Saturday, May 27, 2017

الصائم مع القرآن والسنة الصائم الحاكم بما أنزل الله، والعامل لذلك

الصائم مع القرآن والسنة الصائم الحاكم بما أنزل الله، والعامل لذلك

يقول الحق جل وعلا في محكم آياته: (كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ)، كان الناس أمة واحدة في الهدى واتباع شرع الله، لكنهم اختلفوا بعد ذلك وضل كثير منهم، فأرسل الله تعالى رسله إلى الناس، وأنزل معهم شريعته التي تصلحهم، وقد ثبت عقلاً أن الإنسان عاجزٌ عن أن يضعَ نظام حياته وسلوكه، ولا بد له من نظام الله –سبحانه- الذي خلقه، وهو الأعلمُ سبحانه بما خلق، وهو أعلم بنا إذ أنشأنا من الأرض وإذ نحن أجِنَّةٌ في بطونِ أمهاتنا، وهو سبحانه الحكيم الخبير، وهو مدبر أمر السموات والأرض، وليس في خلقه سبحانه من تفاوت، فهو الأولى أنْ يُحَكَّمَ شرعُهُ بين الناس، وهو الأولى أن يتبعَ الناسُ نظامَهُ وشريعتَهُ، قال تعالى على لسان يعقوب عليه السلام: (إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ)، وقال على لسان يوسف عليه السلام: (إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ) فالدينُ القويم هو دينُ الله تعالى، وهو تسليم الحكم إلى الله تعالى، وإفراده سبحانه بالعبادة والطاعة والاتباع والتحكيم.
وعدم تحكيم شرع الله تعالى إنما هو اتباع لأهواء الناس، ومن يتبع هواه أو هوى غيره من الناس فليس له غير الله ولي، ولا أحد يقيه من الله تعالى، قال تعالى: (وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ وَاقٍ).
ولما أمر الله سبحانه وتعالى بطاعته، وطاعة رسوله، أمر بطاعة أولي الأمر القائمين على أمر الله تعالى وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم، وأنه حين التنازع بين الأمة وبين ولي الأمر فإنه عليهم أن يردوه إلى الله والرسول، وقرن ذلك بالإيمان ، بالإيمان بالله واليوم الآخر، أي أن من ضرورات الإيمان بالله واليوم الآخر أن نردّ أمرَ أي اختلاف إلى الله والرسول، قال الله سبحانه: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً )، ثم نفى سبحانه الإيمان عن أي إنسان حتى يُحَكّمَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحتى لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحتى يسلّموا تمامَ التسليم بقضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وحكمه، قال تعالى: ( فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا)، والردٌّ إلى الرسول صلى الله عليه وسلم بعد موته هو الردُّ إلى سنته، والردُّ إلى الله هو الردُّ إلى القرآن، لمعرفة حكم الله تعالى في كل أفعال البشر، قال تعالى: (إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللّهُ وَلاَ تَكُن لِّلْخَآئِنِينَ خَصِيمًا).
ووصف القرآن الكريم من لم يحكم بما أنزل الله بالكفر، وبالظلم، وبالفسق، كما في آيات سورة المائدة.
ووصف القرآن الكريم الحكم بغير ما أنزل الله بأنه حكم جاهلية، قال تعالى: (أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ).
ومدح الله سبحانه المؤمنين باتباعهم شرع الله وتحكيمهم إياه، ووصف موقفهم بقوله سبحانه وتعالى: (إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)
فمنْ أولى من الصائم بتحكيم شرع الله تعالى، واتباع ما أنزل الله، وما جاء به رسوله صلى الله عليه وسلم، ومن أولى من الصائم بالعمل لتحكيم شرع الله، وإيجاد حكم الله في الأرض، ليطبق أحكام الله وشريعته، ويحملها إلى الناس كافةً رسالة هدى ونور؟
1 من رمــضان المبارك 1438هـ   الموافق   السبت, 27 أيار/مايو 2017مـ 

No comments:

Post a Comment