Tuesday, August 30, 2022

جريدة الراية: طالبان بعد عام من سيطرتها الثانية على أفغانستان إلى أين؟

 

جريدة الراية: طالبان بعد عام من سيطرتها الثانية على أفغانستان إلى أين؟

 

   4 من صـفر الخير 1444هـ   الموافق   الأربعاء, 31 آب/أغسطس 2022مـ

عشرون عاماً من الرعب والخوف من القوات الأمريكية وحلف شمال الأطلسي بشعارات كاذبة خادعة لسياسييهم وعملائهم الأفغان في أفغانستان. كانت شعاراتهم الكاذبة مثل الديمقراطية والحرّيات وبناء الدولة وبناء الأمة وحقوق الإنسان وحقوق المرأة هي التي واجهت هزيمة مخزية بعد عقدين من النضال السياسي والفكري والعسكري المستمر للمجاهدين في أفغانستان. قررت أمريكا وحلف شمال الأطلسي إجلاء قواتهما من أفغانستان، والتي تحولت إلى حقيقة بعد سقوط النظام العميل في كابول في 15 آب/أغسطس 2021. ومنذ ذلك الحين، تولّت حركة طالبان زمام الحكم في البلاد من خلال إعلان حكومة تصريف أعمال تحت اسم إمارة أفغانستان الإسلامية. وأدى هذا التحول الهائل بعد 20 عاماً، مرةً أخرى، إلى إتاحة فرصة للشعب الأفغاني لتهدئة آذانه من الرنين الرهيب للطائرات الحربية وعمليات تفتيش المنازل والغارات الليلية والإرهاب والقتل والتفجيرات التي تقوم بها قوات الاحتلال في كل من المدن والقرى. لكن في الوقت نفسه، ظهرت فرصة كبيرة أخرى للأمة الإسلامية في هذه الأرض وهي فرصة التطبيق الشامل للإسلام من خلال دولة الخلافة.

وإدراكاً لذلك، احتفظت الإمارة الإسلامية بالاسم الشرعي للدولة الإسلامية (الإمارة)، ورفع راية النبي محمد ﷺ كراية إسلامية، وأعادت لبس الحجاب في المجتمع ونفذت بعض الأحكام والعقوبات في الدين. ومع ذلك، فإن الإسلام لم يتمّ تطبيقه بعد من خلال القطاعات الرئيسية للحكومة. لذلك يكافح حزب التحرير ليل نهار لتمهيد الأرض لإقامة دولة الخلافة الراشدة في المنطقة والبلاد الإسلامية. لكن مع الأسف، الضعف الفكري والسياسي الذي أصاب الأمة الإسلامية على مدى قرون، أصاب الحركات العسكرية والجهادية، ومن ثمّ ورث رجال الدولة في الإمارة الإسلامية بعد احتلال كابول الهياكل الحكومية التي أسسها لأول مرة غزاة كفار تحت اسم الجمهورية (الإسلامية).

وعلى الرغم من التخلي عن دستور النظام الجمهوري، كان للإدارات بأكملها قوانينها الثانوية وإجراءات التشغيل الخاصة بها والتي كانت تعمل كنظم إدارية للجمهورية. مع هذه الهياكل والإجراءات الفعالة للدولة القومية، فإن فرصة تطبيق المسلمين للإسلام كانت شبه مستحيلة.

إنّ الحقيقة المحزنة هي أن الإمارة الإسلامية ما زالت تستخدم الهياكل السائدة لإدارة شؤون الدولة، مع تغييرات طفيفة في بعض الإجراءات. فيما يتعلق بالسياسة الخارجية، فهي تسعى جاهدة إلى بذل قصارى جهدها لتصبح عضوا في المجتمع الدولي، وتتوقع بشغف اعتراف المجتمع الدولي بها. علاوةً على ذلك، فإنها، بصفتها دولة وطنية، تحاول مراعاة القوانين والمواثيق الدولية والنظام العالمي الحالي، وتؤكد لجميع الدول المجاورة لها أنه لن يواجهها أي تهديد من أفغانستان. وكانت في ضوء اتفاقية الدوحة قد وعدت أمريكا بعدم استخدام أراضي أفغانستان ضدها وضد حلفائها. وبالمثل، كانت الإمارة الإسلامية تتوقع أن تكون الصين وروسيا سباقتين للاعتراف بها بسبب معارضتهما لأمريكا والغرب. في حين إنه من الضروري الإشارة إلى أن قادة طالبان يحملون تفكيراً سطحياً في هذا الصدد وربما جعلهم الشيطان ينسون أن الأمم الكافرة دائماً متحدة ضد الأمة الإسلامية كما يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ﴾.

إلى جانب ذلك، لدى حركة طالبان فهم محدود لتطبيق الشريعة الإسلامية لأنها تختصر الشريعة فقط في الحدود وبعض التعليمات المتعلقة بالمظهر الشخصي مثل الحجاب واللحية والعمامة والسواك. ومع ذلك، يجب أن يقوم النظام بأكمله على أساس الإسلام والتطبيق الشامل لأحكامه في جميع القطاعات مثل القضاء والاقتصاد والاجتماع والتعليم وحمل الإسلام إلى العالم بالدعوة والجهاد.

حاليا، نحن نعلم أن جميع المواقف والتصريحات السياسية تركّز على الإنجازات المادية للحكومة في ضوء المصالح الوطنية. لذلك، اعتباراً من الآن، يعتبر تدشين المشروع واستكماله فقط إنجازاً من جهة مسؤولي الإمارة، ولكن تمّ تناول تطبيق الأحكام الإسلامية في جميع جوانب الحياة بشكل طفيف. من ناحية أخرى، عندما نسمع تصريحات ومواقف المرشد الأعلى للإمارة الإسلامية والعديد من المجاهدين المخلصين، نشعر بالإخلاص في نيتهم ​​تطبيق الإسلام. لكن عندما نرى تصريحات ومواقف القياديين في المرتبة الثانية والثالثة وبعض المتحدثين الرسميين، نشعر بخيبة أمل عند رؤيتهم يحاولون الحكم على أساس المصالح الوطنية والأفكار القومية من خلال ربط العلاقات مع العالم العلماني على أساس علماني من حيث القوانين والأفكار حيث تظهر نية قليلة جداً للتطبيق الشامل للإسلام في بياناتهم.

لذلك، فإن حزب التحرير، بوصفه حزباً سياسياً وفكرياً يهدف إلى إنهاض الأمة، يؤمن بنصرة الله سبحانه وتعالى وإقامة دولة الخلافة وعد الله سبحانه وتعالى وبشارة الرسول ﷺ، ويواصل الكفاح ليل نهار لمساعدة حكام الإمارة الإسلامية في إزالة طبقات الانحطاط السوداء من أعينهم بدعوتهم إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمناهج مختلفة وحكمة صادقة. يسعى حزب التحرير إلى ألا تضيع التضحيات التي قدمها أعضاء حركة طالبان لهزيمة الغزاة وإقامة دولة إسلامية، وينبههم باستمرار إلى توخي الحذر الشديد لتجنب تكرار التجارب الفاشلة للفئات السابقة، مع محاولة الوقوف على المسار الصحيح لتطبيق نظام الإسلام في خلافة على منهاج النبوة لجميع المسلمين في العالم.

 بقلم: سيف الله مستنير

 رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية أفغانستان

No comments:

Post a Comment