Tuesday, October 18, 2022

جريدة الراية: ماذا تريد ألمانيا والغرب من بلادنا؟!

 

جريدة الراية: ماذا تريد ألمانيا والغرب من بلادنا؟!

 

  23 من ربيع الاول 1444هـ   الموافق   الأربعاء, 19 تشرين الأول/أكتوبر 2022مـ

في يوم الأربعاء ٢٨/٩/٢٠٢٢م انتهت أعمال الورشة التي حضرتها الإدارات الأهلية بولايات كردفان الثلاث والتي مولتها الحكومة الألمانية ودعمتها سفارتها بالخرطوم حيث أوردت شبكة كردفان الإخبارية يوم السبت 24/9/2022 خبراً يتحدث عن "انطلاقة ورشة دعم العملية الدستورية بجمهورية السودان بشأن استخدام الأراضي والموارد المعدنية وتوزيع الصلاحيات والسلطات والتي تنظمها مؤسسة ماكس بلانك للسلم الدولي وسيادة القانون الألمانية بدعم من سفارة جمهورية ألمانيا الاتحادية بالخرطوم وتمويل من الحكومة الألمانية بمشاركة الإدارات الأهلية من ولايات كردفان الثلاث بتشريف وزير الحكم الاتحادي المهندس محمد كرتكيلا صالح وواليي شمال وجنوب كردفان، وتستمر الورشة لمدة أربعة أيام تناقش عدداً من الأوراق والموضوعات المتعلقة باستخدام الأراضي من منظور القانون المقارن والمنظور السوداني بالإضافة إلى توزيع السلطات والاختصاصات في استخدام الموارد المعدنية".

فما هي النتائج المتوقعة لمثل هذه الورش؟ وما الذي تريده الحكومات الغربية من الإدارات الأهلية ومن أرضنا ومواردنا المعدنية لتمول مثل هذه الورش وتدعمها سفارتها بالخرطوم وتنظمها إحدى مؤسساتها؟!

من المعلوم أن الدول الاستعمارية تسعى لاستمرار هيمنتها وبقاء نفوذها للتحكم في القرار السياسي للمستعمرات حتى لا تنعتق وتتحرر فتعود لثقافتها وحضارتها وتمتلك زمام أمرها من جديد، وكذلك ليستمر نهبها لثروات وممتلكات الشعوب. وأهم طرقها لذلك هو الهيمنة ونهب الثروات عن طريق التشريعات والدساتير والأنظمة، فعندما استجوب كرزون في البرلمان البريطاني لماذا أعطيت تركيا بوصفها حاضرة دولة الإسلام استقلالها؟ رد قائلاً: "لقد قضينا على القوة المعنوية فيها الخلافة والإسلام". فقد عمد الاستعمار بعد أن دخلت جيوش الحلفاء إسطنبول على إلغاء نظام الحكم في الإسلام نظام الخلافة واستبدل النظام الجمهوري به وألغى الدستور والقانون العثماني (الإسلامي) وأقر مكانه قوانين وضعية، فأصبح لا خوف من تركيا وبقية بلاد المسلمين بعد أن فعل فيها فعلته وأصبح تحديه الوحيد هو استمرار هذا الوضع ورعايته حتى لا يخرج عن سيطرته فتتحرر البلاد والعباد.

وهذا يقودنا للأمر الثاني وهم ركائز الاستعمار، فانظر إلى قول جان بول سارتر في مقدمة صدر بها كتاب فرانس قانون "معذبو الأرض" مشيراً إلى أسلوب صناعة المفكر الشرقي في الغرب، ومجال استخدامه: "كنا نحضر رؤساء القبائل وأولاد الأشراف والأثرياء والسادة من أفريقيا وآسيا، ونطوف بهم بضعة أيام في أمستردام ولندن والنرويج وبلجيكا وباريس، فتتغير ملابسهم، ويلتقطون بعض أنماط العلاقات الاجتماعية الجديدة، ويتعلمون منا طريقة جديدة في الرواح والغدو، ويتعلمون لغاتنا وأساليب رقصنا، وركوب عرباتنا، وكنا ندبر لبعضهم أحياناً زيجات أوروبية، ثم نلقنهم أسلوب الحياة الغربية... كنا نضع في أعماق قلوبهم الرغبة في أوروبا، ثم نرسلهم إلى بلادهم وأي بلاد؟! كانت أبوابها مغلقة دائماً في وجوهنا، ولم نكن نجد منفذاً إليها، كنا بالنسبة إليها رجساً ونجساً، ولكن منذ أن أرسلنا المفكرين الذين صنعناهم إلى بلادهم، صرنا نصيح من أمستردام أو برلين أو باريس "الإخاء البشري" فيرتد رجع أصواتنا من أقاصي أفريقيا أو الشرق الأوسط أو شمالي أفريقيا.. كنا نقول: ليحل المذهب الإنساني أو دين الإنسانية محل الأديان المختلفة، وكانوا يرددون أصواتنا هذه من أفواههم، وحين نصمت يصمتون، إلا أننا كنا واثقين من أن هؤلاء المفكرين لا يملكون كلمة واحدة يقولونها غير ما وضعنا في أفواههم".

إن هذه الورشة التي مولتها الحكومة الألمانية ودعمتها سفارتها بالخرطوم تأتي في هذا الإطار ليستمر الدستور الوضعي الظالم الذي ثار ضده الناس فيريد الاستعمار دعمه واستمراره وضعياً تحت إشرافهم حتى لا ننعتق منهم ونرجع لأحكام الله وشريعته السمحاء التي بينت أحكام الموارد المعدنية سواء أكان معدناً عداً لا ينقطع أم معدناً قليلاً، والأراضي سواء أكانت عشرية أم خراجية، وبينت أن ملكيتها للأفراد أو الدولة أو ملكية عامة يستفيد منها كل الناس، ولا توجد في الإسلام ملكية للقبيلة، سواء أكانت ملكية أرض أو ملكية معدن، كما يقول القانون الوضعي ليوجد العنصرية والاحتراب بين الناس حول الأرض والثروات المعدنية ليجد المستعمر فرصته لنهب الثروات عندما يضمن احتراب الناس وهيمنته السياسية من خلال الدستور والقانون والقيادات الذين يريدهم أن يكونوا رجعاً لأصواتهم ولا يملكون كلمة واحدة يقولونها إلا ما وضعه المستعمر في أفواهم... هكذا يريد المستعمر، فماذا أنتم فاعلون يا أهل السودان وخاصة القيادات الأهلية والمسؤولون الذين حضروا الورشة؟ أتقبلون هذه الدنية في دينكم فتحققوا للاستعمار ما يريده على حساب دينكم وبلدكم وأهلكم؟! أم ستروا الله من أنفسكم خيرا فتقطعوا دابر المستعمر من بلادنا ونرجع لدستورنا وشريعتنا وخلافتنا فننال عز الدنيا والآخرة؟!

بقلم: الأستاذ النذير محمد حسين (أبو منهاج)

رئيس لجنة الاتصال بالفعاليات (السودان كردفان)

No comments:

Post a Comment