Tuesday, July 6, 2021

جريدة الراية: التوتر السياسي بين المغرب وإسبانيا والخلفية الاستعمارية؟ جـ2

 جريدة الراية: التوتر السياسي بين المغرب وإسبانيا والخلفية الاستعمارية؟ جـ2

 

19 من ذي القعدة 1442هـ   الموافق   الجمعة, 30 تموز/يوليو 2021مـ

هكذا رأت أوروبا في اعتراف أمريكا دكا لحصون استعمارها في المنطقة وتهديدا جديا لمصالحها الاستعمارية. أما الذي طفا على السطح من توتر سياسي بين المغرب وإسبانيا، فهو كون الإسبان هم الحلقة الأضعف في الاستعمار الأوروبي، وخشية الإسبان من تصفية جيوب استعمارهم بالمنطقة أمريكيا، جعلهم يقدمون على خطوة استقبال زعيم البوليساريو لتأكيد موقفهم من قضية الصحراء ورفضهم للاعتراف الأمريكي. وزاد من مخاوفهم القانون المغربي الصادر في كانون الثاني/يناير 2020 لترسيم المجال البحري والذي شمل إقليم الصحراء بالإضافة إلى قانون ثان مرفق به نص عن إحداث منطقة اقتصادية خالصة على مسافة 200 ميل بحري عرض الشواطئ المغربية. وقد رفضت إسبانيا حينها القرار كون أرخبيل جزر الكناري المحتل والمكون من 17 جزيرة والواقع بالجنوب الغربي في الساحل الأطلسي للمغرب على بعد 1000 كلم من إسبانيا، وكذلك الجزر الجعفرية الثلاث المحتلة الواقعة جغرافيا في المياه الإقليمية للمغرب على بعد 3.3كم من ساحل قرية راس الماء بإقليم الناظور بالمغرب، أي ضمن المجال البحري للمغرب. فضلا عن مدينتي سبتة ومليلية المحتلتين.

والاعتراف الأمريكي يهدد هذه الجيوب الاستعمارية لإسبانيا، كما أن القانونين السالفين للمجال البحري المغربي يصبحان ساريي المفعول بحكم الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء ويستتبعها مجالها البحري وأرخبيل الجزر الموجودة فيه.

وعليه كان لافتا للنظر تقرير البرلمان الأوروبي الأخير إزاء الأزمة السياسية بين المغرب وإسبانيا، حيث أفرد فقرة كاملة وأشار فيها إلى أن جيب سبتة يمثل "حدودا خارجية للاتحاد الأوروبي" و"حماية وأمن سبتة يهمان بشكل كامل الاتحاد الأوروبي"، وهي سابقة أوروبية في اعتبار سبتة المحتلة داخل أرض المغرب من حدود أوروبا الجغرافية. كما أن التقرير حمَّل المغرب مسؤولية الأزمة وأكد الاتحاد الأوروبي أن سبتة ومليلية المحتلتين جزء من جغرافية الاتحاد الأوروبي، وهكذا أماط اللثام عن حقيقته الاستعمارية، كما أكد عن موقف أوروبا الموحد بشأن قضية الصحراء وأنها مع الحل الأممي طبقا لقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة.

أما عن الموقف البريطاني، فبعد يوم من إعلان ترامب وَصَفَ السياسي البريطاني ديريك كونواي المرسوم الذي وقعه ترامب بأنه "جيد للغاية" و"مشجع للغاية"، وكان رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون قد وقع قبل ترامب على اتفاقيات تجارية وسياسية وعسكرية مع المغرب شملت الصحراء المغربية في اعتراف ضمني بسيادة المغرب عليها، وتستعد بريطانيا لإطلاق مشروع "إكس لانكس" الطاقي الأضخم من نوعه في تاريخ البلاد على أراضي الصحراء المغربية، إذ أعلنت المؤسسة البريطانية رسميا استثمار 18 مليار جنيه إسترليني في حقول الطاقة الريحية بالمغرب، والمثير في المشروع أنه سيربط الصحراء المغربية بالجزيرة البريطانية عبر "الكابل" الناقل للطاقة المار في أعماق البحر وهو الأكبر من نوعه في العالم. كما تم توقيع ثلاث اتفاقيات بين البلدين بما في ذلك اتفاق متبادل للوصول إلى السوق البريطانية لجميع المنتجات القادمة من الصحراء المغربية الصيد البحر والفوسفات وهو ما أكده السفير البريطاني السابق بالرباط توماس رايلي. أي أن بريطانيا عمليا تعتبر إقليم الصحراء جزءاً من المغرب في تماهٍ تام مع سياستها الاستعمارية لإبقاء قبضتها ويدها الطولى على كل بلاد المغرب، واعتبارها قضية الصحراء أداة استعمارية أمريكية خالصة.

هذه هي الخلفية الاستعمارية وتلكم هي دسائس الاستعمار، هو التكالب والتطاحن الاستعماري الذي وقوده دماؤنا وثرواتنا ووكلاؤه رويبضات حكامنا.

أما عن خطوات النظام المغربي الوظيفي، فينبغي أن تفهم على أنها بحث عن حلول ترضية وليس البتة القطيعة مع الاستعمار أو الحل الجذري لإنهائه. يكفيه خزيا في وظيفته الاستعمارية اعترافه بكونه شرطيا لحراسة الحدود الجنوبية لأوروبا، وقبوله باحتلال الإسبان لمدنه وأرخبيل جزره، بل في هوانه جاهر وزير خارجيته أن إشادة الاتحاد الأوروبي بالمغرب لسنة 2019 كانت مقابل استغلال ثروات البلاد فقط.

أما عن خطوات أوروبا فسمعها وبصرها صوب إدارة بايدن الديمقراطية وموقفها من اعتراف ترامب، علما أن الإدارة الديمقراطية الحالية ليست في عجلة من أمرها، بل جعلت الضبابية والغموض أسلوبا في إدارة الملف، في جواب عن سؤال صحفي حول اعتراف الإدارة السابقة بسيادة المغرب على الصحراء قال نيد برايس المتحدث باسم الخارجية في إدارة بايدن "ليس لدي أي شيء آخر أعلنه في هذا الوقت، لكنني سأعترض على التوصيف بأن هناك استمرارية، بما يتعلق بنهجنا تجاه المنطقة، مع الإدارة السابقة" في إشارة لاختلاف نهج الإدارتين. وهكذا فقد تركت إدارة بايدن الاعتراف معلقا لا هي أكدته ولا هي ألغته لمزيد من التوظيف والاستغلال وزيادة المكاسب الاستعمارية.

آن لكم معشر المسلمين أن تستجمعوا قواكم وتعزموا أمركم وتحسموا هذا الصراع البغيض مع الغرب، ولقد آن للإسلام العظيم أن يستلم دفة قيادة هذا العالم المضطرب، ولنور خلافته أن يشع ليبدد ظلام ليل الغرب.

بقلم: الأستاذ مناجي محمد

No comments:

Post a Comment