Friday, October 25, 2013

مع الحديث الشريف: باب لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد

مع الحديث الشريف: باب لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد

نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
جاء في صحيح الإمام مسلم في شرح النووي "بتصرف" في " لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد"
عن ابن عيينة قال عمرو: حدثنا سفيان عن الزهري عن سعيد، عن أبي هريرة يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد، مسجدي هذا ومسجد الحرام ومسجد الأقصى".
لو أراد مسلم في بلد ما أن يشد الرحال إلى المسجد الأقصى كما طلب الحديث الشريف، ومنعه يهود من ذلك، فما موقف المسلمين؟ هنا نوجه سؤالا كبيرا لا لحكام الفترة الجبرية الذين بدؤوا بالسقوط والتهاوي؛ بل السؤال لمن ما زالوا يُسمون بالعلماء زورا وبهتانا، ما هو موقفكم من حكامٍ رضوا بأن يبقى أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين يرزح ويئن تحت حراب يهود ومن قبله الاستعمار البريطاني لأكثر من تسعين عاما وهم الذين يملكون المال والسلاح الذي يقدر بالمليارات؟ أم أنه غاب عنهم - وهم العلماء- أن هذا المسجد وقف إسلامي، أم تراهم لم يعلموا أن أرضه أرض خراجية ملك رقبتها لجميع المسلمين على وجه الأرض؟
أيها المسلمون:
إن أهل فلسطين يملكون الانتفاع بأرض بيت المقدس فقط ولا يملكون رقبتها، شأنها شأن أيّ أرض خراجيّة أخرى في بلاد المسلمين، فإذا حصل مكروه لهذا المسجد أو اعتداء، كان لزاما على كلّ مسلم على وجه الأرض أن يهبّ لنصرته وليس أهل فلسطين فقط. فعندما وقع المسجد الأقصى أسيرا بيد الفرنجة الصليبيين، ظلّ الجهاد مستمرّا، لم يهدأ لحظة واحدة لأكثر من تسعين عاما متتالية، حتّى منّ الله على المسلمين بنور الدّين زنكي وقائده المظفّر صلاح الدّين الأيّوبي الذي حرّره نهائيا من الصليبيين، بعد وفاة نور الدين زنكي.
أيها المسلمون:
إنّ المسجد الأقصى اليوم أسير بأيدي شرّ النّاس وأشدّهم عداوة لأمّة الإسلام ألا وهم يهود، يئنّ صباح مساء ويشكو إلى الله الظلم والقيد والأغلال مع كلّ نداء يصدح من مآذنه، مع نداء الله أكبر خمس مرّات في اليوم والليلة، ويمنع المسلمون في العالم الإسلامي من الصلاة فيه، حتّى أهله الذين على بعد أمتار منه يمنعون من دخوله لأداء الصلاة فيه. فحكّام المسلمين لم يكتفوا بالسكوت عن احتلال أرضه وأهل فلسطين يعانون ما يعانون؛ بل زادوا على ذلك أن فتحوا بلادهم للترحاب بيهود في معظم العالم الإسلامي، يفتحون السفارات والقنصليّات والهيئات والمقرّات التجارية، وزاد على ذلك حكّام بعض الدول بعقد معاهدات حماية ودفاع مشترك كما فعل حكّام تركيا؛ بل منهم من لبس عباءة الإسلام ولحيته، وسمى نفسه حافظا للقرآن مصليا الفجر، يبعث برسالة إلى رئيس كيان يهود الذين يمنعونه كما يمنعون غيره من المسلمين من شد الرحال إلى المسجد الأقصى، يخاطبه فيها:
صاحب الفخامة السيد شيمعون بيريز رئيس دولة إسرائيل، عزيزي وصديقي العظيم:
لما لي من شديد الرغبة في أن أطور علاقات المحبة التي تربط لحسن الحظ بلدينا، قد اخترت السيد السفير عاطف محمد سالم سيد الأهل، ليكون سفيراً فوق العادة، ومفوضاً من قبلي لدى فخامتكم، وإن ما خبرته من إخلاصه وهمته، وما رأيته من مقدرته في المناصب العليا التي تقلدها، مما يجعل لي وطيد الرجاء في أن يكون النجاح نصيبه في تأدية المهمة التي عهدت إليه فيها، ولاعتمادي على غيرته، وعلى ما سيبذل من صادق الجهد، ليكون أهل لعطف فخامتكم وحسن تقديرها، أرجو من فخامتكم أن تتفضلوا فتحوطوه بتأييدكم، وتولوه رعايتكم، وتتلقوا منه بالقبول وتمام الثقة، ما يبلغه إليكم من جانبي، لاسيما أن كان لي الشرف بأن أعرب لفخامتكم عما أتمناه لشخصكم من السعادة، ولبلادكم من الرغد. صديقكم الوفي، محمد مرسي.
ولكن رغم ذلك نقول: إن حديث رسولنا الكريم-صلى الله عليه وسلم- " لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد" سيعود ليعمل من جديد، بعد انتهاء الفترة الجبرية التي تعيشها الأمة اليوم، والتي بدأت أصنامها تتهاوى أمام أعيننا، على أيدي المخلصين من المسلمين، ولن ينفع يهود معاهدات ولا كيانات من قبل الحكّام، فقد وعد ربّ العزّة جلّ جلاله بأن أرض بيت المقدس ستكون مقبرة ليهود، قال تعالى: (( فَإِذَا جَاء وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوؤُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْاْ تَتْبِيرًا)).
ويقول عليه الصلاة والسلام: " لا تقوم الساعة حتّى تقاتلوا اليهود فتقتلوهم" وهذا لا يكون إلا في ظلّ دولة إسلامية تحكم بالإسلام، ولا يكون في ظلّ هؤلاء العبيد من حكّام المسلمين، وعندها فقط يتحرّر المسجد الأقصى المبارك وأرضه المقدّسة، وتعود للأمّة عزّتها وهيبتها وقوّتها، تعود خير أمّة أخرجت للنّاس على وجه الأرض، كما وصفها ربّها بقوله: ((كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ)) وعندها أيّها المؤمنون ((يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشَاء وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ * وَعْدَ اللَّهِ لا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ)).
احبتنا الكرام، والى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كتبه للإذاعة: أبو مريم
21 من ذي الحجة 1434
الموافق 2013/10/26م

No comments:

Post a Comment