Friday, March 28, 2014

معالم الإيمان المستنير ح1 من أسماء الله الحسنى الله

معالم الإيمان المستنير ح1 من أسماء الله الحسنى الله

أيها المؤمنون:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد:
أيها المؤمنون:
أخبرنا الله سبحانه وتعالى بأن له الأسماء الحسنى، وأمرنا بالدعاء بها، قال تعالى: (ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذر‌وا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون). (الأعراف180) و‏عن ‏ ‏أبي هريرة أن رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم‏ ‏قال: "إن لله تسعة وتسعين اسما مائة إلا واحدا من أحصاها دخل الجنة".
ومعنى أحصاها: أي حفظها. (رواه البخاري 6843) وإحصاء هذه الأسماء يقع بالقول, ويقع بالعمل، فالذي يحصل بالعمل: أن لله أسماء يختص بها كالأحد, والمتعال والقدير ونحوها، فيجب الإقرار بها والخضوع عندها، وله أسماء يستحب الاقتداء بها في معانيها: كالرحيم والكريم والعفو ونحوها، فيستحب للعبد أن يتحلى بمعانيها ليؤدي حق العمل بها, فبهذا يحصل الإحصاء العملي. وأما الإحصاء بالقول: فيحصل بجمعها وحفظها والسؤال أي الدعاء بها. وفي هذه الحلقة والحلقات التي تليها سنتعرف على بعض أسماء الله الحسنى منها:
أولا: لفظ الجلالة (الله)
الله هو الاسم الأعظم الذي حوى جميع كمالات صفاته، والذي ليس لله فيه شريك في نفس الاسم. كلمة (إله) تعني: معبود، وهي اسم مشتق من الفعل: أله، فكل ما اتخذه الناس معبودا يطلق عليه (إله). فمن الناس من اتخذ الشمس إهاا، أي: معبودا، ومنهم من اتخذ النار إهان، ومنهم من اتخذ البقر إهاس. وكلمة (إله) قد تطلق ويراد بها أي معبود، كما في قوله تعالى: (لقد أر‌سلنا نوحا إلى قومه فقال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غير‌ه إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم).
(الأعراف59) وقد تطلق كلمة (إله) ويراد بها: الحق عز وجل، كما في قوله تعالى: (أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشيء عجاب). (ص5)
أما لفظ الجلالة (الله) قيل: إنه اسم مشتق من الفعل (أله)، وأنه هو نفسه الاسم المشتق من (إله) ودخلت عليه الألف واللام وحذفت الهمزة للتخفيف، وقيل: إنه غير مشتق، وإنما أطلقه الله عز وجل للدلالة على ذاته العلية. وسواء أكان لفظ الجلالة (الله) مشتقا أم غير مشتق، فإنه علم على واجب الوجود، أي على الحق تبارك وتعالى بذاته وأسمائه وصفاته دون سواه من المعبودات الباطلة. والعلم إذا أطلق وأريد به مسمى معينا فإنه ينحل عن معناه الأصلي، ويصبح علما على مسماه الجديد.
ميزات لفظ الجلالة (الله)
أولا: ورد لفظ الجلالة (الله) في القرآن الكريم (2698) ألفين وستمئة وثمان وتسعين مرة، ولم يرد خلالها هذا اللفظ إلا للدلالة على ذات الحق جل وعلا، ولم يستخدم للدلالة على أي معبود آخر من المعبودات الباطلة مثل: الشمس أو النار أو عيسى بن مريم.
ثانيا: كما أن الله تبارك وتعالى لم يستخدم لفظ الجلالة وصفا من الأوصاف مثل سائر الأسماء، وإنما استخدمه ليدل عليه بذاته وعلى أسمائه الأخرى وعلى صفاته دلالة العلم. فإذا أراد أن يصف نفسه بوصف معين، أو ينسب إلى نفسه فعلا معينا، أتى بلفظ الجلالة (الله) علما عليه جل وعلا، ثم ألحقه بالوصف أو الفعل الذي يريد، كما في قوله تعالى: (والله يختص بر‌حمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم). (البقرة 105)
