Sunday, December 23, 2012

بعد إقرار الدستور ما الخطوة التالية؟ "أسلمة" القوانين من خلال البرلمان ذي الأغلبية "الإسلامية".


بعد إقرار الدستور ما الخطوة التالية؟ "أسلمة" القوانين من خلال البرلمان ذي الأغلبية "الإسلامية".

د. أياد القنيبي: أود هنا تذكيركم بجزء من حلقة (قصة عجلان وسليمة) التي أتمنى على إخواني مراجعتها:
(
أحبتي في الله، إن تطبيق الشريعة من خلال البرلمان هو طلب للشريعة من غير وليها. فاستئذان البرلمان في تطبيق الشريعة معناه جعله حكما على شريعة الله. فإن طبق حكم من الأحكام فلا يطبق لأنه واجب التطبيق من حيث هو حكم الله، بل لأن البرلمان أذن لهذا الحكم أن يطبق. فحتى لو افترضنا أن البرلمان اختار أن يطبق الأحكام الإسلامية كاملة، فإن هذه الأحكام لا تسمى إسلامية ولا تسمى تطبيقا للشريعة لأنها طبقت باسم البرلمان لا باسم الله، كما طلب عجلان فتاته من برمان لا من وليها.
فالمسألة ليست هل سيوافق البرلمان وهل سيوافق الشعب على أحكام الشريعة أم لا. بل مجرد استئذان البرلمان في تطبيقها يسقط عن هذه الأحكام صفة أنها أحكام الشريعة ويجعلها أحكام البرلمان.
ولا فرق هنا أطبقت هذه الأحكام دفعة واحدة أم طبقت بالتدريج. فما دام أن تطبيقها مرتبط بإذن البرلمان وصادر باسم الشعب فهي أحكام البشر وإن كانت موافقة في الصورة لأحكام الله.
والمسألة هنا ليست مسألة شكلية. بل هي فرق ما بين العبودية لله والعبودية للبشر من دون الله.
أنت عندما تذبح الشاة تقول (باسم الله). فإن قلتها كانت ذبيحة تتقرب بها إلى الله وكان لحمها طيبا يجوز لك أكله. إن قلت: (باسم الشعب) أو (باسم البرلمان) كنت آثما مشركا لأنك تهل بها لغير الله، والذبيحة حينئذ ميتة ويحرم عليك أكلها.
المادة 79 من الدستور المصري تقول: (تصدر الأحكام وتنفذ باسم الشعب).أي لأن الشعب أذن بها وأرادها.
هذه الكلمة التي يراها البعض بسيطة (باسم الله أو باسم البرلمان) هي فرق ما بين التوحيد والشرك، هي فرق ما بين الاحتكام إلى الله والاحتكام إلى البشر.
البعض يظن أن تطبيق الشريعة من خلال البرلمان فرق شكلي عن تطبيقها إذعانا لله تعالى، ما دام أن الأحكام في المحصلة متفقة في صورتها. يعني يقول لك: نحن نريد أن تطبق الشريعة بأية طريقة. المهم أن نصل إلى تطبيق الشريعة.
والحق أن الاحتكام إلى البرلمان شرك، والفرق بعد ذلك بين أن تطبق أحكام موافقة للشريعة في الصورة أو مخالفة لها هو الفرق الشكلي.

إخواني هنا نقطة مهمة جدا:
تطبيق الشرع بحد ذاته لا يعتبر غاية قصوى، بل هو وسيلة لتحقيق العبودية لله عز وجلّ. فليس الهدف الوصول إلى تطبيق الشرع بشكل مجرد، بل الهدف الوصول إلى تطبيق الشرع المحقق للعبودية لله _عز وجلّ.
وإلا فأحكام الشريعة لنفعنا نحن معاشر البشر. الذي يريده الله منا أن يكون تطبيقنا لشريعته هو من باب الامتثال لأمره: ((لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم))
الهدف الأعظم من تطبيق شرع الله تعالى هو إظهار الخضوع والانقياد له تعالى وحين يخلو تطبيق الشريعة من هذا الهدف الأعظم فلا قيمة له عند الله عز وجل.
بالتالي فكل ما يريده الله منا هو هذه الكلمة: (تصدر الأحكام وتنفذ باسم الله). أما إن كانت أحكام الشريعة تصدر وتنفذ باسم الشعب ((فما كان لشركائهم فلا يصل إلى الله وما كان لله فهو يصل إلى شركائهم ساء ما يحكمون))...ليس لله في هذه الأحكام نصيب.
كل ما يريده الله منا: أن نمتثل أوامره طاعة له تعالى، له وحده. هذه هي الكلمة التي يريدها الله منا: تصدر الأحكام وتنفذ باسم الله.
تطبيق الشريعة إنما المقصود منه ان يكون مظهرا من مظاهر الإسلام. مامعنى الإسلام؟
الإسلام هو الاستسلام والانقياد التام والإذعان غير المشروط لحكم الله تعالى، وتطبيق أمر الله تعالى لأنه أمر الله، لا لأن الأغلبية وافقت عليه. استئذان البرلمان في تطبيق أمر الله شرك بالله، بل إخضاع أمر الله لأمر البشر! ((ساء ما يحكمون)).
فمن اللحظة التي تصدر فيها الأحكام باسم البرلمان فقد انهار هذا المعنى، معنى العبودية، انهيارا تاما)

No comments:

Post a Comment