Sunday, July 25, 2021

جريدة الراية : أمريكا تدفع باتجاه تسليم اليمن للسعودية وإيقاف الحرب

 جريدة الراية : أمريكا تدفع باتجاه تسليم اليمن للسعودية وإيقاف الحرب

 

11 من ذي الحجة 1442هـ   الموافق   الأربعاء, 21 تموز/يوليو 2021مـ

جاء في تقرير وزارة الخارجية الأمريكية مؤخرا "إن وزارة الدفاع الأمريكية ستستأنف تعاملها مع القوات المسلحة اليمنية - جيش عبد ربه هادي - وأن ذلك سيزيد من قدرة اليمن على مواجهة النشاط الإيراني الخبيث"، وقد رحبت الحكومة اليمنية بهذا التقرير، وبالدعم الأمريكي للجيش اليمني، وهذا يعد تحولا واضحا في تعامل أمريكا تجاه حكومة عبد ربه هادي وجيشه، ورسالة واضحة للحوثيين ومن خلفهم إيران، وأن أمريكا ذاهبة باتجاه دعم الجيش اليمني ما قد يغير في المعادلة العسكرية في البلاد.

وهكذا بالفعل فقد فتح الجيش اليمني ثلاث جبهات في وقت واحد ضد الحوثيين هذا الأسبوع (مأرب والبيضاء والجوف) وكلها تعد محافظات شمالية يسيطر في معظمها الحوثيون، وقد أعلنت الحكومة اليمنية القيام بعملية "النجم الثاقب" في البيضاء، وقالت إن المعركة هناك لن تتوقف إلا (بتحرير) كامل محافظة البيضاء، وأشرف نائب الرئيس اليمني بنفسه عليها، ما يعكس تلقف الجيش اليمني للتقرير الأمريكي واغتنامه لتحقيق مكاسب على الأرض تعطيه تفوقاً في المفاوضات.

يأتي هذا بعد تعنت الحوثيين في قبولهم لوقف إطلاق النار الذي دعت إليه أمريكا أكثر من مرة، وأرسلت مبعوثها الخاص لوثركينج للتفاوض معهم في مسقط، وبعد إعلان السعودية مبادرتها لوقف إطلاق النار، وبعد إرسال أمريكا وفدا عمانيا رفيعاً إلى صنعاء، إلا أن الحوثيين قابلوا كل ذلك بالرفض!

لهذا لجأت أمريكا إلى دعم الجيش اليمني لإجبار الحوثيين لقبول وقف إطلاق النار والدخول في المفاوضات، تحت عنوان المبادرة السعودية كي تكون السعودية هي الراعية والمشرف المباشر لاتفاق الحل النهائي، وبهذا يتحقق لأمريكا أمران: إخراج عميلتها مملكة آل سعود من مأزق حرب اليمن وتشوه صورتها في أمريكا والعالم، والثاني إشراف المملكة المباشر على المفاوضات وفرض هيمنتها على طرفي النزاع (حكومة هادي والحوثيين) وبالتالي ضمان حماية المصالح الأمريكية في اليمن.

هذا من حيث التأمين الأمريكي للجبهة الشمالية في البلاد، أما في الجبهة الجنوبية فقد عمدت أمريكا عن طريق السعودية إلى ما يسمى "اتفاق الرياض" الذي أجبرت فيه حكومة هادي والمجلس الانتقالي الجنوبي للانصهار في بوتقة واحدة بتشكيل حكومي واحد وتشكيل عسكري واحد، في المفاوضات مع الحوثيين، وبهذا تحصل أمريكا على نفوذ أكبر في التقسيم الحكومي الذي ستسفر عنه مفاوضات الحل النهائي.

وقد ظهر هذا الإصرار الأمريكي على الدفع باتجاه وقف الحرب واستلام السعودية لليمن بما صرحت به السفيرة الأمريكية في اليمن كاتي ويستلي، بعد تصعيد المجلس الانتقالي لعرقلة تنفيذ اتفاق الرياض، إذ قالت "الخطاب التصعيدي والإجراءات في المحافظات الجنوبية يجب أن تتوقف، وعلى الأطراف العودة إلى تنفيذ اتفاق الرياض"؛ ما يعني أن هذا تهديد واضح للأطراف الجنوبية (حكومة هادي والمجلس الانتقالي) بالخضوع للسعودية وتنفيذ اتفاق الرياض، وهذا يوضح جدية أمريكا تجاه تأمين الجبهة الجنوبية للسعودية، والعمل على دعم الجيش اليمني في عملياته العسكرية في الجبهات الثلاث، لإجبار الحوثيين على المضي نحو وقف إطلاق النار والدخول في مفاوضات الحل النهائي.

ولأن من عادة بريطانيا وعملائها مسايرة أمريكا، فقد قبلت الحكومة اليمنية بالدعم الأمريكي للجيش لأنها في حاجة إليه أصلا في مواجهة الحوثيين، مع تدهور الأوضاع الاقتصادية والإنسانية والأمنية في المناطق المسيطرة عليها، ولأن السير وراء ما تذهب إليه أمريكا، لا يلغيهم بل يجعل لهم نصيباً من الوجود في المفاوضات، يمكّنهم بعد ذلك من رفع رصيدهم من خلال الأحزاب المتجذرة الولاء لبريطانيا ومن خلال المجلس الانتقالي الذي يزعم تمثيله للقضية الجنوبية.

وهكذا نستطيع فهم تصاعد القتال في الجبهات الثلاث (مأرب والبيضاء والجوف) والتصعيد العسكري في الجنوب بين قوات حكومة هادي وقوات المجلس الانتقالي.

هذا ما تريده أمريكا وهذا ما تسايرها فيه بريطانيا وعملاؤها، لكن هذا لن يخرج أهل اليمن من مربع صراع الإخوة، والصراع المناطقي والطائفي الذي سيعمل الكافر المستعمر على تأجيجه متى أراد خدمةً لمصالحه، مبقياً ليده السيطرة على النفوذ والثروة في البلاد.

ولن يخرج أهل اليمن من مربع الاستعمار إلا إذا عادوا إلى دينهم، وجعلوه مصدراً لمعالجة قضاياهم وحل مشاكلهم، لا أن يتخذوه عقيدةً فقط دون أن يحكّموه في حياتهم وحل مشاكلهم التي تنشأ بينهم، قال تعالى: ﴿فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً﴾.

ولن يقوم بذلك الدور إلا دولة الخلافة الراشدة التي ستجعل الإسلام أحكاماً حيةً تعالج بها مشكلات الحياة، علاوة على كونه عقيدة قوية تبنى عليها وجهة النظر في حياة الأفراد والدولة والمجتمع، دولة الخلافة الراشدة الثانية التي اقترب زمانها، قال عليه أفضل الصلاة والسلام: «ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ» رواه أحمد.

بقلم: د. عبد الله باذيب – ولاية اليمن

No comments:

Post a Comment