Friday, June 28, 2013

بهدوء وحكمة : تحليل خطاب مرسي بين الرؤية الشرعية والرعاية السياسية من وجهة النظر الإسلامية ..

بهدوء وحكمة : تحليل خطاب مرسي بين الرؤية الشرعية والرعاية السياسية من وجهة النظر الإسلامية ..
المهندس علاء الدين زناتي 28-6-2013
لقد كان خطاب الدكتور مرسي في هذا التوقيت وتحت ادعاء أنه بمناسبة مرور عام على تنصيبه رئيساً للجمهورية في مصر ، أمراً مقصوداً في محاولة للرد والاحتواء لما يشاهده الشارع المصري من حراك سياسي عالي الصوت لإسقاط الدكتور مرسي . وكانت محاولة الرد والاحتواء هذه تدور في أطر معينة مرسومة مسبقاً ومحددة المعالم ، ولكن المعلم الأساسي الذي يهمنا في القضية وهو الإسلام وتطبيق شرعه وتحكيمه ومشروعه وقد تم استبعاده كليةً من المشهد السياسي للخطاب ولم يقام له أي وزن ولا ذكر ، بل إن بعض التبريرات لمخالفته كانت تُذكر ضمناً مع الإصرار عليها كالاقتراض من صندوق النقد الدولي والخضوع لروشتته الاقتصادية التي تزيد العبْ على الناس وتُحكم التبعية الاقتصادية للغرب ، كما أنه لم يتم التطرق فيه إلى الإعداء الأصليين والفاعلين فيما تمر به مصر الكنانة من أحداث وهم أمريكا وكيان يهود إسرائيل، بل أنه حينما تم المرور على السرقة العلنية لأموال الناس في بيع الغاز لإسرائيل، تم المرور على الأمر مرور الكرام وتم طمأنة السارقين بالتزامنا باتفاقات السرقة والغبن التي وقعت علينا دون الدخول في تفاصيل تمس يهود كيان يهود إسرائيل وأمريكا ، وتم إشغال الناس بالقضايا الداخلية وأشخاص هم أقل من أن يذكروا محاولةً لتبرير التعثر والفشل ، أما الفاعل الحقيقي واللاعب الأساسي وراء الكواليس في المشهد السياسي وهى أمريكا وكيان يهود إسرائيل ، وعملاءهم وأصابعهم في الداخل ، الذين يقفون وراء هذه الحالة من الاستقطاب الشديد في الشارع المصري تأييداً أو معارضةً لمرسي ، فلم يتم ذكرهم لا من قريبٍ ولا بعيداً !.
لقد تعودنا قديماً حينما كانت تحدث أحداثاً كبيرةً كانت أوصغيرة في مصر ، أن يسارع الحكام ويتهمون أعداء الوطن وهم الصهيونية العالمية والإمبرالية وأمريكا ، صناعةً للزعامة ودفعاً للناس للالتفاف حولهم ، ثم بعد اتفاقات السلام وكشف اللثام عن الخضوع التام للحكام والعمالة الجريئة الوقحة لأمريكا ، اصبحنا نراهم يعلنون للناس في مصر مع كل حدث أو مصيبة " أن أعداء مصر كثيرين " ، و " أن مصر مستهدفة " ، و " أن هناك قوى لا تريد الخير لمصر " دون ذكر أسماء أو تحديد هويات وعلى السامع توجه عقله لمن يحب أو يكره في تحديد الأعداء !!!. والآن من هم أعداء مصر في نظر مرسي والذين حددهم في خطابه ، هم فلول النظام السابق والدولة السابقة ، وهم من هم ؟! ألم يكونوا صناعة أمريكية ، وسماسرة يهود ؟! . إن تسطيح القضية وتصويرها للعقل المصري البسيط بأنها قضية فلول ومعارضة ، لن تنطلي على أهل مصر الكنانة ، ولن تثنيهم عن الالتفات عن مطلبهم بتحكيم الإسلام وشرعه ، ولأن صنعت مبرراً لكم الآن ضمن إطار الخطة الأمريكية في إحتواء ثورة أهل مصر الكنانة ، والالتفاف عليها ، وإجهاضها ، بتشويه الإسلام عن طريق المحسوبين على العاملين له ، وبإفساد الوسط السياسي والفطرة النقية للجمهور ، وسيظهر لكم ذلك نظاماً ومعارضة بأنهم لن تنطلي عليهم ، إن لم يكن ظهر بالفعل ، في مظاهرات 30 يونيه القادمة لن يكون فيها هذه الجموع من أهل مصر الكنانة الذين خرجوا في 25 يناير حتى 11 فبراير فأسقطوا مبارك ، فهم نأوا بأنفسهم عن حملات الاستقطاب التي تجري باسم الإسلام (المعتدل الأمريكي ) والمعارضة الليبرالية والعلمانية له .
