Sunday, June 28, 2015

اليونان والأزمة المالية إلى أين..؟! الرأسمالية تفترس الشعب اليوناني

اليونان والأزمة المالية إلى أين..؟! الرأسمالية تفترس الشعب اليوناني

نبذة حول اليونان: اليونان بلد أوروبي عريق حضاريًا وتاريخيًا، ويبلغ عدد سكانه قرابة أحد عشر مليون نسمة، وأعداد المهاجرين فيه ملحوظة، وفيه أكثر من مئة وعشرين ألف مسلم، وقد عاش تحت الحكم الإسلامي العثماني قرابة الأربعة قرون ببحبوحة اقتصادية، ويشتهر بصناعة السفن والتعدين والسياحة.
سعى اليونان للدخول في الاتحاد الأوروبي، وقد حصل ذلك فعلاً في عام 1981م، وهو بلد ليس بالقوي اقتصاديًا، وليس بالفقير، وللانضمام إلى الاتحاد الأوروبي شروط. على أي بلد يريد الدخول إليه أن يحققها، ومن أهمها شروط حقوق الإنسان، ومعدل نمو اقتصادي قرابة ال 3% وغيرها من الشروط التكميلية.

أزمة اليونان المالية: بدأت أزمة اليونان المالية الأخيرة تظهر في نهاية 2009 بعد أن تفجرت الأزمة المالية العالمية في أمريكا رأس الرأسمالية ‏وشملت أوروبا وباقي العالم الذي يخضع للنظام الرأسمالي. وعصفت باليونان في نيسان/أبريل 2010، وعقب ذلك، في يوم ‏‏2010/06/23، طلبت الحكومة اليونانية رسميًا من الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي تفعيل خطة إنقاذ تتضمن قروضًا ‏لمساعدة اليونان حتى تتجنب الإفلاس والتخلف عن سداد الديون، وقد ارتفعت معدلات الفائدة على السندات اليونانية كما ‏ارتفع التأمين على هذه السندات ضد التخلف عن السداد، فارتفع كل ذلك إلى معدلات عالية نتيجة مخاوف المستثمرين من ‏‏"عدم قدرة اليونان على الوفاء بديونها، مع ارتفاع معدل عجز الموازنة، وتصاعد حجم الدين العام، بالإضافة إلى ضعف النمو في ‏الاقتصاد اليوناني"، فهددت هذه الأزمة وضع اليورو ومنطقته، وبالتالي الاتحاد الأوروبي برمته، وطرحت فكرة خروج اليونان من ‏هذه المنطقة الاقتصادية، إلا أن أوروبا قررت تقديم المساعدة إلى اليونان مقابل تنفيذها لإصلاحات اقتصادية وإجراءات تقشف ‏تهدف إلى خفض العجز بالموازنة العامة. هذا مع العلم أن البرنامج الحالي لما يسمى بالإصلاحات لم يكن حاسما في مضمونه ولكنه أجَّل الانفجار.
أزمة اليونان بالأرقام:
1. إنّ ضخامة حجم ديون اليونان والتي تناهز 320 مليار يورو، أي ما يعادل 170% من صافي الناتج المحلي.
2. الحزمة الأولى عامي 2010 - 2011 بقيمة 110 مليار يورو لمدة ثلاث سنوات، وبفائدة قيمتها 5.5 %، لكنها لم تُسعف اليونان في تمكينها من سداد ديونها في المدة المطلوبة.
3. الحزمة الثانية من القروض بقيمة 110 مليار يورو أخرى، وفرضت على اليونان شروطاً اقتصادية قاسية جديدة من مثل رفع الضرائب على القيمة المضافة.
4. لم تنجح اليونان في تخفيض مديونيتها التي بلغت 320 مليار يورو، أي ما يعادل 170% من صافي الناتج المحلي لها.
5. %3 هو عجز الموازنة المسموح به داخل منطقة اليورو، والذي لم تستطع اليونان تقليصه حيث بقي بحدود 12.7% وهي نسبة عالية جداً وخطيرة.
6. %40 هي نسبة الهجرة من اليونان إلى دول الاتحاد الأوروبي.
7. %25 نسبة العاطلين عن العمل بين اليونانيين.
8. 34 ألفا الذين هاجروا إلى ألمانيا وحدها.
