Wednesday, February 9, 2022

جريدة الراية: أين مشروع الحوثيين الاقتصادي؟ جـ2

 

جريدة الراية: أين مشروع الحوثيين الاقتصادي؟ جـ2

 

8 من رجب 1443هـ   الموافق   الأربعاء, 09 شباط/فبراير 2022مـ

أما الجانب الزراعي الذي كان من المنتظر أن يستفيض المداني في الحديث عنه، فقد اقتصر الحديث فيه على جانب التعاونيات الزراعية. وبشر الناس أنها ستكون شركات مساهمة استثمارية، فهلا عرف المداني الشركات المساهمة واستفاض في تعريف الناس بها؟ فالشركات المساهمة كوارث قادمة لمن سيساهم فيها بشراء أسهمها، وبلاؤها كبير.

وأما عملية تحويل الدعم بالعشرة مليارات ريال من المزارعين خارج اليمن وتوجيهه للمزارعين داخل اليمن، فليس سوى دعاية إعلامية، سيزول أثرها سريعاً، فاليمن بحاجة إلى ثلاثة ملايين طن بر سنوياً، نصيب اليمن من إنتاجها لا يتجاوز 3% منها. يقول المثل: "لا تقول بر إلا إذا قده بين الكبد والصُر". وبدلاً من أن تقوم اللجنة الزراعية والسمكية بالتوجه نحو زراعة المحاصيل الاستراتيجية "الحبوب" ذهبت للتوجه نحو زراعة المحاصيل النقدية "البن" وشرعت في زراعة مليون شجرة بن، وربما تتبعها زراعة أشجار الفواكه ومحاصيل نقدية أخرى كالسمسم واللوز.. الخ

أما ما ذكره بخصوص الدولة المدنية الحديثة فيما يخص الجانب الاقتصادي، حتى لا نتعب القارئ، فنحيله إلى كتيب الرؤية الوطنية لبناء الدولة اليمنية الحديثة من صفحة 30 - 31، ومن صفحة 43 - 48 فإنها ستغنيه. أما الثروة السمكية فلم ينبس عنها المداني ببنت شفة، وكأن اليمن لا يطل على بحري العرب والأحمر؟! فَلِمَ حشرت السمكية في تسمية اللجنة التي يرأسها؟!

أين شعار ثورتكم إسقاط الجرعة، وتخفيف الأعباء الاقتصادية عن كاهل أهل اليمن؟! فقد جرعتم الناس جرعات مضاعفة؛ قطعت رواتب موظفي الجهاز الحكومي، وأصبح المطالب بها طابوراً خامساً، رفعت أسعار المشتقات النفطية "بترول، ديزل، غاز منزلي" فوق ما جاءت به جرعة حكومة باسندوه أضعافاً مضاعفة، مع تبخر الأمل في عودتها إلى المستوى نفسه! الحرص الشديد على تحصيل الزكاة على المحال التجارية والمزروعات بنصاب وبدون نصاب، ومعها الضرائب، وصلت حد مضاعفة إيجارات أراضي الأوقاف، وعدم ردها فيما أوقفها الواقفون فيه، ومد اليد إلى جيوب جميع الناس تحت سلطتكم بإجبارهم على دفع ألف ريال شهرياً عن كل طالب أو طالبة من طلاب المدارس وسميتموها مساهمة مجتمعية!

 

لبساطة المداني وسطحية تفكيره يظن بأن الحل السحري للنهوض الاقتصادي هو إقامة الجمعيات الزراعية، ولم يفطن إلى الآن أنه قد دُفِعَ بعيداً عن مكمن التغيير، ولم يتحقق له شيء على مدى ثلاث سنوات ولن يتحقق له شيء أبداً مما يروم إليه.

