Tuesday, July 27, 2021

جريدة الراية: سد النهضة الإثيوبي أصبح للخيانة عنواناً

 جريدة الراية: سد النهضة الإثيوبي أصبح للخيانة عنواناً

 

18 من ذي الحجة 1442هـ   الموافق   الأربعاء, 28 تموز/يوليو 2021مـ

مساء الاثنين 2021/7/5م، أبلغت إثيوبيا مصر رسمياً أنها بدأت الملء الثاني لسد النهضة، وكانت قد أعلنت إثيوبيا في 21 تموز/يوليو 2020م، أنها أنجزت المرحلة الأولى من ملء الخزان البالغة سعته 4,9 مليار متر مكعب، مشيرة إلى أنّ هذه المرحلة تسمح باختبار أول مضختين في السد الذي يبلغ ارتفاعه 145 مترا. كما ظلت إثيوبيا تؤكد بعد ذلك عزمها على تنفيذ المرحلة الثانية من الملء، والتي تتطلب تخزين 13,5 مليار متر مكعب من الماء، إلى أن أعلنت بدأها الاثنين. وبهذا أصبح سد النهضة أمرا واقعا لا فكاك منه، واستغاث نظام السيسي بمجلس الأمن الذي قال لا عاصم لكم عندي، وردّ الأمر للاتحاد الأفريقي الذي لا حول له ولا قوة، فهو عاجز مثله مثل نظام السيسي، وإثيوبيا تعلن بكل صلف أنها ماضية في الملء الثاني للسد دون اتفاق، ومن لا يعجبه البحر الأبيض فليشرب من البحر الأحمر! فقد رفض وزير الري الإثيوبي سليشي بيكيلي الخميس 2021/7/8م مناقشة قضية السد التنموي في مجلس الأمن، معتبراً أنه "تضييع وقت". وبهذا يصل نظام السيسي إلى حائط مسدود كان يراه منذ البداية ولكنه استكبر ولم يلق بالاً لكل التحذيرات، ثم أدبر يسعى لتوقيع اتفاق المبادئ في الخرطوم في آذار/مارس 2015م، ليقنن لإثيوبيا وضع السد، ويمنحها اعترافا مصريا سودانيا بأحقيتها في بناء السد، ويمكّنها من الحصول على التمويل المالي الدولي الكافي والذي تجاوز الخمسة مليارات دولار. وظل السيسي مستمرا في غيه وكذبه مدعيا أن كل شيء على ما يرام، وأنه لم ولن يضيع شعب مصر، وأنه قد حصل من آبي أحمد على أيمان مغلظة في أنه لن يتسبب في أي ضرر لمصر! فهكذا تدار البلاد في ظل نظام مخادع خادم لأعدائه مفرط في مصالح شعبه.

ومن السذاجة بمكان أن يظن أحد أن ما حصل لم يكن في الإمكان تلافيه، وأن الأمر تم على غير إرادة من السيسي، فالأمر قد دبر بليل، والخيانة واضحة والتفريط في مقدرات مصر هي دأب السيسي منذ أن وصل إلى الحكم بانقلابه المدعوم أمريكيا، فقد فرط في مياه مصر الاقتصادية عندما قام بترسيم الحدود البحرية مع قبرص واليونان، وفرط في جزيرتي تيران وصنافير، وفرط في خيرة شباب مصر بقتلهم وإعدامهم بدم بارد، وها هو اليوم يفرط بمياه النيل، والمستفيد الأكبر من ذلك هو كيان يهود، الذي حصل بكل تأكيد على كنزه الاستراتيجي الجديد الذي فاق مبارك تنازلا وخيانة وتطبيعا لصالح ذلك الكيان المسخ الخبيث.

كلنا يعلم كم استفاد كيان يهود من ترسيم الحدود مع قبرص ومن ثم مع اليونان، فقد حصل على مناطق اقتصادية غنية بالغاز، ليتحول من دولة تستورد الغاز من مصر إلى دولة تصدره إليها وبأغلى الأسعار وبقيمة إجمالية 15 مليار دولار، وبعد أن حصل كيان يهود على ما يريد هو وقبرص واليونان، تركوا السيسي وراء ظهورهم واتفقوا على تقاسم الغنيمة سويا، فقد أعلنوا في كانون الثاني/يناير 2020م دون دعوة نظام السيسي، عن توقيع اتفاق لمد خط أنابيب تحت البحر المتوسط "إيست ميد" لتصدير الغاز إلى أوروبا، والذي يتعارض مع حلم مصر في التحول لمركز إقليمي للغاز.

كما استفاد كيان يهود من تسليم جزيرتي تيران وصنافير للسعودية، فقد أصبح مضيق تيران ممرا دوليا ليتنفس كيان يهود الصعداء ويبدأ في تنفيذ مخططه بإنشاء خط إيلات عسقلان لنقل النفط بعد الاتفاق المبدئي الذي وقع بين شركة "إماراتية إسرائيلية" وشركة خطوط الأنابيب الأوروبية الآسيوية المملوكة ليهود.

من المتوقع حسب السيناريو الذي يعمل عليه السيسي أن يكون الحل الأخير لموضوع سد النهضة بعد أن وصلت الأمور إلى حد تهديد مصر وشعبها بالعطش، هو تدخل كيان يهود للتفاوض مع إثيوبيا لتمرير حصة مصر التاريخية والبالغة 55.5 مليار متر مكعب ولكن بشرط إعطاء كيان يهود حصة من تلك المياه ربما تصل إلى 6 مليار متر مكعب، لتبدأ سحارات سرابيوم التي جهزها السيسي تحت قناة السويس في نقل المياه لصحراء النقب. ولسان حال نظام السيسي يقول للناس أليس هذا أفضل من العطش والتصحر وتوقف توربينات السد العالي عن العمل؟! يؤكد ذلك تغيير لهجة الإعلام الموالي للنظام، فبقدرة قادر بدأ ذلك الإعلام المأجور في شق الجيوب ولطم الخدود والتحذير من مخاطر السد، بعد أن كان يردد "السيسي حلها" و"لا خوف ولا وجل فالسيسي حلال العقد"، لتبدأ معزوفة جديدة تبرئ السيسي من وصول الأمور إلى هذا الحد لتلقي باللوم على ثورة يناير.

وبهذا تعدى الأمر مسألة العجز وعدم القدرة على الفعل والهبل السياسي ليدخل في الخيانة والعمالة والتفريط في مصالح الأمة ومقدراتها، ويصبح ما حصل في ملف سد النهضة للخيانة عنوانا. وسواء أكانت هذه أو تلك فما يجب على أهل الكنانة معلوم غير مجهول وهو العمل الجاد المخلص للتخلص من هذا النظام المجرم الذي يبقي إرادتنا السياسية مرهونة بإرادة الكافر المستعمر، وإقامة نظام الإسلام الذي يحفظ ثروات الأمة ومقدراتها، وفي هذا فليتنافس المتنافسون. ولقد آن الأوان لتتبوأ مصر مكانتها باعتبارها كنانة الله في أرضه، فتعود لأصلها وفصلها جزءا من دولة عظيمة هي دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، التي ترعى شئون المسلمين وتحفظ مصالحهم وتدفع عنهم شرور عدوهم.

بقلم: الأستاذ حامد عبد العزيز

No comments:

Post a Comment