نتائج انفصال اليونان عن منطقة اليورو:
1. هذا الواقع الاقتصادي العليل، شخصه الرئيس التنفيذي بمركز البحوث الاقتصادية والأعمال بلندن "ماك وليامز" بالقول إن انسحابًا منظمًا لليونان من اليورو قد يكلف منطقة اليورو 2% من ناتجها المحلي الإجمالي أي نحو ثلاثمائة مليار دولار.
2. أما في حال حصل انسحاب غير منظم فإن التكلفة قد تصل إلى تريليون دولار قبل أن يضيف "إن نهاية اليورو بشكلها الحالي أمر حتمي".
3. رئيس البنك المركزي البريطاني: منطقة اليورو تمزق نفسها، وبريطانيا لن تكون بمنأى عن ذلك.
4. المسارعة إلى سحب اليونانيين أموالهم من البنوك تجسيدًا للمقولة الشهيرة في عالم الاقتصاد "الرأسمال جبان".
5. ستشهد المنطقة تساقطًا متتاليًا لدول القارة العجوز في حال سقطت أضعف حلقات العقد الأوروبي وهو اليونان.
6. توترات وتظاهرات في الشارع اليوناني واختلال في الأمن وفي نسيج المجتمع.
7. خروج أثينا من الاتحاد الأوروبي إعصار مدمر سيخلف خسائر فادحة سيكون المتضرر الأول منه جيران اليونان.
8. ازدياد نسبة العاطلين عن العمل وتعمق الركود الاقتصادي لسنوات قادمة، والعودة إلى العملة القديمة لليونان وهي الدراخما والتي ستكون بأسوأ حال لحين تحسن الأوضاع الاقتصادية.
الأسباب والنتائج:
اليونان بلد أوروبي، ولكنه ليس صناعيًا بقوة ألمانيا أو فرنسا، والكثير من الدول الأوروبية، ومع انضمامه لدول الاتحاد الأوروبي، وتوفر القروض الميسرة تطاول ليجاري بقية الدول الأوروبية في كافة القطاعات وخصوصًا البنية التحتية، ومع اشتهاره سابقًا بالفساد المالي وخصوصًا الرشوة والتهرب الضريبي، لدرجة أنه أعطى مؤسسات الاتحاد الأوروبي أرقامًا مغلوطة عن اقتصاده للقبول بالانضمام للاتحاد، ومع تزاوج تلك الصفات وصفات الجشع والفساد التي يقوم عليها النظام الرأسمالي نفسه الذي يقوم عليه الاتحاد الأوروبي، فقد تلاقت تلك الصفات مع بعضها البعض، وأنتجت مديونية بمئات المليارات، وحيث إن الفائدة الربوية للبنوك الأوروبية، والبنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي مجزية بشكل واضح، فقد حصل وأن أعطيت اليونان قروضًا أكثر مما تستحق وفوائد ربوية عالية، ومع حصول الأزمة المالية العالمية، فقد انكشف المستور، وبان عوار الدولة الأضعف وهي اليونان، ومنذ بداية الأزمة المالية العالمية بدا العجز يظهر في سداد الديون، وذلك بسبب الركود المحلي لليونان والعالمي كذلك، وهنا بدأ الترقيع بسداد الديون بالاستدانة ثانية، وبفوائد أعلى من السابق، وسنة بعد أخرى ظهر العجز للعيان، وكادت أن تشهر اليونان إفلاسها، وما زالت مهددة بذلك لولا ضخ القروض لسداد الديون المستحقة، وفوائدها والتأمين على القروض، ولإبقاء اليونان على قيد الحياة الاقتصادية، وعند خروجها من الاتحاد الأوروبي وإشهار الإفلاس، وليس كل ذلك حبًا وخوفًا على اليونان، بل لأن الكارثة ستطال كل دول الاتحاد وخصوصًا ألمانيا وفرنسا الدائن الأكبر، وقد يكون الأمر بداية تفكك، وانهيار الاتحاد الأوروبي، ولذلك نجد هذه الأيام كل دول أوروبا تترقب نتائج المحادثات الجارية، والتي لا يزيد عمرها عن ثلاثة أيام، والتي من المنتظر والمتوقع أن تمدد أشهرًا معدودة، ويتم الإفراج عن جزء