Tuesday, October 27, 2015

رُءُوسٌ جُهَّالٌ يُفْتُونَ الناس بِغَيْرِ عِلْمٍ

رُءُوسٌ جُهَّالٌ يُفْتُونَ الناس بِغَيْرِ عِلْمٍ

الخبر: في تقرير مهم لمرصد الأزهر، حصل "اليوم السابع" على نسخة منه، أكّد أن التحالف مع جيوش غير مسلمة لمواجهة الجماعات "المتطرفة" وإن كانت مسلمة "جائز"، ما دام ليس من قبيل الاستعانة بالمشركين على المسلمين طلبًا لخذلان المسلمين. وقال مرصد الأزهر في تقريره، إن من مقاصد الشريعة الإسلامية عمارة الكون، ولتحقيق هذا الهدف تمت الاستعانة بغير المسلمين في نواحٍ عديدة، في النواحي الإدارية، والكتابية، والصناعية، والقتال... وغيرها. واستدل المرصد على قوله: بأن الرسول عندما هاجر إلى المدينة استعان برجل مشرك ليدلّه على الطريق، وكان له غلام يهودي يخدمه في المدينة، ولما قدم إلى المدينة كتب معاهدة بين المسلمين واليهود جاء فيها: "وأن بينهم النصر على من داهم يثرب"، ولما توجه رسول الله إلى مكة عام الحديبية ووصل إلى ذي الحليفة أرسل عينًا له من خزاعة يأتيه بخبر قريش، وكان ذلك الرجل مشركًا. وأضاف المرصد: "أما التحالف مع غير المسلم في مواجهة جماعة متطرفة تهدد أمن المجتمعات وسلامتها فعلينا هنا أن نفرّق بين من يستعين بالمشركين على المسلمين طالبًا خذلان المسلمين، قاصدًا هدم دولتهم، هادفًا إلى إضعاف شوكة الإسلام، كارهًا مبغضًا لهذا الدين وأهله، فهذه الحالة نهى عنها ربنا تبارك وتعالى بقوله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِى الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾. لكن من يفعل ذلك ردًّا لعدوان فئة باغية لا يستطيع رد عدوانها وحده، مع احتفاظه بسيادة دين الإسلام في بلده ظاهرًا غالبًا، فلا مانع من أن يستعين بغير المسلمين تحقيقًا لمصالح المسلمين، ولضرورة أمن المجتمع وسلامته".