لم يختلف الخطاب كثيراً عن ما كان يفعله سابقيه ، السابقون ، جميعهم عبد الناصر ،استلم مصر ،كما يدعي ، والانجليز أماتوا كل سبل النهضة فيها ، فزعم أنها سينهضها بالاشتراكية العربية المسروقة من الاشتراكية الدولية والتي تعد ترقيعاً للنظام الرأسمالي بأضافة التأميم إليه ودعوى تذويب الفوارق بين الطبقات تحقيقاً للعدالة الاجتماعية ، والتوسع في إنشاء وصلاحيات النقابات العمالية ، وكان ما كان من كارثة هزيمة يونيو وتخلف أصاب مصر الكنانة أثاره ممتددة إلى اليوم ، ثم السادات وإدعائه أنه استلم مصر مثقلة بالديون والقمع والقهر والخراب ، فكان انفتاحه وإعلانه دون مواربة أن 99% من أوراق اللعبة في يد أمريكا !، ثم مبارك وادعائه أنه استلم مصر خرابة ، ودون أدنى خجل كان يعلن صراحةً " الانبطاح التام أو الموت الزوئام" لأمريكا وكيان يهود، ولم يختلف الحال كثيراً مع الدكتور مرسي ، إستلامها كما يدعي – وهو حق – أكثر خراباً وأكثر فساداً ووو إلى أخره، ولكن أن تُقزم القضية في الفلول والدولة السابقة ، فهذا هو خداع الوعي للعقل مصري ، وأن نسير على نفس نهج السابقين في أنظمة ديمقراطية واقتصاد سوق حر يرسخ لأصحاب روؤس الأموال التلاعب بالسياسيات ويرسخ التبعية الاقتصادية الأمريكية والغرب ، ويرسخ استمرار التبعية في السياسية الداخلية والخارجية لأمريكا ومراعاة مصالحها ومصالح كيان يهود إسرائيل على حساب شرع الله والمسلمين ونسمى ذلك مشروع نهضة فهذا بحق سوء الرعاية التي لا يرضى الله عنها ولا رسوله ولا مؤمنون .
أما هذه القرارات السذاجة التي تنم عن عقلية لا تمتلك رؤية شرعية ناهينا عن الرؤية الرعوية السياسية القائمة على أساس الإساس فباستعراضها يتبين ما يلي :
القرار الأول ونصه : " تكليف وزير الداخلية بعمل وحدة خاصة لمكافحة البلطجة وترويع المواطنين !!."
سطحية في المعالجة ينم عنها القرار ، إن لم يكن القصد من القرار تسكين وتهدئة الناس . فوزارة الداخلية هذه هى مهمتها الأساسية ، والبلطجة أنواع وتوجد في كل المجالات وفي مختلف أنواع الجرائم من مخدرات وقتل واغتصاب وتحرش ، إلا إذا كان هناك توصيف للبلطجة لمجرد البلطجة !، أو يكون المقصود هو استخدام البلطجة في الأعمال السياسية ومن ثمَّ يكون من يستخدم العنف في الأعمال السياسية هو المقصود ، ومن الممكن بسهولة إتهام أي معارض بالبلطجة حينئذ ، فالناحية الإدارية والناحية القانونية ، وقبلها التوصيف للبلطجة وترويع المواطنين لابد وأن يسبق هذا التكليف ، فلا يكون هذا القرار مقصود منه سوى تسكين الناس وتهدئتهم . أما الحل العملي والواقعي هو ما أتى به الإسلام في معالجة المفسدين في الأرض من خارجين على النظام العام للدولة وترويع الناس وإقامة الحدود والتعزيرات عليهم بعد توصيف هذا الإفساد . فيكون التوصيف للجريمة موجود والحكم عليها بالقضاء موجود والعقوبة منصوص عليها فتحدث المعالجة العملية .
القرار الثاني ونصه: " تشكيل لجنة مستقلة لاعداد التعديلات الدستورية المقترحة، من جميع الاحزاب والقوى السياسية، كلهم مدعوون ليجلسوا معي يختاروا ممثلا لهم" .
ومازالت ترضية الناس بسخط الله مستمرة ! ، فبرغم من عدم شرعية هذا الدستور القائم على مخالفة الإسلام عقيدة وشريعة بإقامته الدولة في مصر على أساس جمهوري ديمقراطي مدني ( علماني ) وطنى، ومحاولات الكذب على الناس التي كشفها الله بادعاء أنه دستور إسلامي ، يأتي هذا القرار في هذا السياق. إلا أن هذا القرار أيضاً قرار غير عملي ولا واقعي لأنه طبقاً للدستور الوضعى المقر الآن في البلاد ليس لأحد حق إقتراح تعديلات دستورية سوى رئيس الجمهورية وخمس أعضاء مجلس النواب ( مجلس الشعب ) ولإجراء التعديل لابد من الموافقة عليه بأغلبية الأعضاء !. فتشكيل اللجنة المستقلة لإعداد التعديلات الدستورية استمرار للتنازل عن الحكم بما أنزل الله ، برغم أن تشكيل اللجنة هو تصدير وتصعيد للأزمة في ممثلين هذه اللجنة من هم وكما عددهم ؟!.
