Saturday, July 26, 2014

العدوان الوحشي على المسلمين في غزة



العدوان الوحشي على المسلمين في غزة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وخير المجاهدين، ورحمة الله للناس أجمعين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين، ومن تبعه وسار على دربه إلى يوم الدين وبعد: قال الله تعالى: ﴿وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ * وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُم مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ﴾. [البقرة: 190-191]
أيها الإخوة المؤمنون:
حديث الساعة في هذه الأيام هو ما تقوم به عصابات الكيان اليهودي من اعتداءات وحشية على غزة نتيجة أسر جندي إسرائيلي. هذا الجندي لم يخطف من بيته، وإنما أخذ أسيرًا في ساحات القتال، فأقامت يهود الدنيا من أجله ولم تقعدها. أما آلاف الأسرى والمعتقلين من أهل فلسطين، من رجال ونساء وشيوخ وأطفال... وانتهاك حرماتهم، وتدنيس مقدساتهم فلا يعد هذا عند بعض المسلمين من القضايا المصيرية التي تستحق النظر إليها، أو يقال عنها كلمة واحدة، وفي المقابل ترفع الأيدي بالدعاء لعودة هؤلاء الجنود المأسورين إلى أهلهم سالمين! إن دولة يهود المغتصبة لفلسطين والجولان وجنوب لبنان، تعتبر نفسها دولة ترعى شؤون أفرادها، فهمهم همها، ومصلحتهم مصلحتها، ولذلك تعتبر ضياع يهودي واحد قضية مصيرية، تحرك من أجله كل أجهزة الدولة للبحث عنه وإعادته إلى أهله! أما المسلمون في هذه الأيام فلا يعدون ضياع المئات بل الآلاف من المسلمين قضية مصيرية تحرك من أجلها مشاعرهم وقواهم، فهم مشغولون بتحصيل لقمة العيش، وبقضاياهم الخاصة، بينما طائرات يهود ودباباتهم تقطع الأطفال والنساء والشيوخ إلى أشلاء ممزقة. وصيحات الثكالى والأطفال وهم يصرخون على قتل آبائهم وأمهاتهم وإخوانهم وأخواتهم وكأن الأمر لا يعنيهم من قريب ولا بعيد. والحكومات والدول بدل أن تحرك جيوشها، نراها تدعو إلى عقد جلسة طارئة لوزراء خارجية الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية. هذه الجامعة التي لا تملك إلا أن تدين وتشجب وتستنكر، وربما ترفع شكواها إلى مجلس الأمن، أو هيئة الأمم المتحدة، هذا المجلس وهذه الهيئة هي في الحقيقة دائرة من دوائر الظلم والعدوان تستخدمها أمريكا ويهود لاستصدار القرارات الملزمة تجاه المسلمين. أما ما يخص يهود فلا ينفذ منها قرار واحد. وما أكثر تلك القرارات المهملة على الرفوف بشأن فلسطين.
أيها الإخوة المؤمنون:
لقد خاضت "دولة الكيان اليهودي" حروباً كثيرة مع العرب، وكانت في كل مرة تخرج منتصرة، وتحتل أراضي جديدة من أراضي المسلمين، وذلك في الأعوام الآتية: عام ثمانية وأربعين، وعام ستة وخمسين، وعام سبعة وستين، وعام ثلاثة وسبعين، وعام اثنين وثمانين، حتى إنها أخذت تتغنى وتقول: هزمنا سبعة جيوش في حرب عام ثمانية وأربعين، وستة جيوش في ستة أيام بل في ست ساعات في حرب عام سبعة وستين. ورابطنا على قمم الجولان، والكيلو مائة وواحد على طريق القاهرة السويس، ودخلنا عمق بيروت، وشردنا المنظمة عام اثنين وثمانين.
هذه حروب صورية وليست حروبا حقيقية بل هي حروب مصطنعة اصطنعها حكام العرب بالاتفاق مع يهود لترسيخ وجودهم في المنطقة فخانوا بذلك الله ورسوله وجماعة المؤمنين!! فلا تغرنكم غطرسة يهود وتعاليهم وإفسادهم في الأرض فإنهم جبناء، يحبون المال، ويخافون الموت، ويحرصون على حياة، كما قال الله سبحانه: ﴿وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ﴾. [البقرة: 96]. وقال: ﴿لَأَنتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِم مِّنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَفْقَهُونَ * لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَاء جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْقِلُونَ﴾. [الحشر: 13-14]. ويهود هم أهل الذلة والمسكنة إلى يوم القيامة، قال تعالى: ﴿وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَآؤُوْاْ بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ﴾. [البقرة: 61]. وقال سبحانه: ﴿ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُواْ إِلاَّ بِحَبْلٍ مِّنْ اللّهِ وَحَبْلٍ مِّنَ النَّاسِ وَبَآؤُوا بِغَضَبٍ مِّنَ اللّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ﴾. [آل عمران: 112]. وما نراه اليوم من عتوهم وصلفهم في الأرض ليس بحبل من الله؛ فحبلهم مع الله مقطوع بسبب عصيانهم له ومخالفتهم لأوامره، وإنما هو بحبل من أمريكا ودول الكفر، ولا بد لهذا الحبل من أن ينقطع وأن ينتهي تحقيقا لقول الله تعالى: ﴿وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَن يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾. [الأعراف: 167] وستكون هزيمتهم بإذن الله على أيدي المسلمين كما ورد في الحديث الشريف الذي رواه البخاري ومسلم حيث قال صلى الله عليه وسلم: «لتقاتلن اليهود فتقتلونهم حتى يقول الحجر والشجر: يا مسلم يا عبد الله، هذا يهودي خلفي فتعال فاقتله».
