Friday, October 26, 2018

التباكي على خاشقجي

التباكي على خاشقجي

الخبر: وصف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الثلاثاء، عملية قتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في إسطنبول بأنها "إحدى أسوأ عمليات التستر" في التاريخ. وقال ترامب في البيت الأبيض: "كان لديهم مخطط أصلي سيئ جدا، وتم تنفيذه بطريقة رديئة، وعملية التستر كانت الأسوأ في تاريخ هذا النوع من العمليات". (عربي21)
التعليق:
لم تكن جريمةُ قتلِ الخاشقجي الأولى التي يرتكبها حكام آل سعود بحقّ المعارضينَ لهم، ولن تكونَ الأخيرة ما بقوا في بلادِ الحرمينِ الشريفين، ولم تكن الجرائمُ التي قامَ بها حكام آل سعود على مرِّ عصورِ حكمهم، منذ تحالفهم مع الإنجليز لإسقاطِ دولةِ العز والظفار، دولة الخلافة العثمانية، لغاية يومنا هذا، لم تكن ببعيدةٍ عن علمٍ وتعاونٍ وتسترٍ وتواطؤٍ من دولِ العالم قاطبة وعلى رأسهم رأسُ الأفعى أمريكا، لكن الجديد الذي حصل في موقفهم هذا هو اضطرار الموقف الدولي للتعامل مع هذه القضية بشكلٍ مختلف، وسبب ذلك بالتأكيد ليسَ إنسانيةَ أمريكا ومن سار على نهجها، ولا نزاهة إعلام "الرأي والرأي الآخر"، بل هي الفضيحة التي أحرجتهم جميعا أمام الشعوب، فهم وإن كانوا لا يقيمون وزنا في الخفاء للشعوب ولكن بعد ثورات الربيع العربي، أصبحت الشعوب منافساً ولاعباً جديداً على الساحة الدولية، يجب مراضاته واسترضاؤه، فالطواغيتُ وإن كانوا لا يأبهون بحقوق البشر إلا أن إدراكهم بأن الشعوب أصبح لها وزنٌ يحسب حسابه، أجبرهم ذلك على استرضاء هذا اللاعب الجديد، من خلال ذرف دموع التماسيح على الخاشقجي والتظاهر بالانتصار لحقوق الإنسان.
من جانب آخر، نظام آل سعود هو نظامٌ مفضوحٌ للعالمِ أجمع، وخصوصا عند شعوب العالم الإسلاميِّ، فنظام بني سعود هو نظامٌ عميلٌ للغربِ تقلبت دولُ الغربِ على التحكمِ فيه منذ أقامته بريطانيا، وهو مستولٍ على جزءٍ كبيرٍ من ثرواتِ المسلمين، مغدقها على أعداءِ الله في الغربِ وعلى شهواتِ أبناءِ سعود وملذاتهم، حارم الأمةِ الإسلاميةِ من مجرد الحصولِ على وظيفة كريمة في بلاد الحرمين، وكل مسلمٍ يزورُ تلكَ البلاد الطاهرةِ المحتلةِ من بني سعود يعودُ إلى بلادهِ يلعنُهم ويسبُهم بدلاً من أن يعودَ وهوَ يسبحُ ويحمد، وما ذلكَ إلا لما يلاقونهُ من سوءِ معاملةٍ وتكبرٍ على النَّاس وحرمانهم من زيارةِ بيتِ الله الحرام، ومن يسمحُ له بالزيارةِ فإنَّ عليه ملء جيبه بمدخراتِ عمرهِ، لارتفاعِ تكاليفِ الزيارةِ والإقامة، لذلك لا تجد لهذا النظامِ وهذه العائلة المنبتّة صديقاً ينافح عنها أو ينتصر إليها، بل تجد من يستغل هذه الفرصة في إعلان مساندتهِ للعائلة مبتغيا ما في جيوب هذه العائلة من أمول المسلمين المنهوبة.
لقد أصبحَ العالم غابةً بكل ما تعنيهِ الكلمة من معنى، لتحكّم أمثالِ هذه العائلة بمصيرِ الشعوب، وليست جريمة قتل الخاشقجي إلا مثالاً بسيطاً على ذلك، ولذلك يجب أن يتدارك اللاعب الجديد، الشعوب، وعلى رأسهم شعوبُ العالمِ الإسلاميّ، يجب عليهم تدارك أمرهم قبل أن يصبح انتهاك حرماتهم أمراً مستساغاً ومستباحاً، ولن يجد حرجاً في انتهاك جميع حرمات البشر، وهو سائر بهذا الاتجاه، ويجب على شعوب الأرض كلها المطالبة بتحكيم الإسلام في حياتهم كنظام حكم وطريقة عيش، فحينها فقط يأمن النَّاس على أنفسهم وعلى حرماتهم وأعراضهم، تماماً كما حصل بعد البعثةِ النبويةِ الشريفةِ وطبقَ الإسلامُ في الأرض، فصدق رسول الله ﷺ، حين بشَّر المسلمينَ المستضعفينَ في مكة بأن الأمن والأمان سيعمُ الأرضَ عندَ تطبيقِ شرعِ اللهِ فيها «...وَاللَّهِ لَيُتِمَّنَّ هَذَا الْأَمْرَ حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَمَوْتَ لَا يَخَافُ إِلَّا اللَّهَ أَوْ الذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ وَلَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ» البخاري.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
بلال المهاجر – باكستان
  17 من صـفر الخير 1440هـ   الموافق   الجمعة, 26 تشرين الأول/أكتوبر 2018مـ

No comments:

Post a Comment