Saturday, December 29, 2018

توقع العدالة من الظالم

توقع العدالة من الظالم
(مترجم)

الخبر: سلمت محكمة المساءلة بتسليم رئيس الوزراء المخلوع نواز شريف حكما بسبع سنوات في السجن في قضية الفساد المتعلقة بمصنع العزيزية للصلب، وبرأته في قضية "فلاغ شيب للاستثمارات". (الفجر الباكستانية)
التعليق:
كان لهذا الحكم ردود فعل متعددة من الناس، والتي تدور حول وجهة نظر واحدة تتعلق بمدى موثوقية مكتب المحاسبة الوطنية في باكستان. البعض اعتبر الأمر وكأنه استئصال جراحي لنواز شريف من المشهد السياسي بينما يحلم آخرون في تقديم جميع اللصوص للعدالة. تم الاعتراف بمكتب المحاسبة الوطنية، الذي أنشئ في عام 1999، على أنه رمز للخوف أكثر من العدالة. فإذا ما تم نقل الأمر إلى مكتب المحاسبة الوطنية، فيجب اعتباره في طي النسيان وسيعلن أن في الأمر ريبة ولكنه سيخفق في حل المشكلة. كانت هناك تحقيقات مع الدائرة الرسمية ظلت معلقة لسنوات. ومثل هذا التأخير يخلق الكثير من الشكوك. إن الحادثة الأخيرة لوفاة أستاذ وهو مقيد بالأصفاد أثناء احتجازه في مكتب المحاسبة الوطنية أرسلت موجات صادمة عبر الأمة. فقد توفي الرجل الذي كان في الحجز القضائي خلال الشهرين الأخيرين في انتظار العدالة وقد كان في حاجة ماسة للمساعدة الطبية. إن جثمان هذا المعلم الذي فشل في الحصول على العدالة هو ضربة لمشاعرنا، وظلال الجريمة التي ارتُكِبت أم لم تُرتَكب ستلازم أسرته إلى الأبد.
أصبح نواز شريف أول رئيس وزراء لباكستان عام 1990 ومنذ ذلك الحين تجدد بقاؤه في المكتب لثلاث مرات. يمنح القانون المطبق في باكستان فرصة لنواز شريف للطعن في إدانته الأخيرة. ولن يمر نواز شريف، الذي يعيش أبناؤه في الخارج (مع احتمالية عدم العودة أبداً)، بوقت صعب فحسب، بل سيعاني حزبه السياسي أيضاً. فإذا ما نظرنا عن كثب إلى الوضع، فإننا سنرى عدم الشفافية في نظام العدالة. وبينما سنشهد محاكمة المدانين المشهورين على وسائل الإعلام، إلا أننا لن نرى أبداً الأصول الوطنية المسروقة، ولن نرى أبداً أنهم سيحاكمون أو يعاقبون بسبب بيع كرامة وشرف أمتهم. يبدو الأمر كما لو أن الملك الفاشل تمت تنحيته فيما يجري تحضير التاج لخلفه التالي، ولهذا السبب، تصبح الآلية بأكملها فاعلة دوارة.
على النقيض من ذلك كله، يمتلك الإسلام نظام عدالة ومساءلة واضح المعالم. إنه نظام كامل وجاهز للتطبيق ولا يترك مجالاً للتجريب والتجديد من أجل الحصول على منفعة شخصية. لا تستطيع مؤسسات مثل مكتب المحاسبة الوطنية تحقيق العدالة للمجرمين أمثال نواز وآصف علي زرداري. إن أكبر جريمة ارتكبوها هي تعطيل أحكام الله سبحانه وتعالى والواجب أن تكون عقوبتهم من أحكام الله وشرعه. وبموجب الشريعة الإسلامية، تحدد "محكمة المظالم" وقوع الفساد ويرأسها قاض يتمتع بالسلطات القضائية ذات الصلة برفع الضرر الواقع من الأفعال الظالمة ومحاكمة من يرتكبها أيا كان، حتى لو كان رئيس الحكومة. إن العدالة ليست شكلاً من أشكال الانتقام، ولكنها وسيلة لتحقيق المساواة في ظل رعاية شؤون الأمة. وهذا لا يوجد المساواة في المجتمع فحسب بل يزيد من ثقة الناس ببعضهم بعضاً وبالدولة أيضا.
﴿إَنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً﴾ [سورة النساء: 58]
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
إخلاق جيهان
  21 من ربيع الثاني 1440هـ   الموافق   الجمعة, 28 كانون الأول/ديسمبر 2018مـ

No comments:

Post a Comment