معاشر المؤمنين:
لا تغتروا بالدنيا، ولا تتعلقوا بها وتهربوا من الموت، فالدنيا ستأتيكم راغمة إن أنتم استجبتم لنداء الله وامتثلتم أمر ربكم وأطعتموه حق طاعته، واعلموا أن الله تعالى أعطاكم أثمن ثروات الدنيا: البترول والذهب والمال والأرض، فعندكم الرجال، وعندكم المال، وأنتم أحفاد أمة تبوأت مركز الدولة الأولى في العالم أكثر من ألف عام. عندكم الرسالة الخالدة، عندكم القرآن الكريم، الذي أصبحتم بفضله خير أمة أخرجت للناس، عندكم العقيدة الإسلامية التي حين لاقت قلوب العرب أحالتهم إلى سادة وقادة فاتحين، ودعاة وهداة للعالمين!!
أيها الإخوة المؤمنون:
اعلموا وثقوا بالله تعالى بأن يهود لن يبقوا هكذا مهما طال لهم الزمن، فالآيات والأحاديث تدل على ذلك دلالة واضحة، وقد توعدهم الله تعالى بأنهم إذا عادوا إلى إفسادهم فإنه سبحانه سيعود إلى إرسال عباد له ليدمروهم كما دمرهم في المرتين السابقتين. قال تعالى: ﴿فَإِذَا جَاء وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُواْ خِلاَلَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَّفْعُولاً﴾. [الإسراء: 5]. ثم قال سبحانه: ﴿فَإِذَا جَاء وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوؤُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْاْ تَتْبِيرًا﴾. [الإسراء: 7]. وقال بعد ذلك ﴿وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا﴾. [الإسراء: 8]. هذا هو واقع يهود كما بينه الله سبحانه، فعلام نعطيهم أكثر مما يستحقون؟! علام نعطيهم أكثر مما أعطاهم الله؟! هؤلاء يهود هم أنفسهم الذين هربوا من جنوب لبنان صاغرين أذلاء. فمن كان يتوقع بأن المقاومة في لبنان يمكن أن تقف في وجه دولة يهود؟ من كان يتوقع بأن دولة يهود ستهرب تحت جنح الظلام تاركة وراءها سلاحها وعتادها؟ من كان يتوقع بأن دولة يهود ستتخلى عن عملائها تاركة إياهم يهيمون في البلاد شرقا وغربا؟ دولة يهود وما أدراك ما دولة يهود؟ لقد كانت وهما إعلاميا ملأ به حكام العرب مخيلات شعوبهم بأنها الدولة التي لا تقهر؛ ليستسلموا ويعترفوا ويصالحوا يهود، لقد تمزق نمر الورق اليهودي وبان بأنه فأر حقير صغير!
أيها الإخوة المؤمنون:
لقد أصبح حكام ما تسمى الدول العربية والإسلامية لا يجيدون إلا لغة البكاء والعويل، أصبحوا لا يجيدون إلا اللجوء إلى الأمم المتحدة لتدين لهم العدو، وتتباكى معهم على قتلاهم، فهل ينقذ الندب والنياحة ميتا؟ وهل يشفي البكاء مريضا، إنهما لا يفعلان شيئا من ذلك، وصدق من قال:
تبكي مثلَ النِّساءِ مُلكاً مُضَاعا                              وَلمَ تحافظْ عَليهِ مِثلَ الرِّجالِ!
إن المسلمين اليوم يعيشون فترة التيه التي عاشها يهود زمن موسى عليه السلام، عندما رفضوا أمر الله تعالى في قتال العماليق. اعلموا معاشر المسلمين أن هذا هو سوط السماء يؤذي به الله العصاة من عباده، وسيوف الأعداء توقع العقوبات على الأمة المتنكرة لعقيدتها والخارجة على مبادئها، والمهادنة للظالمين الذين يعملون على سلخها عن عقيدتها.
أيها الإخوة المؤمنون:
إننا أصبحنا في مرحلة القصعة والغثاء التي حذر النبي صلى الله عليه وسلم من الوصول إليها، ولكن بعضنا وللأسف يصر على الاستكبار وعدم الاعتراف بالحال التي وصلنا إليها، ويسمي الأمور بغير أسمائها، فالهزائم انتصارات، والفرار من المعركة تنظيماً للجيوش إلى غير ذلك من الادعاءات، ثم يقولون: إذا كان العدو قد استطاع أن يحتل الأرض، فإنه لم يستطع أن يحتل الإرادة العربية! فما هي الإرادة العربية؟ لقد فتش الناس عنها كل خرائط العالم فلم يجدوها، إنها أوهام يريد صانعوها أن يجعلوا هذه الأمة تعيش عليها وعلى أمل الوصول إليها، كل ذلك من أساليب التضليل الصهيوني التي امتدت إلى القيم الإسلامية للعبث بها وتحريفها كتحريف التوراة كتاب الله عز وجل. لكن الذي يطمئننا أن الله تعالى حافظ لكتابه، قال تعالى: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾.
اللهم أقر أعيننا بقيام دولة الخلافة، واجعلنا من جنودها الأوفياء المخلصين.
كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
الأستاذ محمد أحمد النادي
28 من رمــضان 1435
الموافق 2014/07/26م

No comments:

Post a Comment