Sunday, July 28, 2013

من شبكة الناقد الاعلامي: الانتحار السياسي

من شبكة الناقد الاعلامي: الانتحار السياسي

الجمعة, 24 حزيران/يونيو 2011 08:32
بقلم: ابو المأمون – فلسطين
مما لا شك فيه ان الانتحار- قتل النفس عمداً - يعتبر كبيرة من كبائر الذنوب،واثم من اعظم الاثام وهو حكم معلوم من الدين بالضرورة لا يختلف فيه اثنان من المسلمين قال تعالى: (وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ) ويقول المصطفى علية الصلاة والسلام: (مَن قتل نفسه بشيء في الدنيا عذب به يوم القيامة ) رواه البخاري،وهو فوق حرمته امر مخالف للفطرة ولما هو مركوز في الانسان من غريزة حب البقاء ولذلك كان الاقدام على الانتحار احدى الاشباعات الشاذة لهذه الغريزة وهو امر نادر الوقوع في بلاد المسلمين رغم سوء اوضاعهم في كافة الميادين سياسيا واقتصاديا وامنيا...الخ.
اما الانتحار السياسي فهو منتشر حتى يكاد يكون ظاهرة و يمارس من بعض السياسييين والحكام والحركات في البلاد الاسلامية وبشيء من الاستحسان وصار كثير من الناس لا ينظر الى مرتكبيه بعين الغضب والاستقباح فما هو الانتحار السياسي وما هي اسبابه ودوافعه وما هي نتائجه ؟
. تعتبر الاستعانة بالاجنبي ماليا او عسكريا او سياسيا او باي صورة من صور الاستعانة اوتسليمه قضية من قضايانا ليكون فيها قاضيا ومحكما انتحارا سياسيا فالعدو يستعدى ولا يستعان به وقد حذرنا المصطفى عليه الصلاة والسلام من ذلك فقال ( انا لا نستعين بكافر ) وقال: ( لا تستضيئوا بنار المشركين ) وتعتبر الاستعانة بالاجنبي انتحارا لان فيها قتلا للقضية المستعان به من اجلها بل قد توصل الاستعانة الى رهن ارادة البلد المستعين ومقدرتاه لتصبح في يد هذا العدو فتصبح البلد تحت نفوذه وسيطرته ويصبح هذا الاجنبي صاحب الكلمة والسلطان وصاحب السيادة في هذه القضية ان لم يكن في البلد ككل، وانه اذا كان قتل النفس لا تتعدى اثاره ونتائجه فاعله والمقربين منه فان الانتحار السياسي يتعدى مرتكبه ليصيب شعبه او امته او قضيته في مقتل ولذلك كان الانتحار السياسي اكثر خطورة واكبر مصيبة من حالات الانتحار الفردية.
يعود السبب في انتشار فكرة بل وتفشي ظاهرة الانتحار السياسي وممارستها من قبل "محترفي" موظفي السياسة في بلاد المسلمين من حكام واوساط سياسية فاسدة واحزاب علمانية وحتى (اسلامية ) ناتج عن سياسة التلويث الفكري التي مورست على الامة الاسلامية منذ عقود. فبعد ان أزيلت الدولة الاسلامية من الوجود سنة 1924 -وبسياسة ومنهجية الانتحار السياسي- ومع سيطرة الكافر المستعمر المباشرة على بلاد المسلمين , حاول الغرب الكافر المستعمر تسميم الافكار الاسلامية باحلال ثقافته وافكاره الهدامة ومفاهيمة المغلوطة محل الافكار الاسلامية ,و جعل حضارته ومفاهيمه ومكونات بلاده وتاريخه وبيئته المصدر الاساسي لما نحشوا به ادمغتنا،ولم يكتف بذلك بل عمد الى تسميم الاجواء بافكاره واراءه السياسية والفلسفية فافسد بها وجهة النظر الصحيحة عند المسلمين , وافسد بها الجو الاسلامي وجعل سخصيته مركز دائرة الثقافة والفكر , وموضع الإتجاه والبوصلة وقِبلة أنظار السِّياسيين أو محترفي السياسة فاصبحت فكرة الإستعانة بالأجنبي والإتكال عليه نهجا وسياسة متبعة، دون ادراك أن ربط قضيتنا بغيرنا وبغير عقيدتنا ومبدئنا هو انتحار سياسي يصيب الأمة الإسلامية في مقتل..ولذلك فان اي حركة تستعين بالكافر المستعمر تكون قد تسممت بالفكر الاجنبي مسبقا , وتكون قد فسدت نظرتها عن الحياة ولذلك فان تبني فكرة الاستعانة بالاجنبي كفكرة وكمنهج سياسي هو نتيجة للتسمم الفكري ونتيجة الافتتان بثقافة الغرب والانضباع بحضارته ومفاهيمه.
ولو عدنا الى التاريخ نقلب بعض صفحاته السوداء لنرى ماذا حدث للأمة الاسلامية عندما استعان بعض أبناءها بالأجنبى.
