Saturday, October 24, 2015

الحرب الدائرة بين المسلمين قتال فتنة؛ يديره الأعداء، وينفذه العملاء... والمسلمون هم الضحية

الحرب الدائرة بين المسلمين قتال فتنة؛ يديره الأعداء، وينفذه العملاء... والمسلمون هم الضحية

لقد كان مفهوم الجهاد واضحا عند المسلمين منذ أن أقام الرسول الدولة الإسلامية في المدينة المنورة حتى سقطت الخلافة العثمانية عام 1924م... فلما جاء الاستعمار الغربي إلى بلاد المسلمين وحكمهم بفكره الرأسمالي شوه أحكام الإسلام ومنها أحكام الجهاد فأصبح الجهاد هو قتال المسلمين فيما بينهم، والشهيد من قتله المسلمون في المعارك الدائرة بينهم إرضاءً للدول الاستعمارية المتصارعة!!
والحقيقة هي أن الجهاد شرعا هو قتال الكفار لإعلاء كلمة الله ونشر دينه في الأرض لتكون الحاكمية لله وحده. قال تعالى: ﴿وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا﴾. وسبب الجهاد أمران هما 1- رد عدوان الكافرين 2- حمل الدعوة الإسلامية... أي أن غاية الجهاد هي كسر الحواجز التي تعترض وصول الإسلام إلى الناس وإزالتها لتوصيل رسالة الإسلام إلى الناس جميعا.
والشهيد هو من قتله الكفار في المعركة في ديار الكفار أو في ديار المسلمين. وقتال أهل الشام للنظام السوري الكافر وروسيا وكل من وقف معهم هو جهاد في سبيل الله لأنه قتال كفار لإعلاء كلمة الله وإقامة دولة الإسلام... أما القتال بين المسلمين فهو قسمان: الأول قتال مشروع، وهو أنواع هي: 1- قتال أهل البغي 2- قتال مغتصب السلطة 3- قتال أهل الحرابة (قطاع الطرق) 4- قتال الدفاع عن الحرمات الخاصة (قتال الصيال) 5- قتال الدفاع عن الحرمات العامة 6- قتال الحاكم المنحرف 7- القتال من أجل إقامة الدولة الإسلامية 8- القتال من أجل الوحدة بين المسلمين... وهذه الأصناف من القتال لا تنطبق على القتال الدائر في اليمن وليبيا والعراق.
والثاني القتال المحرم بين المسلمين (قتال الفتنة)
قتال الفتنة هو قتال غير مشروع بين طائفتين أو أكثر من المسلمين، ومن حالات قتال الفتنة ما يلي:
1- عدم ظهور المحق من المبطل في القتال
ويكون قتال الفتنة هنا هو في حق من يشترك في هذا الصراع المسلح عن جهل أو هوى أو لعصبية أو لأي غرض وهو لا يدري من المحق من المبطل، أما الأطراف الأصلية المتنازعة فلها حكمها من كونها طائفة عادلة أو باغية على حسب الدافع لها على استعمال السلاح، أما إذا كانت تجهل الأسباب التي دفعتها للاقتتال فقتالها قتال فتنة يجب عليها الامتناع عنه، وقد جاء في صحيح مسلم «لَا تَذْهَبُ الدُّنْيَا حَتَّى يَأْتِيَ عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ لَا يَدْرِي الْقَاتِلُ فِيمَ قَتَلَ وَلَا الْمَقْتُولُ فِيمَ قُتِلَ» فَقِيلَ: كَيْفَ يَكُونُ ذَلِكَ؟ قَالَ: «الْهَرْجُ، الْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ».
2- أن تكون الطائفتان المتصارعتان ظالمتين ولا تأويل لواحدة منهما
3- صراع الطائفتين غير المشروع على السلطة (القتال في طلب الملك)
دور أهل الإصلاح في وقف قتال الفتنة:
1- وجوب السعي إلى الصلح بينهما وإطفاء تلك النار المشتعلة بين الفريقين والحكم بينهما بشرع الله وليس بقوانين الكفار عبر منظماتهم الإجرامية كالأمم المتحدة... قال تعالى: ﴿وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا﴾.
2- إذا كانت إحدى الطائفتين على حق والأخرى باغية وجبت نصرة الفئة من أهل العدل على الأخرى والقتال في صفها، قال تعالى: ﴿فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ﴾.
3- إذا كانت الفئتان باغيتين واستطاعت الدولة الإسلامية قتالهما وقهرهما جميعا وجب ذلك لإنهاء هذا الاقتتال، ولا يجوز أن تعاون واحدة منهما على الأخرى لأنهما كلتيهما على خطأ.
4- إذا كانت الدولة الإسلامية طرفا في النزاع وجبت نصرتها وقتال الفئة الباغية قتال أهل البغي.
حكم قتال الفتنة في حالاتها كلها على اختلاف أحوال الناس:
أولا: حكم أن يشترك المسلم في قتال الفتنة:
لقد اتفقت الآراء الفقهية على وجوب ترك القتال في الفتنة باستثناء قتال الصيال وقتال البغاة، قال تعالى: ﴿وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ﴾.. وقال : «كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ: دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ» رواه مسلم