للسداد المطلوب نهاية هذا الشهر الجاري، وحتى يتم التوافق على إمكانية تنفيذ الشروط من الحكومة اليسارية التي قد لا تطول أيامها بسبب نكوصها عما وعدت من وقف المزيد من التقشف، ورفع ضريبة القيمة المضافة وتخفيض معاشات التقاعد، وكما يظهر فإن النتائج ستكون اليوم أو غدًا كارثية على الطرفين أي على كل الاتحاد الأوروبي، وتعود اليونان لعملتها القديمة أي الدراخما وستمنى بوضع اقتصادي سيئ للغاية، ولسنوات حتى تستطيع أن تسترد عافيتها، هذا إن استطاعت، وحسب قناة CNBC في 2015/6/27 فإن رئيس وزراء اليونان اليساري تسيبراس سيستفتي اليونانيين حول شروط وعرض وزراء مالية مجموعة اليورو في الخامس من تموز/يوليو المقبل، واصفًا الشروط بالمذلة.
العلاج والحل:
المبدأ الرأسمالي مبدأ له من اسمه النصيب الأكبر، فهو مبدأ لا يعرف إلا رأس المال والمنفعة المادية، فمبدأ "دعه يعمل دعه يمر فهو حر" أساسه مادي بحت، ولا يحتوي أي قيمة إنسانية أو روحية، فما دام هناك فائدة ومنفعة، فلا مانع من الاستمرار بالعمل مهما كانت النتائج، فالمتنفذون وأصحاب رؤوس الأموال همهم الربح الآني، ولا ينظرون إلى المستقبل، أو إمكانية الضرر الواقع على إحدى الجهتين، لدرجة أنهم باعوا واشتروا مالاً بمال، واشتروا ديونًا بحكم الميتة، وباعوا ما لا يملكون، أي كبائع السمك بالماء، وتهربوا من الضرائب، وابتكروا أدوات مالية لم تخطر على بال علماء الاقتصاد، وكل ذلك من ابتكارات السوق، حيث لا حسيب ولا رقيب، ولا حرام ولا حلال، وكل ذلك على أساس الحرية المطلقة في التعاملات ما دام التراضي متوفرًا، وعليه وبعد هذه الأزمة المالية العالمية التي لا سابقة ولا مثيل لها في التاريخ، حيث لم يستطيعوا ترقيعها ولا تقويم اعوجاجها، فإنهم يماطلون ويمدون بعمر ديون الدول، وتراكم الفوائد بأرقام فلكية وعلى شاشات الحواسيب، حتى لا يبقى لمعتذر عذر وتنكشف الأمور، وتثور الشعوب كما حصل في أمريكا بوول ستريت وإسبانيا واليونان، وسيكون الحبل على الجرار وستكون ثورات جياع تأكل الأخضر واليابس، وينكشف الأخطبوط الرأسمالي الذي التهم وافترس العالم أجمع لمدة زادت عن قرن من الزمان.
والحل بأن يبحث العالم عن حل ينقذ البشرية من هذا الجشع والتوحش الرأسمالي، ولا يكون ذلك إلا بمبدأ رباني يكون نظامه من جنس عقيدته، ويطبق على البشرية بعدل وإنصاف ورحمة، ولا فرق بين من يعتنق المبدأ أو من يعتنق خلافه، فالكل سواسية أمام حكم المبدأ الرباني، والعالم كله يشهد ذاك المخاض، ومحاربة ذاك المبدأ الذي ينقذ البشرية من نفر استعبدوا العالم بجشعهم الرأسمالي، عن طريق تزاوج السياسة ورأس المال، وما مقاومة الإرهاب واتهام الإسلام به إلا إشارة واضحة لما يخوضه العالم من مخاض للتحول من الرأسمالية إلى المبدأ الرباني الإسلامي واقتصاده الذي نعمت به البشرية قرابة 1300 عام أي حتى عام 1924م حيث تم هدم الخلافة الإسلامية العثمانية، فلا خلاص إلا بعودتها لتكون الدولة الأولى عالميًا، وتحق الحق بين بني الإنسان كل الإنسان.
كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
وليد نايل حجازات - أبو محمد
11 من رمــضان 1436
الموافق 2015/06/28م

No comments:

Post a Comment