ولم يدرك المداني بعد، بأن اللجنة الزراعية والسمكية التي يرأسها، تصطدم مباشرة مع وزارتي الزراعة والثروة السمكية، التي كان الأجدر أن تقوما هما بأعمال لجنته، لتداخل مهامهما وبرامجهما وأعمالهما، فهما المرضي عن أعمالهما، واللجنة مجرد تفريغ جهود حماسية، لا يدرك أصحابها أنه ليس بمقدورهم فكريا وإداريا تحقيق نهوض اقتصادي، وإن وجدت فليس مسموح لهم، وذلك لبقاء النظام الاقتصادي كما هو عليه. وهو مثال على "وضع الرجل في غير مكانه المناسب"، وقس عليه عشرات ومئات أمثاله. والدولة اليمنية الحديثة شعار ينطوي على كل البلاء الذي عاشه الناس على مدى ستة عقود مضت، يسمعون جعجعة ولا يرون طحيناً!

فالحوثيون وعبد ربه وحكومته والمجلس الانتقالي "في الهوى سوى"، ليس لديكم رؤية اقتصادية ذاتية المنشأ والدافع، فالجميع مقطورون بالنظام الاقتصادي الرأسمالي، والبنك وصندوق النقد الدوليان موجهوكم للحصول على القروض الربوية الماحقة لصنعاء وعدن في وقت واحد. لا يملك الحوثيون تصوراً مفصلاً عن الاقتصاد الإسلامي، فهم يخوضون في الاقتصاد الرأسمالي كما هو، ويدَّعون إسلاميته!

ليس لدى الحوثيين في الأفق القريب سوى انتظار انتهاء الحرب، وقدوم عملية إعادة إعمار ما هدمته الحرب، الذي تنتظرون من نظام الرياض أن يقدم لكم تريليون دولار الذي سيكون مثل مشروع مارشال الذي قدمته أمريكا لأوروبا، بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، أفادت منه أمريكا في جعل اقتصاد أوروبا في يدها، وانزعج منه الأوروبيون!

إن عملية النهوض الاقتصادي تبدأ مباشرة منذ الوهلة الأولى للتغيير، بإقامة نظام اقتصادي جديد، يقوم بتلبية حاجة الناس الاقتصادية، لتحقيق اكتفاء ذاتي، وإدارته.

إن التغيير الحقيقي المنشود هو إجراء انقلاب شامل في جميع أنظمة الحياة؛ السياسية والاقتصادية والاجتماعية وسياسة التعليم والسياسة الخارجية وغيرها. وسنتحدث عن الجانب الاقتصادي منها، فنقول إن الخطوة الأولى تبدأ بتغيير النظام الاقتصادي الرأسمالي القائم، وإغلاق جميع البنوك وإيقاف التعامل الربوي فيها، وحصر أموال الناس لديها لإعادة أموالهم إليهم من دون زيادة أو نقصان، وإغلاق مكتبي البنك وصندوق النقد الدوليين، ومعهما جميع المنظمات الدولية، وإخراجهم من البلاد دون رجعة، وحصر الديون التي قدمت لليمن، لإعادتها لمقدميها من دون ربا، وحساب الأقساط التي قدمت إليهم منها، لاستيفاء ما تبقى واستعادة ما زاد عنها. وبدء النظام السياسي فوراً بالتوجه لزراعة الأراضي الزراعية بالحبوب، ومنع قبول أية معونات خارجية، تلبس جلد الخروف ووداعته، وتطوي تحت مظهره قلب الذئب الكاسر الذي يود تحطيم أضلاع فريسته، لا تقديم العون لها.

الاستعداد لحالة شحة الموارد "التي كانت تتدفق من الخارج" لفترة بسيطة، حتى تبدأ محاصيل الحبوب التي زرعت تصل إلى الحصاد. لا يستطيع أحد فعل جميع ذلك وأكثر سوى دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة التي يعمل حزب التحرير لإقامتها، فهي أمل المسلمين جميعاً في استعادة سلطانهم الذي حرموا منه بهدم مصطفى كمال لدولة الخلافة مع نهاية الحرب العالمية الأولى.

بقلم: المهندس شفيق خميس ولاية اليمن

No comments:

Post a Comment