Wednesday, December 1, 2021

جريدة الراية : مستجدات الأحداث الأخيرة في محافظة الحديدة اليمنية

 جريدة الراية : مستجدات الأحداث الأخيرة في محافظة الحديدة اليمنية

 

26 من ربيع الثاني 1443هـ   الموافق   الأربعاء, 01 كانون الأول/ديسمبر 2021مـ

تقع الحديدة على ساحل البحر الأحمر، ويشكل سكانها ما نسبته 11% من إجمالي سكان اليمن تقريباً، وعدد مديرياتها 26 مديرية، تبلغ مساحتها حوالي 117145 كيلومتراً مربعاً، وتعد الزراعة النشاط الرئيسي لسكانها، حيث تحتل المركز الأول بين محافظات اليمن في إنتاج بعض المحاصيل الزراعية وبنسبة تصل إلى 26% من إجمالي الإنتاج، فضلاً عن صيد الأسماك، والنشاط التجاري فيها كبير من خلال عملية الاستيراد لثاني ميناء رئيسي في البلد وأيضاً يوجد فيها ميناء الصليف وميناء رأس عيسى النفطي وميناء اللحية والخوبة.

كان لا بد من هذه المقدمة ليتضح للقارئ الكريم واقع هذه المحافظة ليدرك التسابق المحموم من أطراف الصراع للسيطرة عليها، وقد ازدادت أهميتها بشكل كبير جداً خلال سنوات الحرب وبالذات لدى الحوثيين حيث مثل ميناؤها شريان حياة لهم، والطرف الآخر المناوئ للحوثيين يدرك أهميتها فعمل بكل قوة لانتزاعها منهم، ولقد تصاعدت الأحداث في الأسبوعين الماضيين في هذه المنطقة وبالذات مع زيادة ضربات الحوثيين على مدينة مأرب النفطية، ومن المعلوم أن الصراع بين الحوثيين أتباع إيران الدائرة في فلك أمريكا وبين حكومة هادي ومن لف لفيفه من عملاء بريطانيا الذين أوجدتهم الإمارات (مخلب بريطانيا) من مثل المجلس الانتقالي في الجنوب أو ما يسمى بالمقاومة الوطنية في الساحل الغربي، فبعد سيطرة الحوثيين على معظم شمال اليمن لم يترك لهم الإنجليز الطريق ممهداً للسيطرة على البلد وخصوصا في الشمال بل عمدوا إلى السيطرة على السواحل والموانئ والجزر ومنها منطقة الساحل الغربي التي أوكلوا أمرها لقوات طارق صالح (يطلقون على أنفسهم حراس الجمهورية، وأيضا قوات تابعة لهيثم قاسم وزير الدفاع السابق 1993-1994م والذي كان يقيم في الإمارات عملت بريطانيا على عادتها في الحفاظ على عملائها لوقت الحاجة فبعد أكثر من عقدين أعادته للميدان وقد تنتظره في الأيام القادمة أدوار أكبر كونه ينتمي لمحافظة لحج الجنوبية منطقة ردفان وله قبول كبير في الجنوب، وتوجد في الساحل الغربي ألوية العمالقة وأغلبهم من الجماعة السلفية والذين نقلتهم الإمارات من جنوب اليمن) كل هذه الترسانة لقتال الحوثيين ولحماية عدن من اجتياحهم لها عبر الطريق الساحلي، وفي الآونة الأخيرة أصبح طارق صالح هو القائد الفعلي لقوات وكلاء بريطانيا في الساحل الغربي، ولم يكتف بهذا بل شكل مكتبا سياسيا وضم له بعض أعضاء مجلس النواب وبعض الشخصيات وأصبح له اجتماعات وقرارات وهو يستقبل السفراء والمبعوث الأممي ويرسل وفودا وممثلين عنه، بل ويتعدى ذلك ويرسل التعازي والتهاني للدول الإقليمية كأنه بمثابة رئيس دولة وليس مجرد فصيل.