فمثلا تعتبر حادثة ( ابن العلقمي ) صاحب الجريمة النكراء، في ممالأة "هولاكو" على غزو بغداد مثلا تاريخيا لخطورة سياسة الاستعانة بالاجنبي، بل والتصقت به حتى صار اذا ذكر ابن العلقمي ذكرت الخيانة واذا ذكرت الخيانة ذكر ابن العقلمي.فهذا الرجل الوزير استعان بالتتار لإسقاط حكم العباسيين في بغداد عام 656 هجريه 1258 م.والكل يعرف ما نتج عن ذلك من قتل الخليفة والقضاةِ والفقهاءِ والأمراءِ والأعيانِ و قوادِ الأمةِ وطلائعها بدونِ أي جهدٍ من التترِ، ثم مالوا على البلدِ فقتلوا جميعَ من قدروا عليه من الرجالِ والنساءِ والولدان والمشايخِ والكهولِ والشبانِ وقد قتلوا من المسلمين ما يقالُ إنهُ بضعةُ عشر ألفِ ألفِ إنسانٍ أو أكثر أو أقل وقتل الخطباءُ والأئمةُ، وحملةُ القرآنِ، وتعطلت المساجدُ والجماعاتُ والجمعاتُ مدة شهورٍ ببغداد.
ومثال تاريخي اخر من امثلة الانتحار السياسي الفعلة الشنعاء والجريمة النكراء للخائن "الشريف"حسين بن علي فقد كان القضاء على الخلافة العثمانية هدفا استعماريًا استراتيجيا وتمزيق الامة إلي دويلات كرتونية هزيلة تابعة له فتعاون حسين بن علي مع الانجليز فى ذلك الوقت وقاد ما يسمى بالثورة العربية الكبرى التي اجهزت على الخلافة الاسلامية على امل ان يقيموا له دولة عربية واحدة يتوج ملكا عليها فلا ملكا صار ولا خلافة ابقى وكانت هذه اكبر مصيبة حلت بالمسلمين في التاريخ ما زالت الامة الاسلامية تعيش نتائجها المدمرة واثارها المزلزلة والحال يغني عن المقال.
وهناك امثلة اخرى حية من الانتحار السياسسي ما فعلته القوى والاحزاب السياسية في العراق حين استعانت بالغرب وامريكا للتخلص من ظلم اصابهم واذا بهم يقعون ويوقعون اهل العراق تحت نير الاحتلال الامريكي وصار البلد كله بمقدراته وخيراته وثرواته تحت سيطرة ونفوذ الامريكان ونهبة لهم وعاد العراق الى الوراء عشرات السنين وبدل التخلص من الظلم اذا بهم يعيشون الان ظلمات بعضها فوق بعض فكان حالهم تماما كالمستجير من الرمضاء بالنار.
واذا نظرنا الى ما يجري الان في ليبيا حين ربط المجلس الانتقالي في ليبيا الخائن للثوار مصير البلد بالغرب والاستعانة به وجلبه لاسقاط نظام السفاح القذافي سنرى فظاعة المصير المنتظر لليبيا واهلها.لهذا يستطيع المراقب مسبقا ومن الان الحكم على الثورة في ليبيا بالانتحار السياسي قبل ان تكتمل فصولها وحلقاتها. فاذا ما تم لهم ما ارادوا وتخلصوا من السفاح القذفي – صنيعة الانجليز – فانهم ومن الان صاروا مربوبطين بالغرب ربطا محكما لا فكاك منه،ولو اراد الغرب ان يتخلص من القذافي لتخلص منه في يوم بل في ساعات لكنه – وعلى لسان قادة المجلس – يتباطىء وذلك حتى يحكم قبضته على الثوار ويكون وجوده في البلد مطلبا جماهيريا وهدفا يبتغى.
ولننظر الى قضية المسلمين في فلسطين وما حل بها وما وصلت اليه كيف تقزمت من قضية اسلامية الى قضية عربية الى قضية فلسطينية الى قضية فصائل ومنظمات الى تقسيمات 67 و 48 ثم الى قضية مستوطنات وجدار وحصار...الخ وذلك بسبب سياسات الانتحار السياسي واللجوء الى الاجنبي للاستعانة به في حل القضية حتى صارت قراراته الجائرة مطلبا تنادى به القوى والفصائل الفلسطينية التي اختطفت القضية من اصحابها الشرعيين( الامة الاسلامية ) فمذ ادخلت القضية اروقة الامم المتحدة ودهاليز مجلس الامن و خرائط طرق المستعمرين ضاعت القضية فلا دولة فلسطينة – مسخا - اقاموا ولا قضية ابقوا ولاحقوهم في لقمة العيش حتى تحولت "المنح" المالية للسلطة الى محن وابتلاء ات لترويض اهل فلسطين للقبول بالحلول السلمية والمشاريع الاستعمارية لحل القضية وتصفيتها.
إنّ مجرد التفكير بالاستعانة بالأجنبي في أي بلد اسلامي وفي أي قضية مهما صغرت يعتبر جريمة يحرمها الاسلام فضلا عن كونه انتحارا سياسيا. فالاجنبي يضرب بالنعال وبالنبال ولا يستعان به فهو عدو وليس له صديق تماما كالافعى ليس لها صديق انما صديقتها فريستها وتحرم موالاة الكافر او الاستعانة به قال تعالى: ( يا ايها الذين امنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم اولياء تلقون اليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق ) الممتحنة 1 وقال ( ان الشيطان لكم عدوا فاتخذوه عدوا ) فاطر 6 وكل من يستعين او ينادي بالاستعانة بالاجنبي يعتبر خائنا لله ولرسوله وللمسلمين قال تعالى:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (الأنفال:27)

No comments:

Post a Comment