Thursday, July 24, 2014

كتيب التقرب إلى الله: الحلقة 6 الســخـاء والإيـثــار



كتيب التقرب إلى الله: الحلقة 6 الســخـاء والإيـثــار

من سجايا المسلمين بعامة وحملة الدعوة بخاصة السماحة والبذل وبسط اليد، فقد تضافرت نصوص الكتاب والسنة بمدح الكرم والإنفاق وذم البخل والإمساك، قال الله تعالى: ( تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ (16) فلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُون ((17 ) السجدة.
وورد عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قوله: " لا يجتمع غبار في سبيل الله ودخان جهنم في جوف عبد أبدا، ولا يجتمع الشح والإيمان في قلب عبد أبدا " وقال أيضا لبني سلمه: " من سيدكم؟ قالوا: الجد بن قيس على إنا نبخله، قال: وأي داء ادوأ من البخل؟ بل سيدكم بشر بن البراء بن معرور " وعن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: " ثلاث مهلكات شح مطاع، وهوى متبع، وإعجاب المرء بنفسه ".
وعن عائشة أنهم ذبحوا شاة فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: " ما بقي منها؟ قالت: ما بقي إلا كتفها، قال: بقي كلها غير كتفها ".
وقد صح عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه كان أجود بالخير من الريح المرسلة، وأنه ما سئل شيئا قط فقال: لا، وأن رجلا سأله فأعطاه غنما بين جبلين، فأتى الرجل قومه، فقال: يا قوم أسلموا، فإن محمدا يعطي عطاء من لا يخشى الفقر.
سمع عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول له يوما: " يا ابن عوف إنك من الأغنياء وإنك ستدخل الجنة حبوا، فأقرض الله يطلق لك قدميك " ومنذ أن سمع عبد الرحمن ذلك وهو يقرض ربه قرضا حسنا، باع في يوم أرضا بأربعين ألف دينار ثم فرقها جميعها في أهله من بنى زهرة وعلى أمهات المؤمنين، وفقراء المسلمين، وقدم في يوم 500 فرسا في سبيل الله، وقدم في يوم آخر 1500 راحلة، وعند موته أوصى ب50 ألف دينار وأوصى لكل من بقي ممن شهد بدرا بأربعمائة دينار، حتى أن عثمان بن عفان أخذ نصيبه من الوصية رغم ثرائه وقال: إن مال عبد الرحمن حلال صفو، وإن الطعمة منه عافيه وبركة.
اشترى عبد الله بن عامر من خالد بن عقبة داره التي في السوق بتسعين ألف درهم، فلما كان الليل سمع بكاء أهل خالد، فقال لأهله، ما لهؤلاء؟ قالوا: يبكون على دارهم، قال: يا غلام ائتهم فأعلمهم أن الدار والمال لهم جميعا.
ومرض قيس بن سعد بن عبادة، فاستبطأ إخوانه، فقيل له: إنهم يستحيون مما لك عليهم من الدين، فقال: أخزى الله مالأ يمنع الإخوان من الزيارة، ثم أمر مناديا ينادي: من كان عليه لقيس حق فهو منه في حل، قال: فانكسرت درجته بالعشي لكثرة من عاده.
ومادام السخاء من شيم المؤمنين ومن طبائعهم الأصلية فإنه لا يتوقف على الغنى وسعة ما في اليد، أنظر إلى قوله عليه وعلى آله الصلاة والسلام: " سبق درهم مئة ألف درهم، فقال رجل: وكيف ذلك يا رسول الله؟ قال: رجل له مال كثير أخذ من عرضه مئة ألف درهم تصدق بها، ورجل ليس له إلا درهمان فأخذ أحدهما فتصدق به" وهذا رجل من الأنصار فقير يقال له أبو عقيل يحدث عن نفسه في غزوة تبوك فيقول: لقد بت الليلة أعمل في نشل الماء مقابل صاعين من التمر انقلبت بإحداهما إلى أهلي يتبلغون به، وجئت بالأخر أتقرب به، فأمر الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن ينثره في الصدقة، فعابه المنافقون لقلة ما أعطى وقالوا: لقد كان الله غنيا عن صاع أبي عقيل، فأنزل الله تعالى قوله: (الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) التوبة (79).
وأرفع درجات السخاء الإيثار، وليس بعده درجه في السخاء، وقد أثنى الله تعالى على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم بالإيثار فقال: ( وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ) الحشر (9) وكان سبب نزول هذه الآية الكريمة قصة أبي طلحة لما آثر ذلك الرجل المجهود بقوته وقوت صبيانه.
واستشهد باليرموك عكرمة بن أبي جهل، وسهيل بن عمرو، والحارث بن هشام وجماعة من بني المغيرة، فأتوا بماء وهم صرعى فتدافعوه حتى ماتوا ولم يذوقوه رحمهم الله تعالى.
ولله در الشاعر العربي حيث يقول:
تــراه إذا ما جئته متـهـللا     كـأنـك تعطيـه الذي أنت سـائـله
فوزي سنقرط
 26 من رمــضان 1435
الموافق 2014/07/24م

No comments:

Post a Comment