Friday, January 30, 2015

خبر وتعليق: مكة والصمت في مواجهة الإساءة لنبينا

خبر وتعليق: مكة والصمت في مواجهة الإساءة لنبينا

لقد أثلج صدورنا مدى الحب والوحدة الذي عبر عنه المسلمون كرد فعل للإساءة لنبينا عليه الصلاة والسلام من قبل صحيفة شارلي إيبدو ومناصريها. لقد ألقى المسلمون بأنظارهم تلقاء الحكومات في البلاد الإسلامية منتظرين رد فعل حاسماً للدفاع عن شرف نبينا عليه الصلاة والسلام ولكن للأسف لم يكن هناك رد يذكر.
لم يكن ذلك مفاجئا لعدم وجود الدولة الإسلامية كالتي أقامها رسول الله عليه الصلاة والسلام التي تحب الله ورسوله وترعى شؤؤن المسلمين.
برغم الضغوطات من السياسيين، والمثقفين، وأقسام من الإعلام، أقام الكثير من المسلمين الاجتماعات واللقاءات المناهضة للإساءات المتكررة لنبينا عليه الصلاة والسلام. ومع ذلك كانت هناك أصوات قليلة بين صفوف المسلمين التي نادت بوجوب عدم الرد على هذه الإساءات، بذريعة أن الدور المكي قد شهد مثل هذه الإساءات، وأن الله سبحانه هو من رد عليها، ولم يقم رسول الله بأي فعل تجاهها.
هل هذه التصريحات نابعة من الخوف؟ يواجه المسلمون في أوروبا جوا عدائيا يتمثل بسن قوانين ضد الإرهاب، واعتقالات، وحملات مداهمة ضد من يتكلمون عن سياسات الحكومات الغربية، لذلك آثر الكثير منهم السكوت!!! أم أن هذه التصريحات هي قراءة صحيحة للدور المكي؟
يبدو أن البعض قد أساء قراءة الدور المكي، ذلك أننا عندما نتتبع أسباب نزول بعض الآيات المكية، نتمكن بوضوح من فهم ما حدث بالضبط. عندما حاول المشركون تشويه صورة النبي عليه الصلاة والسلام، عن طريق اتهامه باتهامات باطلة، لثني الناس عن سماعه، فوصفوه بأنه ساحر، وكاهن، ومجنون، وشاعر، وأوصاف أخرى من شأنها إبعاد الناس عنه. لقد بيّن الله سبحانه لرسوله وللصحابة الكرام ولنا كيفية الرد على مثل هذه الاتهامات. لقد أنزلت الآيات 40-43 من سورة الحاقة لترد عليهم ولتبين التناقض في ادعاءاتهم الباطلة. يقول الله سبحانه: ﴿إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ * وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ * تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ﴾.
ألم يدعوه الصادق الأمين قبل الوحي؟ فما الذي تغير حتى يدعونه الآن بالصابئ؟ إنهم يعلمون علم اليقين أن كلامه ليس بكلام ساحر ولا مجنون، وإنما كلام فاطر السماوات والأرض. كان الصحابة يتلون آيات سورة الحاقة وآيات سورة المسد، التي ذكرت أبا لهب بالاسم، أحد المحرضين على رسول الله، كانوا يتلونها في نقاشهم مع الذين يريدون تشويه صورة النبي عليه الصلاة والسلام، ليصدوا الناس عنه وعن دعوته. نفهم من ذلك أن المسلمين كانوا يحاربون الكفار الذين يُسيئون للنبي بالحوار الفكري وليس بالصمت وعدم الرد، في الوقت الذي يقتنع فيه العامة من الناس بهذه الأفكار المغلوطة عن الإسلام والمسلمين.
لذا كيف لأحدٍ أن يدّعي أن السيرة النبوية قد أمرت المسلمين في أوروبا بالصمت تجاه الإهانات الأخيرة؟؟ كيف لأحدٍ أن يدّعي حب رسول الله عليه الصلاة والسلام ويبقى صامتا عندما تسمم عقول العامة ضد الإسلام والمسلمين؟؟
كلما ازداد الأذى لرسول الله عليه الصلاة والسلام فإننا سنزداد حبا له وتمسكا بسنته ودفاعا عنه كما أمرنا الله عز وجل.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
تاجي مصطفى
الممثل الإعلامي لحزب التحرير في بريطانيا
 10 من ربيع الثاني 1436
الموافق 2015/01/30م

No comments:

Post a Comment