Wednesday, June 15, 2022

جريدة الراية: من يوقف جرائم الأمم المتحدة في اليمن؟

 

جريدة الراية: من يوقف جرائم الأمم المتحدة في اليمن؟

 

  16 من ذي القعدة 1443هـ   الموافق   الأربعاء, 15 حزيران/يونيو 2022مـ

يعد تأسيس عصبة الأمم النصرانية الأوروبية في ويستفاليا 1648م، لإيقاف الحرب الدائرة فيما بين مذاهبها المختلفة منذ ثلاثين سنة، ووصف نفسها بالجماعة الدولية أو بالأسرة الدولية، يُعَدّ الكارثة التي يعاني منها العالم اليوم، لأنها نقلت الصراع المحصور فيما بينها، إلى الصراع على العالم والتزاحم للتحكم فيه. ولم يغير من سلوك دولها إخفاء صفة النصرانية، وإطلاق اسم عصبة الأمم في العام 1919م، بعد ضم دول آسيوية ليست نصرانية إليها، وفي الأخير تغيير جلدها للمرة الثانية، وتشكيل الأمم المتحدة في نيويورك في 1945م. إن كل الحروب المحلية التي دارت وتدور في العالم، يقف وراءها أعضاء الأمم المتحدة، للسيطرة السياسية عليه، ونهب خيراته. فمن بين ضحايا صراعات بريطانيا وأمريكا المتنافستين على ثروات الكونغو المعدنية الأمين العام للأمم المتحدة السويدي داغ همرشلد في 1961م بتحطم طائرته في زامبيا.

لتفوق أمريكا عسكريا واقتصادياً على أوروبا، في أعقاب الحرب العالمية الثانية، اتخذت أمريكا من الأمم المتحدة أداة من أدواتها في السياسة الخارجية، لتتمكن من خلالها من وضع قدمها محل أقدام الاستعمار القديم حول العالم. وفيما كانت قوات علي صالح تقترب من مدينة عدن في حرب صيف 1994م، كان يتم تجهيز الأخضر الإبراهيمي ليكون المبعوث الأممي إلى اليمن في تلك الحرب، تحت شعار أطلقته إدارة بوش الأب (عدن خط أحمر) لولا أن قوات علي صالح داهمت عدن ودخلتها في 7 تموز/يوليو 1994م، لتنهي مهمة الأخضر الإبراهيمي، ولتقضي بذلك على آمال أمريكا في الدخول إلى اليمن.

توجد الأمم المتحدة حيث توجد الحروب لتوجيهها بحسب سياسة أعضائها المتصارعين، وإن كان المكان خالياً من الحرب، فيقع عليها إشعال نار الحرب، لبيع أسلحتها، ولإزهاق أكبر عدد من الأنفس، كما حدث في راوندا وبوروندي.

تلخصت مهمة مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن جمال بن عمر بزياراته المتتالية إلى اليمن خلال ثلاث سنوات - منتهزة قيام ثورة 11 شباط/فبراير 2011م - في إشعال فتيل الحرب من صعدة وعمران وصنعاء، وبقية أرجاء البلاد. وما إن اشتعل فتيل الحرب حتى قدم استقالته. فانتقلت الأمم المتحدة إلى المرحلة الثانية وهي إدارة الحرب، بالاتجاه الذي يتمم ما بدأه جمال بن عمر، في إيجاد موطئ قدم لأمريكا ولو في جزء من اليمن. لقد أدخلت الأمم المتحدة اليمن تحت البند السابع، كي تشرعن التدخل العسكري فيه، حين اندلاع المواجهات العسكرية فيه بحجة إيجاد السلام والحفاظ على الأمن.

ومع أن الحرب في اليمن صنيعة دولتين أعضاء في الأمم المتحدة من أصحاب الفيتو، إلا أن تلك الدولتين لا تتحدثان عن أعداد القتلى والجرحى في الحرب الدائرة في اليمن، وتتحدثان عن تدهور الاقتصاد، والجوعى والمرضى ونقص الغذاء والدواء وتبحثان في كيفية إيصال المعونات إليهم، عبر برنامج الغذاء العالمي وحصص الغذاء، وبرامج منظمة الصحة العالمية في تشغيل المستشفيات والقيام بإيصال الأدوية، ومنظمة الأمومة والطفولة "يونيسيف" واستمرار برامج تنظيم الأسرة وتحديد النسل والتطعيم، ومنظمة الأغذية والزراعة "الفاو" في القضاء على البذور الأصلية المحلية، وإيصال البذور المعدلة وراثياً عبر الحدود، لتتمكن الدولتان الاستعماريتان المتصارعتان في اليمن من العمل على الأرض تحت غطاء الأمم المتحدة، وتتواجدا في مناطق القتال، ولتظهرا بمظهر الإنسانية، رغم سفكهما الظاهر لدماء الناس في جبهات القتال وفي المدن، وصراعهما فيما بينهما في الإمساك بالاقتصاد المتدهور في اليمن، سواء بقروض البنك وصندوق النقد الدوليين، أو بأذرعهما المتعددة من المنظمات الدولية التي انتشرت في اليمن خلال سنين الحرب كانتشار النار في الهشيم.

لم تكتف الأمم المتحدة بإشعال الحرب في اليمن وإراقة دماء مئات الآلاف من أهله بين قتيل وجريح، في تغليب مصالح أعضائها المتصارعين عليه، بل أخطر من ذلك بأن دفعت أهله إلى ترك التحاكم بالإسلام، والتحاكم إلى الطاغوت الذي يعبر عن تحقيق مصالح طرفي الصراع الدولي على اليمن. بدأ هذا التحاكم إلى الطاغوت في جلسات الحوار في فندق موفنبيك بصنعاء بقيادة جمال بن عمر، تبعتها مؤتمرات جنيف وستكهولم، مروراً بالكويت وانتهاء بعمَّان التي يقود المباحثات فيها هانس غروندبيرغ، وقد نهانا الله عن التحاكم إلى الطاغوت. قال تعالى: ﴿يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَن يَكْفُرُوا بِهِ﴾.

لقد تعاقب على اليمن أثناء الحرب منذ ثماني سنوات أربعة مبعوثين يمثلون طرفي الصراع الدوليين في اليمن؛ بريطانيا صاحبة النفوذ السياسي القديم فيه، وأمريكا الزاحفة لتستبدل به نفوذها. إن من المفترض فيمن يذهب لحل النزاعات ووقف الحروب أن يطفئ شرارة الحرب، ويحسم الأمر سريعاً، ولا تطول مهمته لسنوات، وأن يوقف إمداد أطراف الحرب بالسلاح، لا أن يتواصل تزويدها بالسلاح لسنوات، واختلاق مختلف الأعذار التي مؤداها ضمان وصول السلاح لها!

فهل يكتفي أهل اليمن بما حل بهم من مآسٍ طوال ثماني سنوات، تضاف إلى عقود الصراع السابقة، ليرجعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم؟! قال تعالى: ﴿فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ﴾. إن دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة هي السبيل الوحيد لعودة الحكم بالإسلام، وإخراج أهل اليمن مما هم فيه، فليكونوا مع العاملين لإقامتها.

بقلم: المهندس شفيق خميس ولاية اليمن

No comments:

Post a Comment