Sunday, March 30, 2014

معالم الإيمان المستنير م12-ح2 من أسماء الله الحسنى- الرحمن الرحيم ج1

معالم الإيمان المستنير م12-ح2 من أسماء الله الحسنى- الرحمن الرحيم ج1

أيها المؤمنون:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد:
الرحمن: اسم من أسماء الله الحسنى، وهو مشتق من الفعل (رحم)، والرحمة في اللغة: هي الرقة والتعطف والشفقة، وتراحم القوم أي رحم بعضهم بعضا، والرحم القرابة. وهو اسم مختص بالله تعالى لا يجوز أن يسمى به غيره، فقد قال عز وجل: (قل ادعوا اللـه أو ادعوا الرحمـن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى). (الإسراء110) معادلا بذلك اسمه الرحمن بلفظ الجلالة "الله" الذي لا يشاركه فيه أحد، ورحمن على وزن فعلان, وهي صيغة مبالغة تدل على الكثرة والزيادة في الصفة. فالله تعالى هو الرحمن أي كثير الرحمة! قال تعالى: (قال ر‌ب احكم بالحق ور‌بنا الر‌حمـن المستعان على ما تصفون). (الأنبياء112)
والرحيم: اسم من أسماء الله الحسنى، وهو مشتق أيضا من الفعل (رحم). والرحمن الرحيم من صيغ المبالغة، يقال: راحم ورحمن ورحيم. فإذا قيل: راحم فهذا يعني أن فيه صفة الرحمة، وإذا قيل: رحمن, تكون ثمة مبالغة في صفة الرحمة، وإذا قيل: رحيم, فهي أيضا مبالغة في الصفة أيضا. والله سبحانه وتعالى رحمن الدنيا ورحيم الآخرة. رحمن الدنيا لكثرة عدد الذين تشملهم رحمته فيها، فرحمة الله في الدنيا تشمل المؤمن والعاصي والكافر، يعطيهم الله مقومات حياتهم ولا يؤاخذهم بذنوبهم، يرزق من آمن به ومن لم يؤمن به، ويعفو عن كثير. إلا أن الرحمة يخص الله منها المؤمنين بنصيب متميز، فهي قريبة منهم، فينجيهم من كروب الدنيا ويبعثهم يوم القيامة، يوم الفزع الأكبر آمنين، قال تعالى: (إن رحمت اللـه قريب من المحسنين). (الأعراف56) ولأن طاعة الله سبحانه تستجلب رحمته قال تعالى: (وأطيعوا اللـه والرسول لعلكم ترحمون). (آل عمران132)
واستخدام صيغة المبالغة الرحمن فهو لكثرة عدد الذين تنطبق عليهم رحمانيته تعالى. ولكن الأمر في الآخرة مختلف، فالله رحيم بالمؤمنين فقط، والكفار والمشركون مطرودون من رحمة الله سبحانه. فكما شمل الله المؤمنين في الدنيا باسمه الرحمن فإنه سوف يشملهم في الآخرة باسمه الرحيم فيغفر لهم خطاياهم ويرحمهم ويدخلهم جنته برحمته، وفي ذلك يقول تعالى: (فأما الذين آمنوا باللـه واعتصموا به فسيدخلهم في رحمة منه وفضل ويهديهم إليه صراطا مستقيما). (النساء175) الذين تشملهم رحمة الله في الآخرة أقل عددا من الذين تشملهم رحمته في الدنيا. فمن أين تأتي المبالغة في الرحمة في الآخرة؟ والجواب: تأتي المبالغة بكثرة النعم وخلودها، فنعم الله في الآخرة أكبر كثيرا منها في الدنيا، وهي خالدة. وكأن المبالغة في الدنيا بعمومية العطاء، والمبالغة في الآخرة بخصوصية العطاء وكثرة النعم والخلود فيها. والرحمة الإلهية تشمل في ثناياها العديد من الصفات، فمن رحمة الله تبارك وتعالى أنه الغفار، الوهاب، الرزاق، الشكور، الكريم، الواجد، التواب، العفو، الهادي. ورحمة الله جل وعلا تغمر المخلوقات جميعا منذ أن خلقها وإلى أن يرث الأرض ومن عليها. وإذا تأملنا الكون المحيط بنا تجلت لنا رحمة الله عز وجل في كل صغيرة وكبيرة.
أيها المؤمنون:
نكتفي بهذا القدر في هذه الحلقة, موعدنا معكم في الحلقة القادمة إن شاء الله تعالى, فإلى ذلك الحين وإلى أن نلقاكم ودائما, نترككم في عناية الله وحفظه وأمنه, سائلين المولى تبارك وتعالى أن يعزنا بالإسلام, وأن يعز الإسلام بنا, وأن يكرمنا بنصره, وأن يقر أعيننا بقيام دولة الخلافة في القريب العاجل, وأن يجعلنا من جنودها وشهودها وشهدائها, إنه ولي ذلك والقادر عليه. نشكركم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
 29 من جمادى الأولى 1435
الموافق 2014/03/30م

No comments:

Post a Comment