التعليق: لقد كان الأزهر قائدًا للمسلمين في أرض الكنانة وغيرها من بلاد المسلمين، ومنذ بدء الاستعمار الغربي لأرض الكنانة وهو يسعى لتفريغ الأزهر من العلم والعلماء، وقد أفلح الاستعمار في ذلك مع تعاقب دوله، الفرنسية والإنجليزية والأمريكية، أفلح في تحويل الأزهر من مشعل نور للمسلمين إلى مؤسسة تابعة لدولة علمانية فاشلة تسعى في فتاويها إلى إرضاء عملاء الغرب من حكام البلاد، وذلك من خلال المفتين الذين يُعيّنون من قبل رأس النظام العميل.
لقد تخطى الأزهر كل حدود الفقه في فتاويه، ووصل به الحال إلى التدليس على الناس لتضليلهم عن الأحكام الشرعية التي نصّت عليها الشريعة، وما ذلك إلا لإرضاء أسياد أسيادهم في النظام، فها هم يفتون بما يرضي قوات التحالف الصليبي الذين تكالبوا على ثورة الشام المباركة في الشام، وهم يعلمون جيدًا أن ذلك الحلف ليس لقتال من يدّعي قتاله، بل هو لقتال الثوار المخلصين الذين ثاروا على النظام العلماني الظالم الكافر ويريدون إقامة دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، التي بشّر بها نبي الرحمة محمد . لذلك فإن مفتي الأزهر حين يفتون بهذه الفتيا يفتون بها عن سوء قصد وليس عن سوء فهم، فهم على علم بالواقع، وبالتالي لا يُلتمس لهم عذر الجهل، وكيف يجهل مثلهم في قضية المسلمين المصيرية، وقد أصبحت الحملات الصليبية على الإسلام والمسلمين واضحة جلية لمكافحة كل عامل مخلص لله، وهذه الحقيقة ليست غائبة عن عامة الناس علاوة عن العلماء؟! قَالَ الرسول : «إِنَّ اللَّهَ لَا يَنْتَزِعُ الْعِلْمَ مِنْ النَّاسِ انْتِزَاعًا وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعُلَمَاءَ فَيَرْفَعُ الْعِلْمَ مَعَهُمْ وَيُبْقِي فِي النَّاسِ رُءُوسًا جُهَّالًا يُفْتُونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَيَضِلُّونَ وَيُضِلُّونَ» صحيح مسلم.
يجب على المخلصين من العلماء في الأزهر الشريف الأخذ على أيدي علماء الأزهر الضالين المضلين، الذين يفتون الناس بما يعلمون خلافه، والإنكار على جريمتهم، وإن لم يفعلوا فإن سكوتهم عنهم يضعهم معهم في خانة التآمر على الإسلام والمسلمين.
ولتوضيح هذه المسألة؛ من أجل إفادة القرّاء أسرد ما ورد في كتاب الشخصية الإسلامية الجزء الثاني للشيخ تقي الدين النبهاني رحمه الله:
" ... والدليل على جواز الاستعانة بالكفار في القتال أفراداً أن قزمان خرج مع أصحاب رسول الله يوم أُحد وهو مشرك فقتل ثلاثة من بني عبد الدار حَمَلة لواء المشركين حتى قال : «إن الله ليَأزر هذا الدين بالرجل الفاجر»، وأن قبيلة خُزاعة خرجت مع النبي عام الفتح لمحاربة قريش، وكانت خزاعة حينئذ لا تزال مشركة حتى قال لها رسول الله : «يا معشر خزاعة ارفعوا أيديكم عن القتل، فقد كثُر القتل إن نفع لقد قتلتم قتلاً لأَدِيَنّه». فهذه الأحاديث كلها صحيحة تدل دلالة صريحة على جواز الاستعانة بالكفار أفراداً، أي على جواز أن يكون الكافر في جيش المسلمين يقاتِل العدو مع المسلمين. إلاّ أنه لا يُجبَر على أن يكون الكافر في الجيش، ولا يُجبَر على القتال، لأن الجهاد ليس فرضاً عليه، ولا يُعطى من الغنيمة ولكن يُرضَخ له، أي يعطى له قدر من المال. فإذا طلب الكافر أن يحارب مع المسلمين أي أن يكون في جيش المسلمين، يجوز ذلك في كل ناحية من نواحي الخدمة في الجيش، حتى في استخبارات الجيش وجاسوسيته. أمّا ما ورد عن عائشة قالت: خرج النبي قِبَل بدر فلمّا كان بحرّة الوبرة أدركه رجل قد كان تُذكر منه جرأة ونجدة، ففرح به أصحاب الرسول حين رأوه، فلمّا أدركه قال: جئت لأتبعك فأصيب معك. فقال له رسول الله : «تؤمن بالله ورسوله؟» قال: لا. قال: «فارجع فلن أستعين بمشرك»، قالت: ثم مضى حتى إذا كان بالشجرة أدركه الرجل فقال له كما قال أول مرة، فقال له النبي كما قال أول مرة، فقال: لا. قال: «فارجع فلن أستعين بمشرك». قالت: فرجع فأدركه بالبيداء، قال له كما قال أول مرة: «تؤمن بالله ورسوله؟» قال: نعم. فقال له: «فانطلق». فإن هذا الحديث لا يتعارض مع الثابت أنه استعان بمشركين، وذلك لأن هذا الرجل اشترط أن يحارب ويأخذ الغنيمة، فإنه قال: «جئت لأتبعك فأصيب معك»، والغنيمة لا تعطى إلاّ للمسلمين، فيُحمل رفض النبي الاستعانة به على ذلك كما يُحمل على أن الاستعانة بالكفار أفراداً موكولة لأمر الخليفة إن شاء استعان وإن شاء رفض. وأمّا ما ورد عن خُبيب بن عبد الرحمن عن أبيه عن جده قال: أتيتُ النبي وهو يريد غزواً أنا ورجل من قومي ولم نسلم، فقلنا: إنا نستحيي أن يشهد قومنا مشهداً لا نشهده معهم. فقال: «أسلمتُما؟» فقلنا: لا. فقال: «إنا لا نستعين بالمشركين على المشركين». فأسلمنا وشهدنا معه. فإن هذا الحديث يُحمل على أن الاستعانة بالكفار موكولة لرأي الخليفة إن شاء استعان وإن شاء رفض. والرسول استعان بأُحد واستعان في فتح مكة ورفض الاستعانة في بدر ورفض الاستعانة بخُبيب والرجل الذي معه حتى أسلما. فكون الرسول ثبت عنه أنه استعان بأفراد من الكفار وهم على كفرهم، وثبت عنه أنه رفض الاستعانة بأفراد حتى أسلموا، دليل على أن الاستعانة بأفراد من الكفار في القتال جائزة وأنها موكولة لرأي الخليفة، إن شاء قَبِل الاستعانة وإن شاء رفضها. وقد ذكر البيهقي عن نص الشافعي: أن النبي تفرّس الرغبة في الذين ردّهم، فردّهم رجاء إسلامهم، فصدق الله ظنه.
أمّا الدليل على أنه لا يجوز أن يُستعان بالكفار في القتال بوصفهم دولة مستقلة، فلِما رواه أحمد والنسائي عن أنس قال: قال رسول الله : «لا تستضيئوا بنار المشركين»، ونار القوم كناية عن كيانهم في الحرب كقبيلة مستقلة أو كدولة. وقال البيهقي: والصحيح ما أخبَرَنا الحافظ أبو عبد الله فساق بسنده إلى أبي حميد الساعدي قال: خرج رسول الله حتى إذا خلف ثنية الوداع إذا كتيبة قال: «من هؤلاء؟ قالوا: بني قينقاع رهط عبد الله بن سلام. قال: «أوَ تُسلموا؟» قالوا: لا. فأمرهم أن يرجعوا وقال: «إنا لا نستعين بالمشركين». فأسلَموا، فإن الرسول ردّ رهط عبد الله بن سلام من بني قينقاع لأنهم جاءوا طائفة مجتمعة في كتيبة كافرة، وجاءوا تحت رايتهم باعتبارهم من بني قينقاع التي بينها وبين الرسول معاهدات، وكانت كدولة. ومن أجل ذلك رفضهم. فرفْضُهم كان لكونهم جاءوا تحت رايتهم وفي دولتهم بدليل قبوله الاستعانة باليهود في خيبر حين جاءوا أفراداً".
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
بلال المهاجر/ باكستان
15 من محرم 1437
الموافق 2015/10/28م

No comments:

Post a Comment