Tuesday, September 1, 2020

جريدة الراية: الأردن إلى أين؟ ج27

 جريدة الراية: الأردن إلى أين؟ ج27

 

  14 من محرم 1442هـ   الموافق   الأربعاء, 02 أيلول/سبتمبر 2020مـ

قلنا في المقال السابق "يبدو أن المرحلة القادمة هي مرحلة تهيئة لقانون أحزاب وقانون انتخاب، وإعادة النظر في التعديلات الدستورية مقابل صفقة سياسية بين النظام (بريطانيا) وبين أمريكا لمرحلة قادمة يتحدد فيها مصير الأردن ودوره، وهي مرحلة خطرة لن تخلو من إرهاب للناس ومضايقات وضنك للعيش وتفعيل قانون الطوارئ أو بقائه بحجة كورونا...".

ويبدو أن مقدمات هذا الأمر قد أزفت حيث تم إقرار الانتخابات النيابية القادمة بعد أن قامت الحكومة الحالية بتنفيذ بعض وصفات النقد الدولي المعلقة فيما يتعلق بالناحية الاقتصادية من تفعيل المداهمات الضريبية وهيكلة القطاع العام وضبط النفقات وزيادة الإيرادات المالية تحت وطأة وصاية صندوق النقد والأوامر الأمريكية وتنفيذ صفقة القرن... وكيف يكون للأردن رفض الإملاءات الأمريكية في ظل الضعف البريطاني وتغيير ملامح المنطقة السياسية بعد تمكن أمريكا من السعودية وتركيا والعراق ومصر وإرباك يهود ووضع السكين على حبل التوأمة مع الأردن. ومن المعلوم أن بريطانيا سكتت ووافقت على المساعدات الأمريكية للأردن منذ الخمسينات حتى تمكن الأمريكيون من ربط حبل الحياة للاقتصاد الأردني معها وربط الدينار بالدولار والمساعدات الاقتصادية والعسكرية منذ الخمسينات حتى اللحظة... ومعلوم أن هذه المساعدات ليست بريئة بل لأهداف سياسية لمصلحة أمريكا، وقد حان قطف ثمار هذه المساعدات خاصة في ظل إدارة ترامب صاحبة عقلية الصفقة أو العقوبات.

إذا قرر النظام إجراء انتخابات قادمة محاولا الإيحاء بنزاهتها قبل انطلاقها بعد اعتراف الكلالدة بتزوير الانتخابات في سنة 1989 خلال الندوة التي نظمها قبل أيام ملتقى الفكر الأردني لمنتدى تعاضد وبالتعاون مع المركز العربي للتنمية الديمقراطية وحقوق الإنسان وأدار الحوار فيها الدكتور وليد أبو دلبوح، فقد نوه الكلالدة إلى أن مدير مخابرات سابق كان قد عين في انتخابات 2007 نحو 80 نائباً في مجلس النواب في ذلك الحين. وقال الكلالدة: الآن هذا المسؤول يعاقب، محكوم عليه بالسجن 15 عاما.

وحول حادثة سرقة الصناديق في البادية قال الكلالدة: "الذي اعتدى على صناديق البادية ليس الهيئة المستقلة بل مجرمون خارجون على القانون"، مستدركا "ولا أضمن ألا تحدث مرة أخرى ما دام هناك مجرمون ولصوص".

وتحدّث أيضاً عن انتخابات التحوّل الديمقراطي لعام 1989 بعبارةٍ قال فيها بأنّ "الأسماء ترتّبت قبل شهرين". محاولا الإيحاء بالجدية بعدم التزوير والمال السياسي حيث قرار مجلس الوزراء بتوسيع مظلة هيئة النزاهة في متابعة التصدي للمال السياسي بكل أصنافه، لأن القرار السياسي يريد الانتخابات المقبلة نظيفة تماما من "التأثيرات المالية" فضلا عن فتح ملف المال السياسي للنواب الحاليين والتهديد لهم. ويبدو أن خلف تلك القرارات أمريكا لأن هذا المجلس كان مجلسا تافها على تفاهة من سبقوه وبلا وزن ولا لون بل مجموعة أفراد لا قيمة لها لا تجتمع على قرار إلا حسب مكالمة هاتفية من ضابط مخابرات لصاحب التلفون في المجلس والذي اعترف بهذا صراحة.

إذاً المجلس والانتخابات القادمة يبدو أنها مقدمة لشيء وهي ستقوم بتغيير قانون الأحزاب وقانون الانتخابات والمضي قدما أسرع بصفقة القرن تحت رقابة سفير أمريكي مفوض فوق العادة، هذا السفير الذي أرسلته أمريكا إلى الأردن ليكون صاحب قرار دون الرجوع إلى الخارجية الأمريكية، حيث ورد في الأخبار:

وتتوقع مصادر في حديث "لجفرا نيوز" أن السفير الأمريكي ووستر الذي سبق أن خدم في المنطقة قادم لعمان في خضم تداعيات صفقة القرن وضرورة وجود خطوط ساخنة مع الإدارة في واشنطن، من أجل الوصول إلى تفاهمات معينة، وقد عين سفيراً فوق العادة من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وهو مقرب من الإدارة الأمريكية.

في الوقت نفسه تسري تسريبات بأن هنري عين سفيراً وهو مقرب من الحزب الجمهوري الحاكم، وكذلك على مقياس طاقم الرئيس ترامب ومع صفقة القرن، وخطة السير في إطار خارطتها وأجندتها.

وورد أيضا بأن الجميع مُهتم بتدقيق أوراق هذا الدبلوماسي ليس بسبب خبراته وأهميته فقط بل لأنه يحمل رتبة "مُفوّض" في وزارة الخارجية الأمريكيّة وهي رتبة تعني بلغة الدبلوماسيين أن "لديه صلاحيات" تفوق صلاحيات السفير العادي وأنه ولأوّل مرّة من أربع سنوات سيعمل مستقلا في الأردن وبمعزل عن سفارة واشنطن في تل أبيب.

تلك الصلاحيات حسب الخبراء تشمل تعيين "شبكة مساعدين ودبلوماسيين" بطاقم جديد تماما والقدرة على استدعاء أي قوّة متاحة في المنطقة من المارينز، والأهم الإشراف بصفة شخصية على آليّة وطريقة "إنفاق" المساعدات الأمريكية.

أي سفير قادم وأي وصاية خطيرة لصاحب قرار بنفس عقلية الإدارة الأمريكية، لذا لن يكون أمام الأردن إلا التنفيذ المطلق لإرادة واشنطن وليس من خيار لها في ظل ضعف المستعمر القديم ليحل مكانه مستعمر جديد، وستكون النتائج على أهل الأردن كارثية والتنازلات عميقة بحجة الوضع الاقتصادي والحاجة، وهي في الحقيقة استعمار جديد لمستقبل جديد كما ورد على لسان السفير الأمريكي كما في الخبر التالي: "أثار السفير ووستر عاصفة جدل أصلا قبل حضوره وتحديدا عند اللحظة التي تحدّث فيها مع لجنة الاعتماد في الكونجرس عن "الأردن الجديد" حيث لا يوجد توضيحات رسمية لا أردنية ولا أمريكية لهذه العبارة".

بقلم: الأستاذ المعتصم بالله (أبو دجانة)

No comments:

Post a Comment