Monday, July 27, 2020

جريدة الراية:  روسيا الحديثة تتبع خطا القياصرة والشيوعيين في كراهيتها للإسلام والمسلمين

جريدة الراية:  روسيا الحديثة تتبع خطا القياصرة والشيوعيين في كراهيتها للإسلام والمسلمين

  1 من ذي الحجة 1441هـ   الموافق   الأربعاء, 22 تموز/يوليو 2020مـ
في 7 تموز/يوليو 2020م في شبه جزيرة القرم اجتاحت موجة أخرى من عمليات التفتيش والاعتقالات التي تم فيها اعتقال 7 أشخاص وهم: عصمت إبراهيموف، وزكريا موراتوف، وفاديم بكتميروف، وإميل زيادينوف، وعليم سفيانوف، وسيران خيريتدينوف، وألكسندر سيزيكوف. أما ديليافر ميميتوف، الذي لم يعثر عليه في منزله أثناء التفتيش، فهو مطلوب. جميع المعتقلين متهمون بالعضوية في حزب التحرير، وهم متهمون بموجب المادة 205-5 من القانون الجنائي للاتحاد الروسي وهي "المشاركة في أنشطة منظمة إرهابية".
إن هذه المداهمة لأجهزة الأمن الخاصة الروسية هي تأكيد آخر على كراهيتها الجامحة للإسلام والمسلمين.
وعلاوة على ذلك، فإن ما حدث في 7 تموز/يوليو 2020م يظهر أن الحكومة الروسية لا تعبأ بمفاهيم الإنسانية، ففي نهاية الأمر فإن المعتقل ألكسندر سيزيكوف هو شخص معاق من الدرجة الأولى، فهو أعمى تماماً.
وفيما يتعلق بمزاعم (الإرهاب)، من المعروف أن طبيعة حزب التحرير غير العنيفة أكدتها أكثر من 60 سنة من تاريخ وجود هذا الحزب السياسي، حيث يقتصر نشاط حزب التحرير على العمل الفكري والسياسي حصراً.
وعلاوة على ذلك، من دقائق الاستماع لجلسات المحكمة لجميع ما يسمى بشؤون حزب التحرير، فإن ذنب المسلمين المعتقلين يكمن فقط في دراسة ومناقشة الأفكار والأحكام الإسلامية، ولا يحتوي ملف القضية على أسلحة، ولا هجمات إرهابية، ولا إصابات، حتى إن التخطيط لمثل هذه الأعمال مفقود.
كل هذا يشير إلى حقيقة الاضطهاد، بحجة مكافحة إرهاب المسلمين، الذين لا علاقة لهم على الإطلاق بالنشاط العنيف، فقد أصبحت قوانين مكافحة (الإرهاب) ومناهضة (التطرف) أداة ملائمة في أيدي الحكومة الروسية وأجهزتها الخاصة لمكافحة المعارضة.
أما فيما يتعلق بالسبب الحقيقي لاضطهاد المسلمين في القرم، فإنه يكمن في التزامهم بالإسلام وعدم رغبتهم في الموافقة على السياسة الإجرامية التي تنتهجها روسيا ضد الشعوب المسلمة. يقول الله تعالى في القرآن الكريم: ﴿وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَن يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ﴾.
إن سياسة روسيا اليوم فيما يتعلق بمسلمي القرم، تتار القرم، ليست شيئا جديدا، بل هي استمرار للسياسات الإجرامية التي مارسها الملوك والشيوعيون ضد مسلمي هذه المنطقة لأكثر من 200 عام.
إن تدمير الثروة الفكرية للشعوب الإسلامية، وتدمير المساجد والمدارس، وتحويل هذه المباني إلى أماكن للترفيه ومستودعات وإسطبلات، كل هذه السياسات العدائية تكشفت مع قوة جديدة في مواجهة السلطات الروسية الحديثة.
لذا، كان الملوك والشيوعيون متحدين في إبادة المثقفين والأئمة والعلماء وأي شخص نشط بين مسلمي القرم. وها نحن نرى اليوم سياسة مماثلة؛ عندما نجد من بين 74 مسلماً معتقلين ومدانين بتهمة (الإرهاب)، زعماء طوائف دينية وأئمة ومعلمي تجويد وشخصيات عامة ساعدت في نشر الإسلام ورجال أعمال وعرباً يتحدثون لغة القرآن ويعرفون العلوم الشرعية.
وبذلك، تحاول روسيا، سواء أكانت القيصرية أو "الديمقراطية"، لأكثر من قرنين من الزمان تحاول حرمان مسلمي شبه جزيرة القرم من ثروتهم المبدئية وهي الدين الإسلامي.
إن ما يحدث في شبه جزيرة القرم اليوم هو مظهر من مظاهر العجز والغضب والعذاب التي سيطرت على الحكومة الروسية بسبب عجزها عن إجبار المسلمين على التخلي عن المعتقدات التي يمليها عليهم دينهم.
ولكن كيف يمكن تفسير اعتقال شخص معاق بصرياً وهو ألكسندر سيزيكوف، المعروف بموقفه الإسلامي الشجاع، الذي تجلى في الدفاع عن المسلمين المعتقلين، سواء في مباني المحاكم أو خلال الاحتجاجات التي نظمها وحده في عاصمة القرم. فقد قام ضباط الأمن الروس نتيجة خوفهم من كلمة الحق التي تخرج من بين شفتي هذا المسلم، قاموا بتلفيق القضية الجنائية (الإرهاب) ضده، ما يهدده بالسجن مدى الحياة.
على الرغم من عشرات الاعتقالات والأحكام التي نفذتها الحكومة الروسية بعد أن أنشأت سلطتها الفعلية على شبه جزيرة القرم في عام 2014م، لا يزال مسلمو القرم يقفون إلى جانب المضطهدين، ويقدمون لهم كل الدعم.
في الختام، تجدر الإشارة إلى أن هذه السياسة الإجرامية وطغيان روسيا الحديثة ستشارك مصير ملوك الطغيان والشيوعيين، حيث إن كل محاولاتهم لتدمير الهوية الإسلامية لمسلمي شبه جزيرة القرم، تتار القرم، فشلت فشلا ذريعا، على الرغم من حقيقة أن طغيانهم استمر لعقود.
إن الطغاة من مثل كاترين الثانية وستالين الذين ارتكبوا ضد مسلمي القرم جرائم أكبر وأعلنوا هدفهم وهو القضاء ليس فقط على أدنى المظاهر الإسلامية في شبه جزيرة القرم، بل حتى محاولة إبادة المسلمين جسديا تماما في هذه الأراضي الخصبة، هلكوا ودخلوا القبور، بينما بقي مسلمو القرم على قيد الحياة، ويوما بعد يوم أصبحوا أقوى وعادوا إلى فهمهم السابق للإسلام ويطالبون بتطبيقه.
إن اليوم الذي سيختفي فيه "المقاتلون ضد الإرهاب" يقترب، كما مات أسلافهم مع أنظمتهم، وسيستمر مسلمو القرم بالعيش في أرضهم بأمان ويمارسون شعائر الإسلام في حياتهم اليومية بحرية.
﴿وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ﴾
بقلم: الأستاذ فضل أمزاييف
رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير في أوكرانيا

No comments:

Post a Comment