القرار الثالث ونصه : " تشكيل لجنة عليا للمصالحة الوطنية تضم ممثلين من كافة عناصر المجتمع من الاحزاب والازهر والكنيسة والشباب والجمعيات الأهلية لتحديد كل الاجراءات التي من شانها تحقيق مصالحة حقيقية بين مؤسسات الدولة والتوافق على محاور العمل الوطني بما يعلي مصلحة الوطن" .
تشكيل اللجان إضافةً إلى ما يتطلبه من إجراءات قانونية وتوصيف للعناصر المشاركة فيها ، إلا أن هذا القرار يتعامل مع مصر في إطار المنظور الوطني القطري ، ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة في وثيقة المدينة والتي ورد فيها " وأنّكم مهما اختلفتم فيه من شيء فإنّ مردّه إلى الله عزّ وجلّ، وإلى محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم".
القرار الرابع ونصه : " تكليف الوزراء والمحافظين من الآن بإقالة كل المتسببين في الازمات التي تعرض لها المواطنون خلال اسبوع، سنة كافية لكل بقايا النظام السابق في المؤسسات المتسببين بازمات للمواطنين في كل الخدمات " .
القرار الخامس ونصه : "سحب كل تراخيص محطات البنزين التي امتنعت عن تسلم المنتج للمواطنين ".
القرار السادس ونصه : "تكليف وزارة التموين باستلام محطات الوقود التي تمتنع عن العمل بالتنسيق مع ادارتها ".
قرارات تتعلق بأزمة أنية وهى نقص البنزين والوقود ، ومحاولة طرح حلول عملية سريعة نظراً لضغط الأزمة الشديد على الناس ، فكانت محاولات حلول كسابقتها ، حلول غير عملية واقعية لا في الوقت ولا في المضمون ولا في كيفية التنفيذ التي تحتاج إلى إجراءات قانونية وأدلة مادية لا يكفي فيها اسبوع أو إثنان ولا عشرة !، في ظل نظام قضائي وضعي معروف كيف يضرب في اطنابه الفساد !. ولكن الحقيقة أياً كان سبب الأزمة فهى مرتبطة بعقود استخراج واحتكار البترول في بلادنا في جذورها ، وكيف أن هذه الشركات العالمية صاحبة هذه العقود هى التي تحدد الأسعار لهذا الوقود وتبيعه لنا بالأسعار التي تتدعى عالميتها ، ونظراً للأهمية القصوى للوقود للناس تشتريه الدولة وتدعم سعره للمواطنين دعماً يثقل كاهل الدولة بسبب مديونيتها المرتبطة بالتبعية الاقتصادية لأمريكا ، ولا يخفى على أحد أن أول متطلبات صندوق النقد الدولي، لن تكون دعم وتطوير صناعات التنقيب والتكرير عن البترول المحلية للاستغناء عن هذه الشركات العالمية الاستعمارية !!، بل رفع الدعم عموماً وبخاصةٍ عن البترول ومشتقاته ، فيبدو أن هذه الأزمة تُستغل لتحقيق ما لم يستطع نظام مبارك الإقدام عليه وهو رفع الدعم عن البنزين ، فيُمهد بها إلى الرضوخ لطلبات صندوق الدولي برفع الدعم عموماً بما فيها البنزين استجابة لروشتة الإصلاح المقترحة من صندوق النقد الدولي التي تقوم بتقليل الانفاق الحكومي عموماً برفع الدعم عن الوقود والصحة والتعليم وزيادة الضرائب وفتح أسواق الاستثمار للقطاع الخاص وحرية تنقل الأموال !.
القرار السابع ونصه : "الزام المحافظين بتعيين مساعدين لهم من الشباب، في ما لا يزيد سنه عن 40 سنة خلال اربع اسابيع من الآن" .
سذاجة سياسية مطلقة ، ورشوة مقنعة ، واستخفاف بعقول الناس ، هل القضية في الشباب والسن أم القضية في الفكر السياسي ووجهة النظر التي ينبني عليها هذا الفكر والمشاريع السياسية التي تقوم عليها ؟!!. أي سياسة سينفذها هذا الشاب أي برنامج نهضة يقتنع به ويعمل على تحقيقه ؟!!. وما هي ماهية هذا المنصب الجديد وقانونيته وصلاحياته ؟! ..
ألا يكفى ما مضى من استخفاف بعقول الأمة ؟!
خطاب يحتاج الكثير من الوقفات ولعل هذا ابرز ما فيه ، ومن أهم مافيه أيضاً ويحتاج الوقوف عنده هو أجواء الثقة التي ظهر عليها محمد مرسي ليس في الله ورسوله والمؤمنين !، ولكن في قادة المؤسسة العسكرية ذراع أمريكا في مصر وصمام الأمان لمصالحها وضمان إستمرار مصر الكنانة دولة جمهورية ديمقراطية مدنية (علمانية ) حديثة ( لا تحكم بالإسلام ) وطنية قطرية لا ترى ولاءً ولا براءً إلا على أساس الحدود والجنسية .. ولكِ الله يا مصر الكنانة .

No comments:

Post a Comment