عمل أزلام بريطانيا على السيطرة على مدينة الحديدة في أواخر 2018م ولكن أمريكا أوقفت تقدمهم وفرضت اتفاق السويد في 13/12/2018م تحت مبرر المعاناة الإنسانية فوافق عملاء بريطانيا على الاتفاق تحت الضغط الأمريكي القوي، ومنذ ذلك الحين وجبهة الحديدة مجمدة، وفي بداية شهر 11/2021 بدأ عملاء بريطانيا يحركون الجبهة لوقف الضغط على مأرب خصوصا وأنهم يدركون أهمية الحديدة بالنسبة للحوثيين ولكن اتفاق السويد يمنعهم من التقدم، وفي 11/11/2021 أعلنت ما تسمى بالقوات المشتركة التابعة لهم الانسحاب من المناطق التي سيطرت عليها في الحديدة فقد انسحبت مساحات شاسعة باسم تنفيذ اتفاق السويد بترك مناطق منزوعة السلاح لغرض إعادة الانتشار كما عبروا عنه في البيان الصادر عنهم (تتابع القوات المشتركة في الساحل الغربي، تطورات الأحداث المتتالية عقب تنفيذها قرار إخلاء المناطق المحكومة باتفاق السويد، لكون تلك المناطق محكومة باتفاق دولي يبقيها مناطق منزوعة السلاح وآمنة للمدنيين الذين وقِّع اتفاق السويد؛ بحجة حمايتهم وتأمينهم). وأضاف البيان (ولم تعطِ القوات المشتركة الضوء الأخضر لتحرير مدينة الحديدة،... وإننا نرى واجبنا الديني والوطني يدفعنا للدفاع عن جبهات ذات أهمية أخرى قد يستغلها العدو عند عدم وجود دفاعات كافية، وعدم وجود اتفاق دولي يردع الحوثي عن تقدمه، كما حصل مع قواتنا في الحديدة وأنها قررت ذلك في سياق متابعتها التطورات؛ التي تشهدها جبهات البلاد كلها، التي تفرض على كل حرٍّ قادر أن يقدِّم الدعم والعون بالوسائل المختلفة لجبهات الدفاع عن اليمن واليمنيين في مواجهة أدوات إيران؛ التي تعيث خراباً في البيضاء والجوف، وإسقاط ثلاث مديريات من محافظة شبوة، حتى تم الوصول إلى مشارف مدينة مأرب). (وكالة 2 ديسمبر). وقد سبقت هذا الانسحاب من الحديدة أعمال كثيرة قام بها ما يسمى بالمكتب السياسي للمقاومة الوطنية الذي يرأسه طارق صالح حيث استقبل (طارق صالح مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة هانس غروندبرغ، في مدينة المخا بالساحل الغربي... (وكالة 2 ديسمبر 10/11/2021م)، وقد التقى المبعوث الأممي الجديد إلى اليمن في 11/5/2021 عندما كان يشغل رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي، وأيضاً أرسل وفدا إلى عدن (..برئاسة الشيخ ناصر باجيل، التقوا بقيادات من المجلس الانتقالي برئاسة اللواء أحمد سعيد بن بريك رئيس الجمعية الوطنية للمجلس الانتقالي والأخ أحمد لملس محافظ محافظة عدن، لبحث العديد من المواضيع ذات الاهتمام المشترك. (6/11/2021)، وأيضاً التقى طارق صالح ريتشارد أوبنهايم سفير بريطانيا في اليمن. (4/11/2021)، وأيضا وجهت الدعوة الآتية (دعت مختلف القوى الوطنية أحزاب ومقاومات شعبية إلى استشعار وتحمل المسؤولية التاريخية لتحقيق تطلعات الشعب في استعادة دولته بعاصمتها المختطفة صنعاء ونظامها الجمهوري وإعادة الوطن إلى حاضنته العربية. (وكالة 2 ديسمبر، 28/10/2021)، وقد رحبت حكومة هادي بهذه الدعوة على لسان محافظ مأرب سلطان العرادة، ورحب المجلس الانتقالي بها على لسان المتحدث باسم المجلس الانتقالي الجنوبي علي الكثيري.

وخلاصة الأمر: بعد هذا الانسحاب للقوات المشتركة تقدم الحوثيون وسيطروا على هذه المساحات فوقعوا في المصيدة وأكلوا الطعم، بعدها بدأت مناداة القوات المشتركة أن اتفاق السويد أسقطه الحوثيون وبدأ القتال الفعلي بمعارك طاحنة بين الطرفين، وبهذا تكون بريطانيا قد نجحت في فتح جبهة جديدة للحوثيين وهي جبهة الساحل الغربي بعدما كانت معطلة باتفاق السويد، والقتال الدائر الآن هو خارج المناطق التي نص عليها اتفاق السويد، حيث سحبت القوات المشتركة الحوثيين لمناطق بعيدة في أطراف الحديدة وتشهد خلال هذه الأيام معارك طاحنة وقتل وبالذات من طرف الحوثيين، وبهذا يكونون قد شغلوا الحوثيين بجبهة الحديدة التي تعتبر أهم جبهة بالنسبة لهم وأشدها خطراً عليهم، ويبقى أهل اليمن هم الخاسر الوحيد في هذه الحرب، أما المستفيد فهو الغرب الكافر المستعمر، ولن يهنأ اليمن بالاستقرار ما دام هؤلاء الحكام العملاء في الشمال والجنوب متمسكين بكراسيهم خدمةً للغرب الكافر على حساب أهل اليمن. إن الحل الجذري والأوحد هو كنس هؤلاء العملاء، على يد فئة مؤمنة مخلصة لله وتسلم الحكم لحزب التحرير لإقامة دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة التي أطل زمانها، فندعو أهلنا في اليمن ليكونوا هم السبّاقين لنصرة هذه الدعوة بنصرة حزب التحرير لإقامة هذه الدولة، لينالوا شرف نصرتها كما ناله الأنصار من قبل في المدينة المنورة.

بقلم: الأستاذ عبد الهادي حيدر – ولاية اليمن

No comments:

Post a Comment