Monday, November 16, 2020

جريدة الراية: قائدنا للأبد سيدنا محمد ﷺ

 جريدة الراية: قائدنا للأبد سيدنا محمد

  

  25 من ربيع الاول 1442هـ   الموافق   الأربعاء, 11 تشرين الثاني/نوفمبر 2020مـ

القيادة في الإسلام ليست منفصلة عن المبدأ، بل هي جزء جوهري فيه، والقيادة الفعلية التي باشرها الرسول للمسلمين في المدينة المنورة هي القاعدة السياسية الأساسية لكل قيادة إسلامية تأتي من بعده، والعقيدة الإسلامية هي أساس القيادة وقاعدتها، والالتزام بثوابت هذه القيادة ومعاييرها هو فرض على كل قائد، لأنّها أحكام شرعية واجبة الاتباع، وبهذا المفهوم يكون الرسول هو القائد الأسوة الدائم للمسلمين في كل مكان وزمان، لأنّ القيادة في الإسلام تعني النهج الذي يلتزمه القائد بما يشمله من التزام بالقاعدة الفكرية وما ينبثق عنها من أحكام وما يُبنى عليها من أفكار.

ومن أبرز سمات هذه القيادة:

1- العالمية:

فالقيادة في الإسلام ليست إقليمية ولا محلية، وليست قومية ولا وطنية، وليست عشائرية ولا قبلية، قال تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ﴾ أي أنّ الإسلام يجب أنْ يُحمل إلى العالم، وأنْ يظهر على جميع الأديان والملل والمبادئ والحضارات. وقال تعالى: ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً﴾ فهو رسالة إلى البشرية جمعاء وليس إلى العرب أو المسلمين وحدهم، فقيادة الإسلام هي قيادة لكل العالم، أي هي قيادة لأمريكا وروسيا والصين وفرنسا وجميع الدول، والرسول كما أنّه رسول العالمين فهو أيضاً قائد البشرية وقائد العالم.

وإنّ تخاذل القيادات القائمة في البلاد الإسلامية اليوم وخيانتها وعمالتها للأجنبي لا يُغيّر من واقع الحكم الشرعي، فالرسول عليه الصلاة والسلام كان قائدا عالمياً في المدينة المنورة بالفعل، فهو بدأ بالمدينة على صغرها لكنه أراد الانتهاء بالعالم كله، فأرسل الرسائل إلى كسرى وقيصر والمقوقس... يدعوهم إلى الإسلام قبل أنْ يفتح مكة، قال تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَافَّةً لِّلنَّاسِ﴾، فأرسله الله سبحانه وتعالى إلى الجن والإنس وليس إلى الإنس فقط.

قال ابن كثير: "قال رسول الله : «أُعْطِيتُ خَمْساً لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ قَبْلِي: نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ، وَجُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ مَسْجِداً وَطَهُوراً، فَأَيُّمَا رَجُلٌ مِنْ أُمَّتِي أَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ فَلْيُصَلِّ، وَأُحِلَّتْ لِيَ الْغَنَائِمُ، وَلَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي، وَأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ، وَكَانَ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ، وَبُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ عَامَّةً»، وفي الصحيح أيضا أنّ رسول الله قال: «بُعِثْتُ إِلَى الْأَسْوَدِ وَالْأَحْمَرِ»، قال مجاهد يعني: الجن والإنس، وقال غيره: يعني العرب والعجم، والكل صحيح".

لذلك فالقيادة في الإسلام عالمية وليست محلية، ولا يجوز اقترانها بوطن أو بعرق أو بقوم، فلا يقال القيادة الإيرانية الإسلامية أو القيادة العربية الإسلامية أو القيادة التركية الإسلامية بل يقال القيادة الإسلامية فقط، لأنّها قيادة لجميع الشعوب ولجميع الناس.

2- الشدة على الكفار والرحمة بالمسلمين:

وهذه سمة قرآنية مُتميّزة اقترنت بقيادة النبي محمد ، قال تعالى: ﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ﴾ ودلالة هذه السمة تعني المفاصلة والتمايز بين المسلمين والكفار، فلا تعايش ولا تداخل بين جماعات المسلمين وجماعات الكفار، فحكم الإسلام بالنسبة للكفار يعني خضوعهم التام للسيادة الإسلامية وإذعانهم الكامل لأحكام الإسلام، ولا وجود لحرية الرأي والمعتقد في دار الإسلام بتاتاً.

لذلك تُعتبر مؤتمرات وحوارات الأديان مفاهيم تبشيرية غربية مُضللة هدفها حرف الإسلام عن طريقته في العيش، وإبعاده عن مقاييسه في الحلال والحرام، وكل من يروّج لها فهو قطعاً مرتبط بالغرب الكافر ارتباط عمالة أو ارتباط مصلحة وجهالة.

3- وجود دولة الخلافة كآلية وطريقة لتجسيد مفهوم القيادة:

لا تكتمل القيادة ولا تتجسد إلا من خلال وجود دولة الإسلام (الخلافة)، وهي الطريقة الوحيدة التي تظهر فيها القيادة الحقيقية للإسلام، فلا تصلح القيادة القطرية والقيادة القومية والقيادة الوطنية كنماذج للقيادة الإسلامية، كما لا تصلح القيادة الفردية للتعبير عن واقع القيادة في الإسلام.

وقيادة دولة الخلافة تعني بالضرورة قيادة العمل الجهادي لحمل الدعوة الإسلامية إلى العالم من خلال جيش الدولة الإسلامية الذي يجعل الجهاد في سبيل الله مُتاحاً لجميع أبناء الأمة.

فالقيادة في الإسلام هي عينها قيادة الرسول للمسلمين، وهي نفسها القيادة التي تُطبّق أحكام الإسلام في الداخل، وتحمل الإسلام إلى العالم عن طريق الدعوة والجهاد في سبيل الله، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ﴾، وقال سبحانه: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ﴾.

فإدارة القتال في سبيل الله من خلال الدولة الإسلامية وتحريك الجيش الإسلامي هو جزء لا يتجزأ من عمل القيادة الإسلامية، وكذلك مواجهة الأعداء بكل أصنافهم وألوانهم ولجم المتطاولين منهم على رموز الإسلام هو من صميم عمل القيادة الإسلامية.

وهذه هي أبرز سمات القيادة النبوية والقيادة الإسلامية.

بقلم الأستاذ أحمد الخطواني

No comments:

Post a Comment