المسلم يبدأ باسم الله:
والمسلم مطالب بأن يبدأ كل عمل باسم الله. وهو حين يبدأ كل شيء باسم الله، فإنه يجعل الله في جانبه يعينه. وهو حين يبدأ عملا يحتاج إلى قدرة الله, وإلى قوته وإلى عونه وإلى رحمته، فهو يقول باسم الله القوي، وباسم الله الرزاق، وباسم الله المجيب، وباسم الله القادر، وباسم الله النافع. وقد وجه الله سبحانه وتعالى نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم في بداية تكليفه بحمل رسالة الإسلام, بل في أول آية من آيات القرآن الكريم نزلت عليه, وجهه بهذا التوجيه الرباني, فأمره بأن يبدأ قراءته باسم الله تعالى, فقال جل من قائل: اقر‌أ باسم ر‌بك الذي خلق * خلق الإنسان من علق * اقر‌أ ور‌بك الأكر‌م * الذي علم بالقلم * علم الإنسان ما لم يعلم). (العلق 5)
كما وجهنا رسولنا صلى الله عليه وسلم بهذا التوجيه الكريم, روى الإمام أحمد في مسنده عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كل كلام، أو أمر ذي بال لا يفتح بذكر الله، فهو أبتر، أو قال: أقطع". فإذا كنت تريد أيها المسلم عطاء الله في الدنيا والآخرة، أقبل على كل عمل باسم الله. قبل أن تأكل قل: بسم الله، لأنه هو الذي خلق لك هذا الطعام ورزقك به. وعندما تدخل قاعة الامتحان قل: باسم الله فيعينك على النجاح. وفي كل عمل تفعله ابدأه بسم الله؛ لأنك حين تذكر اسم الله تتذكر صلتك به سبحانه, فهو وحده خالقك وأنت عبد من عباده, يجب عليك طاعته, لتنال جنته, وتنجو من عذابه, وتتذكر عظمته؛ فتمتنع عن القيام بأي عمل يغضب وجه الله سبحانه وتعالى.
المسلم يحمد الله تعالى
وكما يبدأ المسلم كل عمل بقوله: بسم الله الرحمن الرحيم، كذلك ينبغي عليه أيضا أن يحمد الله عز وجل؛ لأنه تبارك وتعالى محمود لذاته ومحمود لصفاته، ومحمود لأفعاله، ومحمود لنعمه الكثيرة وأعظمها الإسلام، بل الله محمود قبل أن يخلق من يحمده. والإنسان يقول "الحمد لله"؛ لأن موجبات الحمد وهي النعم موجودة في الكون وتسخيره لخدمة الإنسان قبل خلقه. وعلمنا الله النطق بحمده في أعظم سورة: (الحمد لله ر‌ب العالمين). (الفاتحة2) ومن رحمة الله سبحانه وتعالى أنه جعل الشكر له في هاتين الكلمتين "الحمد لله" وجعلهما يسيرتين على المتعلم وغير المتعلم. وعندما نقول: "الحمد لله" فنحن نعبر عن انفعالات متعددة تأتي بعد أن استقرت في القلب، وهي في مجموعها تحمل العبودية والثناء والشكر والعرفان لله سبحانه وتعالى. فنحمد الله على نعمة الخلق، والإحياء بعد النوم، وعلى ما سخر لنا في هذا الكون من زرع وماء وهواء وشمس، ونحمده على نعمة الإسلام وكفى بها نعمة.
أيها المؤمنون:
نكتفي بهذا القدر في هذه الحلقة, موعدنا معكم في الحلقة القادمة إن شاء الله تعالى, فإلى ذلك الحين وإلى أن نلقاكم ودائما, نترككم في عناية الله وحفظه وأمنه, سائلين المولى تبارك وتعالى أن يعزنا بالإسلام, وأن يعز الإسلام بنا, وأن يكرمنا بنصره, وأن يقر أعيننا بقيام دولة الخلافة في القريب العاجل, وأن يجعلنا من جنودها وشهودها وشهدائها, إنه ولي ذلك والقادر عليه. نشكركم على حسن استماعكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
 27 من جمادى الأولى 1435
الموافق 2014/03/28م

No comments:

Post a Comment