Tuesday, May 28, 2019

الرسالة الحادية والعشرون ذكرى غزوة بدر الكبرى (2)

الرسالة الحادية والعشرون ذكرى غزوة بدر الكبرى (2)

الحَمدُ للهِ الذي فَتحَ أبوَابَ الجِنَانِ لِعبَادِهِ الصَّائمينْ، وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلى أشرَفِ الأنبيَاءِ وَالمُرسَلينْ، المَبعُوثِ رَحْمَةً لِلعَالمينْ، وَآلهِ وَصَحبهِ الطيِّبينَ الطَّاهرينْ، وَمَنْ تبِعَهُ وَسَارَ عَلى دَربهِ وَاهتدَى بهَديهِ وَاستَنَّ بسُنَّتهِ، وَدَعَا بدَعوَتهِ إلى يَومِ الدِّينْ.
أحبتنا الكرام : السلامُ عليكم ورحمةُ اللهِ وبركاتُه، وبعد: إليكم الرسالة الواحدة والعشرين من "الرسائل الرمضانية من هدي القرآن والسنة النبوية"، نتابع معكم فيها الحديث عن (القسم الثاني) من "ذكرى غزوة بدر".
إخوةَ الإيمانِ: أيها الصائمون:
ولكنَّ هذا الرأي رأي سعد في الخروج إلى القتال لم يكن رأي جميع الذين خرجوا من المدينة مع الرسول صلى الله عليه وسلم، فقد كره بعضهم القتال وذلك لأربعة أسباب: لأنهم لم يستعدوا له. ولأنه كان بين الفريقين تفاوت كبير في العدد والعُدَّة. ولأنَّ القتال لم يكن مفروضاً بعد. ولأنَّ الرَّسول صلى الله عليه وسلم ذكر لهم أنَّ هناك قافلة، ولم يذكر لهم أن هناك جيشاً، لذلك لم يظنوا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يلقى حربًا. غير أنَّ هؤلاء الذين كرهوا القتال ما لبثوا أن شرح الله صدورهم له، مستجيبين لأمر الله والرسول. قال تعالى: [كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ * يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَمَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنظُرُونَ]. مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم وسبق قريشاً إلى ماء بدر، وقد أنعَمَ الله تعالى على المؤمنين في بدر بنِعَمٍ عظيمة وهذه النعم هي:
أولاً: نعمة المطر: فقد منع قريشًا من السبق إلى ماء بدر مطرٌ عظيم عوَّقها عن المسير، بينما كان هذا المطر في صالح المسلمين إذ لبد لهم رمل الوادي وأعانهم على المسير عليها، كما استفاد المسلمون كذلك من هذا المطر ما يتطهرون به بالغسل والوضوء، وما ينشطهم للقتال ويطردُ عنهم رجز الشيطان ووسوسته التي يمكن أن ينفذ بها إلى نفوسهم. قال تعالى: [وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّن السَّمَاء مَاء لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ].
ثانيًا: نعمة الإمداد بالملائكة: فلقد أنزل الله تعالى ملائكته لتثبت المؤمنين في المعركة، ولتطمئن قلوبهم، ولتشعرهم بأن الله معهم، وما عليهم إلاَّ أن يبذلوا جهدهم ويُعِدُّوا عُدَّتهم غير مقصرين في اتخاذ أسباب القوة. قال تعالى: [إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُرْدِفِينَ].
ثالثًا: نعمة النعاس: فقد امتنَّ الله على المؤمنين بالنوم، إذ غشيهم النعاسُ جميعاً في هذه الليلة التي في صبيحتها سيخوضون معركة حياة أو موت مع عدو أكثر عدداً وأقوى عُدَّة. وقد كان هذا النعاس معجزة كبرى للنبي صلى الله عليه وسلم لأنه قد شمل جميع أفراد الجيش الإسلامي فناموا كلهم في وقت واحد، وأفاقوا في وقت واحد، قال تعالى: [إذ يغشيكم النعاس أمنة منه].
رابعًا: نعمة إلقاء الرعب في قلوب الأعداء: فقد امتنَّ سبحانه على المؤمنين في بدر بإلقاء الرعب في قلوب أعدائهم الكافرين، قال تعالى: [إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلآئِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرَّعْبَ فَاضْرِبُواْ فَوْقَ الأَعْنَاقِ وَاضْرِبُواْ مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ]. وللحديث بقية.
اللهُمَّ أقـِرَّ أعْيُنَنَا بـِقيَامِ دَولةِ الخِلافَة، وَاجْعلْنـَا مِنْ جُنُودِهَا الأوفِياء المُخلِصينْ.
وَالسَّلامُ عَليكـُم وَرَحمَةُ اللهِ  وَبَرَكاتهُ.
   22 من رمــضان المبارك 1440هـ   الموافق   الإثنين, 27 أيار/مايو 2019مـ

No comments:

Post a Comment