بل لقد وردت نصوص شرعية في ظرف الفتنة خاصة تؤكد على المسلم ترك القتال فيها بأنواع من التأكيدات منها:
1- الأمر بالابتعاد عن معترك القتال والاختفاء عن الأنظار ما أمكن، روى الطبراني في مجمع الزوائد «ادْخُلُوا بُيُوتَكُمْ وَاخْمِلُوا ذِكْرَكُمْ».
2- الأمر بالانصراف إلى الأشغال الخاصة، جاء في صحيح مسلم أن النبي قال: «أَلَا فَإِذَا نَزَلَتْ - أَوْ وَقَعَتْ - (أي الفتنة) فَمَنْ كَانَ لَهُ إبِلٌ فَلْيَلْحَقْ بِإِبِلِهِ وَمَنْ كَانَتْ لَهُ غَنَمٌ فَلْيَلْحَقْ بِغَنَمِهِ وَمَنْ كَانَتْ لَهُ أَرْضٌ فَلْيَلْحَقْ بِأَرْضِهِ».
3- إخبار النبي أن القاتل والمقتول في النار فيما أخرجه البزار «إِذَا اقْتَتَلْتُمْ عَلَى الدُّنْيَا فَالْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ» والصراع على الدنيا هو صراع بين فئتين باغيتين ظالمتين وهو حالة من حالات قتال الفتنة.
4- الأمر بإتلاف السلاح كما جاء في بعض الروايات ذكرها الشوكاني في نيل الأوطار «كَسِّرُوا فِيهَا قِسِيَّكُمْ» والمقصود بذلك هو مبالغة في الحث على تجنب القتال حتى لا يكون وجود السلاح مثار إغراء باستعماله في قتال الفتنة، والأمر بكسره ليس على الحقيقة بل مجاز، أي أن يكون بعيداً عن متناول اليد لأن الحفاظ على السلاح لقتال الكفار مطلوب.
ثانيا: حكم الدفاع عما يحق للمسلم الدفاع عنه إذا قصد بسوء من الأطراف المتصارعة في قتال الفتنة
وهذا يدل على الأمر بالاستسلام وترك الدفاع حال الاعتداء، وإن ترك الدفاع عن النفس في قتال الفتنة هو للإباحة ولكنها ليست إباحة بصورة مطلقة بل هي مقيدة في قتال الفتنة.
وقتال الفتنة هو على النقيض من الجهاد، فالجهاد هو قتال الكفار لإعلاء كلمة الله وحتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله والسيادة في الأرض لشريعته... أما قتال الفتنة فهو قتال المسلمين للمسلمين لتكون هناك فتنة ويكون الدين لغير الله والسيادة لأعدائه والحكم للطاغوت.
والقتال الدائر في بلاد المسلمين في اليمن وليبيا والعراق هو قتال فتنة وهو حرام شرعا ولا يجوز؛ فهو صراع بين الدول الكافرة الاستعمارية وخاصة بريطانيا وأمريكا وعملاؤهم، وهو صراع على السلطة والنفوذ والثروة، والمسلمون هم أدوات الصراع ووقود المعارك، فالدماء التي تسيل كل يوم هي دماء المسلمين، والعجيب أن أمريكا وبريطانيا وسائر دول الكفر متفقة على حرب الإسلام ومنع عودته إلى الحكم عن طريق دولته، دولة الخلافة الراشدة، وهم مختلفون على من تكون السلطة لعملائه مع اتفاقهم على الحكم بنفس القوانين الوضعية الرأسمالية الفاسدة. وواجبنا توضيح حقيقة هذا الصراع للناس، فهو صراع على سلطة تحكم بقوانين وضعية لا يجوز الاحتكام إليها مطلقا، وبيان أن هذا الصراع على أي شكل انتهى لن يخدم سوى الغرب وعملائهم وسيكون الضحية هم المسلمين، ولن يضع نهاية لهذا الصراع إلا دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة القادمة قريبا بإذن الله. ويومئذ يفرح المؤمنون، بنصر الله...
لقد تعددت الآراء في حكم الاستسلام وترك الدفاع عن النفس في قتال الفتنة على النحو التالي: 1- الدفاع عن النفس مكروه 2- الدفاع عن النفس مباح 3- ترك الدفاع عن النفس مندوب 4- الاستسلام وترك الدفاع عن النفس واجب 5- الدفاع عن النفس واجب. والرأي الراجح هو أن الاستسلام وترك الدفاع عن النفس في قتال الفتنة يأخذ حكم الإباحة والترجيح هو حسب القاعدة الأصولية وهي (أن الأمر بعد النهي يدل على الإباحة)؛ فالنهي في قوله تعالى ﴿وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ﴾، وفي قوله تعالى ﴿وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ﴾، هو نهي عن قتل الإنسان لنفسه وتمكين الآخرين من قتل نفسه والنهي عن قتل نفوس الآخرين... ثم جاءت النصوص الشرعية تطلب ترك القتال بصيغة الأمر ومنها «كَسِّرُوا فِيهَا قِسِيَّكُمْ»، «وَقَطِّعُوا أَوْتَارَكُمْ»، «وَاضْرِبُوا بِسُيُوفِكُمْ الْحِجَارَةَ»، «فَأَلْقِ ثَوْبَكَ عَلَى وَجْهِكَ»، «فَلْيَكُنْ كَخَيْرِ ابْنَيْ آدَمَ».
كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
شايف صالح الشرادي - اليمن
11 من محرم 1437
الموافق 2015/10/24م

No comments:

Post a Comment