Sunday, January 27, 2019

ميثاق خلاص أم محاولة احتواء؟!

ميثاق خلاص أم محاولة احتواء؟!

الخبر: دعا زعيم حزبِ الأمةِ المعارض في السودان الصادق المهديّ الرئيس عمر البشير إلى الرحيلِ، مؤكداً العملَ السلميّ للانتقالِ السياسيّ، وذلكَ على وقعِ احتجاجاتٍ متواصلةٍ منذُ 19 كانون الأول/ديسمبر الماضي. وحثَّ المهدي في خطبةِ الجمعةِ البشير على الامتثالِ للاحتجاجاتِ والاستقالةِ، وقال "هذا النظام يجب أنْ يرحلَ وفترة انتقالية في القريبِ العاجل"، مشدداً على أنَّه سيحشدُ أنصارهُ في المظاهراتِ السلميةِ والاعتصاماتِ داخلَ وخارجَ السودان. وأبرزُ ما جاءَ في خطابِ المهديّ هو تقديمهُ مبادرةً أسماها "ميثاقَ الخلاص"، وتهدفُ في أساسها إلى رحيلِ النظام، وتكوينِ حكومةٍ انتقاليةٍ قوميةٍ تضمُ جميعَ الأحزابِ السياسيةِ والشبابِ ومنظماتِ المجتمع المدني. وأضافَ أنَّ هذهِ الوثيقة ستوقعُ عليها جميعُ الأحزابِ والتياراتِ قبل أن تقدم إلى البرلمان. (الجزيرة).
التعليق:
بعد أن باتَ واضحاً عزم أهلِ السودانِ على قلعِ النظامِ العلمانيِّ الحاكمِ في بلادهم، وهو النظامُ الموالي لأمريكا والعميل لها، جاء دورُ من يحاول إسعافَ النظامِ وإنقاذه واحتواء هذه الثورة، فليسَ رحيل البشيرِ رأس النِظامِ هو مطلبَ الثورةِ فحسب، بل رحيل النظامِ دستوراً وقانونا ووسطاً سياسياً، موالياً ومعارضاً، هو معنى رحيلِ النظام، والدعوة إلى إيجادِ حكومةٍ قوميةٍ ليسَ إلا التفافاً على الثورةِ واحتواءً لمطالبها الحقيقيةِ التي من شأنها تحقيق التغييرِ الحقيقيّ في البلاد، تماما كما حصلَ مع الثورة المصرية.
إنّ الصادقَ المهديّ، الذي يقودُ أبرزَ أحزابِ المعارضةِ في السودان، كان رئيساً للجمهوريةِ السودانيةِ العلمانيةِ، وأطيحَ بهِ من خلالِ انقلاب حمل الرئيس الحاليّ عمرَ البشيرِ إلى السلطةِ في 1989، وبعدَ ذلكَ انتقل من الحكمِ إلى المعارضةِ، كما هو معمولٌ بهِ في النظامِ الديمقراطيّ، فهو ابن النظامِ وليس نقيضه، لذلكَ يجبُ الحرص والحذر من كلِ من يمد بسببٍ إلى هذا النظام، ويجب أن يحرص القائمون على الثورةِ والمخلصونَ الناصحونَ لهم والرائدُ الذي لا يكذبُ أهله، يجب أن يحرصوا جميعا على عدم اختراقِ الثورةِ من أيِّ جهةٍ لها تاريخ أو حاضر مرتبط بالنظامِ أو بأيِّ جهةٍ أجنبيةٍ، ويجب أن يعلموا جميعاً أن الغربَ وخصوصا أمريكا صاحبة النفوذِ في السودانِ من خلالِ النظامِ القائم، وبريطانيا التي ما زالت لها جذور خبيثة في البلادِ، يجب أن لا يأمنوا لأيِّ جهةٍ منهما، وإن تظاهرت جهة منهما باصطفافها إلى جانبِ الثورة المباركة، فهم أصحابُ أجنداتٍ تابعةٍ لأسيادهم، ولا يحملونَ مشروعَ الأمةِ الذي ينجيها.
إنَّ المقياسَ الذي يُحددُ من خلالهِ أهلُ السودانِ والثائرونَ منهم من الذي معهم ومن الذي يتآمر عليهم، هو مقياسُ الشرعِ، فمن كانَ يحمل مشروعَ إقامةِ دولةٍ تقومُ على تحكيمِ القرآن والسنةِ النبويةِ المطهرةِ فهوَ مع الأمةِ ومنحاز لها، ويجبُ على الثائرينَ الاصطفاف خلفهُ والإصغاء لنصائحهِ، فهم أصحابُ التغييرِ الحقيقيّ، الذي يرضي الله وينصف عباده وينهض بهم، أما من يريد إعادةَ تدويرِ النظامِ فهو من المنافقين الذين يجب الحذر منهم، ويجب أن ينظرَ الثائرون في الثوراتِ التي اندلعت في البلادِ الإسلاميةِ الأخرى وأخذ العبرِ منها والحذر من الوقوعِ في الأخطاءِ التي وقعت فيها تلك الثورات، والحكيم من اتعظ بغيره.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
بلال المهاجر – ولاية باكستان
  22 من جمادى الأولى 1440هـ   الموافق   الإثنين, 28 كانون الثاني/يناير 2019مـ

No comments:

Post a Comment