغنا، اللهم فاشهد
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أبو يحيى عمر بن علي
16 من محرم 1437
الموافق 2015/10/29م

No comments:

Post a Comment