Tuesday, July 6, 2021

جريدة الراية: القانون الدولي كيف نشأ ومن أنشأه وما هي الدول التي تستثمره الآن؟

 جريدة الراية: القانون الدولي كيف نشأ ومن أنشأه وما هي الدول التي تستثمره الآن؟

 

19 من ذي القعدة 1442هـ   الموافق   الجمعة, 30 تموز/يوليو 2021مـ

يعرف القانون الدولي بأنه مجموع القواعد التي نشأت من جراء العلاقات بين المجموعات البشرية في حالة الحرب وفي حالة السلم، فصارت من جراء اتباع المجموعات لها أمداً طويلاً أعرافاً دولية ثم استقرت هذه المجموعة من القواعد لدى الدول وصارت الدول تعتبر نفسها ملتزمة بهذه الأعراف التزاماً طوعياً وصارت تلتزمها كالقانون.

ويعتبر من قبيل الأعراف الدولية اصطلاح العرب قبل الإسلام على منع القتال في الشهر الحرام، ولذلك فإن قريشاً أقامت النكير على الرسول حين قامت سرية عبد الله بن جحش بقتل عمرو بن الحضرمي وأسر رجلين من قريش وأخذ قافلة التجارة، أقامت قريش النكير على ذلك ونادت في مكان أن محمداً وأصحابه استحلوا الشهر الحرام وسفكوا فيه الدماء وأخذوا فيه الأموال وأسروا الرجال، فاستعدت الرأي العام عليه لأنه خالف الأعراف الدولية.

حقيقة وجود القانون الدولي اليوم:

نشأ القانون الدولي ووجد ضد الدولة الإسلامية حين كانت تتمثل في الخلافة العثمانية، وذلك أن الخلافة العثمانية بوصفها دولة إسلامية قامت بغزو أوروبا وأعلنت الجهاد على النصارى في أوروبا وأخذت تفتح بلادهم بلداً بلداً فاكتسحت اليونان ورومانيا وألبانيا ويوغوسلافيا والمجر والنمسا حتى وقفت على أسوار فينّا وأثارت الرعب في جميع النصارى في أوروبا ووجد عرف عام لدى النصارى أن الجيش الإسلامي لا يغلب وأن المسلمين حين يقاتلون لا يبالون بالموت لاعتقادهم بأن لهم الجنة إذا قُتلوا ولاعتقادهم بالقدر والأجل، وقد رأى النصارى من شجاعة المسلمين وشدة فتكهم ما جعلهم يفرون من وجههم مما سهل على المسلمين اكتساح البلاد وإخضاعها لسلطان الإسلام، وكان النصارى الأوروبيون في ذلك العصر عبارة عن إمارات وإقطاعيات فكانت دولاً مفككة إلى إمارات يحكم كلاً منها سيد إقطاعي يقاسم الملك في السلطان مما جعل الملك لا يستطيع إجبار هذه الإمارات على القتال ولا يملك التعبير عنها، أمام الغازين وفي كل ما يسمى بالشؤون الخارجية فسهل ذلك على المسلمين الغزو والفتح، وظل حال الدول الأوروبية كذلك حتى العصور الوسطى.

فأساس نشأة القانون الدولي أن الدول الأوروبية النصرانية في أوروبا تجمعت على أساس الرابطة النصرانية من أجل الوقوف في وجه الدولة الإسلامية فأدى ذلك إلى نشوء ما يسمى بالأسرة الدولية النصرانية، واتفقت على قواعد فيما بينها منها التساوي بين أفراد هذه الدول بالحقوق ومنها أن لهذه الدول المبادئ نفسها والمثل المشتركة ومنها أن جميع هذه الدول تسلم للبابا الكاثوليكي بالسلطة الروحية العليا على اختلاف مذاهبها، فكانت هذه القواعد نواة القانون الدولي.

ونظمت أسرة الدول النصرانية في مقابلة الدولة الإسلامية، فقد وضع المؤتمر القواعد التقليدية لما يسمى بالقانون الدولي ولكنه لم يكن قانوناً دولياً عاماً وإنما كان قانوناً دولياً للدول الأوروبية النصرانية ليس غير، ويحظر على الدولة الإسلامية الدخول في الأسرة الدولية أو انطباق القانون الدولي عليها، ومن ذلك وجد ما يسمى بالجماعة الدولية وكانت تتكون من الدول الأوروبية النصرانية جميعاً بلا تمييز بين الدول الملكية والدول الجمهورية أو بين الدول الكاثوليكية والدول البروتستانتية، وكانت قاصرة على دول غرب أوروبا في أول الأمر ثم انضمت إليها فيما بعد سائر الدول الأوروبية النصرانية ثم شملت الدول النصرانية غير الأوروبية ولكنها ظلت محرمة على الدول الإسلامية إلى النصف الثاني من القرن التاسع عشر حيث أصبحت الدولة الإسلامية في حالة هزال وضعف فكري حتى سميت بالرجل المريض، وحينئذ طلبت الدولة العثمانية الدخول في الأسرة الدولية فرفض طلبها ثم ألحت بذلك إلحاحاً شديداً فاشترط عليها شروط قاسية منها عدم تحكيم الإسلام في علاقاتها الدولية ومنها إدخال بعض القوانين الأوروبية فقبلت الدولة العثمانية هذه الشروط وخضعت لها وبعد قبولها أن تتخلى عن كونها دولة إسلامية في العلاقات الدولية قُبل طلبها وأدخلت الأسرة الدولية عام 1856م ثم بعد ذلك دخلت الأسرة الدولية دول أخرى غير نصرانية كاليابان، وبذلك يعتبر مؤتمر وستفاليا الذي عقد عام 1648م هو الذي نظم القواعد التقليدية للقانون الدولي وبناء على قواعده هذه وجدت الأعمال السياسية بشكل متميز ووجدت الأعمال الدولية الجماعية.

هذا هو أصل القانون الدولي وهذا هو الذي أوجد المبررات للتدخل وأتاح للدول الكبرى أن تتحكم في الدول الأخرى وهذا هو الذي إليه تستند الأعمال السياسية التي تقوم فيها الدول لقضاء مصالحها أو لمزاحمة الدولة الأولى، إلاّ أن هذه القواعد الدولية قد طرأ عليها شيء من التحول ولكنه كله تحول في صالح الدول الكبرى ولا يخدم إلا صانعيه ومنفذيه، فهو شر محض أسس لمجابهة الإسلام والمسلمين وخدمة الدول الغربية، لذلك وجب على أبناء الأمة الإسلامية العمل لاجتثاثه والخروج من تحكمه فهو ما أذاق المسلمين الويلات وسلمهم هم وبلادهم لعدوهم، ولا يكون ذلك إلا بالعمل لتحكيم شرع ربهم وإقامة دولتهم دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة.

بقلم: المهندس منير حسن – ولاية اليمن

No comments:

Post a Comment