Wednesday, December 19, 2012

التبني .. ضرورة شرعية


التبني .. ضرورة شرعية

يخلط الكثيرون بين فكرة التبني ، وبين فكرة جواز تنازل المجتهد عن رأيه ، خلطا واضحا بين الأمرين ، لهذا أحببت أن أفصل بين الفكرتين فصلا بينا واضحا ، لا لبس فيه ، فدليل مشروعية التبني ، لا علاقة له بدليل جواز تنازل المجتهد عن رأيه ، وواقع فكرة التبني ، غير واقع فكرة التنازل عن الرأي لرأي آخر .
التبني هو التزام الحكم الشرعي حين القيام بالعمل والتقيد به . ودليل هذا الأمر واضح وجلي "يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول" ، "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون" ، "وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم" ، "فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما" ، هذه أدلة مشروعية وجوب التقيد بالحكم الشرعي حال القيام بالعمل ، وفي الأحكام الشرعية هناك ما هو متفق عليه و هناك ما هو مختلف عليه بناء على طريقة الفهم المنضبطة بضوابط الإسلام في فهم النصوص الشرعية ، حين الإختلاف يجب على المسلم وأقول يجب على المسلم أن يتقيد بفهم معين لواقع الحكم الشرعي حتى يلتزم فيه عن قناعة تامة بصلاحيته لعلاج مشكلته ، من هنا جاءت فكرة التبني ومشروعيتها .
هذا التقيد في الحكم الشرعي يلزم المسلمون جميعا ، أفرادا ودولة وجماعات ، ولكل الحق بتبني الأحكام الشرعية وفق الضوابط الشرعية لفهم الأحكام الشرعية .

أما فكرة تنازل المجتهد عن رأيه في حالات حددها من قالوا بالجواز على الشكل التالي :
1- أن يتوضح للمجتهد ضعف رأيه و هنا يجب عليه التنازل للرأي والدليل الأقوى .
2- أن يتنازل المجتهد عن رأيه لمن هو أعلم منه وهذه اختلف فيها العلماء غير أن من عارضها أثبت أن هناك رأيا بالجواز أقوى من رأيه القائل بعدم الجواز ، فالصجابة رضوان الله عليهم كانوا يتركون آراءهم لبعضهم البعض ، فأبوبكر وعمر كانوا يتركون آراءهم لرأي علي وعبدالله بن مسعود كان يترك رأيه لرأي عمر وهذه ثابتة في كتب الفقهاء والأصوليين حتى الذين تأولوها أثبتوها كحوادث ولكنهم تأولوها ووجهوها بحسب أفهامهم هم ولكنهم لم يستطيعوا نفيها أو نفي وقوعها .
3- تنازل المجتهد عن رأيه لمصلحة الجماعة ، وهذا أيضا مختلف فيه ولكن الجواز أقوى ، لأن حادثة عثمان في بيعته المشهورة ، أوضح دليل على الجواز ، حيث أن عثمان قبل أن يتنازل عن رأيه لرأي الشيخين وسنته لسنة الشيخين وسيرته لسيرة الشيخين ، ومن تأول هذه الحادثة تأولها بفهمه غير أنه لم ينفيها ولم يستطع طمسها .
4- طاعة المجتهد لأمر أمير المؤمنين ، و هذه لا خلاف فيها ، فأمر الإمام يرفع الخلاف .

من هنا وفي هذا الشرح المتواضع هناك فرق بين التبني كفكرة ، وبين فكرة تنازل المجتهد عن رأيه ، كلا الفكرتين منفصلتين تماما ، كانفصال الصلاة عن الصيام ، فأدلة التبني غير أدلة تنازل المجتهد عن رأيه ، كما أن من قالوا بعدم جواز تنازل المجتهد عن رأيه ، هذا لا يعني إبطالهم للتبني لأن الموضوعان متغايران تماما .
اللهم اجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه وصلى الله وسلم وبارك على نبي الرحمة والهدى والحمدلله رب العالمين
24/9/2012

No comments:

Post a Comment